أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

بحيرة تونس الجنوبية.. رزق وسكينة لعشاق صيد البحر

مدار الساعة,أخبار السياحة في الأردن,درجات الحرارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - يتأملون زرقة الموج الهادئ المنساب من عمق بحيرة تونس الجنوبية ليتكسر على الصخور المتراكمة على ضفافها.

يستنشقون نسمات الهواء العليل المشبع باليود لتكتمل في النفوس حالة الهدوء والاسترخاء، وسط أجواء وادعة صافية.

لكنهم أيضا ينتظرون رزقا من صيد البحر وطعامه الحلال، يخرج إليهم معلقا بخيوط صنارات ألقوها محملة بطُعم تختلف أشكاله وألوانه، لتصيد لهم لحما طريا من أسماك المياه المتموجة.

هكذا يقضي عدد كبير من الصيادين التونسيين الهواة، ساعات طويلة على ضفاف القسم الجنوبي لبحيرة تونس العاصمة، في ممارسة هوايتهم المفضلة، وجني الرزق والسكينة .

وفي لقاء الأناضول مع بعض هؤلاء الصيادين لتقصي قصص شغفهم بهذه الهواية يقول محمود الشارني (موظف بشركة خاصة) إنها "تعلم الصبر وتمنح راحة نفسية وتجعل الصياد في انسجام مع البحر ونسمات الهواء العليلة ليرافق الطبيعة ويتمتع بلحظات جميلة مثل تلك التي تحين مع غروب الشمس وشروقها".

ويتابع الشارني البالغ عمره 43 عاما حديثه للأناضول بالقول: "بدأت قصة غرامي بالصيد في سن الحادية عشرة، حين كنت أرافق جيراني الذين يخرجون كل أسبوع، فتعلمت منهم ذلك، ورافقني الشغف وحب هذه الهواية حتى اليوم، حيث أخرج رفقة أصدقائي لنقضي ساعات هنا تمنحنا هدوءا وراحة للبال بعد ضغط العمل والمشاكل اليومية".

وتبلغ مساحة بحيرة تونس الإجمالية 40 كيلومترا مربعا، وتمتد الطريق التي تشقها على مسافة 5 كيلومترات، هناك تتواجد على جانبي الطريق سيارات هواة الصيد الذين عادة ما يصطحبون معهم أبناءهم الصغار ليرسخوا لديهم تقاليد هذه الهواية.

ويوجد في الطرف الشرقي للبحيرة، الميناء التجاري القديم، الذي تم إنشاؤه زمن الاستعمار الفرنسي عام 1893، ويحدها شمالا خط سكك حديدية قطار الضاحية الشمالية (تي جي ام) الذي يربط العاصمة بضواحي حلق الوادي وقرطاج والمرسى منذ سنة 1872.

ويتوسط البحيرة جسر رادس على ارتفاع 20 مترا، ثم الميناء التجاري الذي يعد أكبر ميناء في البلاد، حيث ترسو سفن الشحن، ويكتظ بالحاويات والشاحنات ورافعات البضائع .

بعيدا عن اكتظاظ وضجيج الميناء يجلس علي التونسي (66 عاما)، تحت مظلة خضراء تقيه أشعة الشمس، وتحيط به مستلزمات الصيد من خيوط و إبر وسكين وإناء يضع فيه صيده وعلب الطعم.

يستمع على لراديو صغير "يمثل رفيقا جيدا لكل صياد حيث بإمكانه الاستماع لمباريات كرة القدم والأخبار والأغاني ليؤنس بذلك وحدته طيلة أوقات انتظار الظفر بسمكة تعلق بصنارته" على حد تعبيره.

وعن قصته يقول علي للأناضول إنه كان يأتي إلى هذا المكان منذ صغره، حيث يجد صيادين أوروبيين، لاسيما من الجنسية الإيطالية، يمارسون هذه الهواية، فتعلم عنهم ذلك.

ويضيف للأناضول أنه منذ ذلك الحين لم ينقطع عن الصيد، ورافقته هوايته حين سافر لفرنسا، حيث أقام لسنوات طويلة لم تؤثر على علاقته الوثيقة بالصيد وشغفه به، بل مارس هناك هوايته أيضا كلما سنحت الفرصة وتوفرت أوقات الفراغ .

ويوظف بعض الصيادين التكنولوجيا الحديثة لرصد حالة الطقس وتتبع الشواطئ المناسبة تبعا لشدة هبوب الرياح أو تساقط الأمطار من عدمه.

ويؤكد خميس شقرون، أحد الصيادين، للأناضول أن "الأمر ليس اعتباطيا فيجب أن يخطط الصياد لرحلته ويستأنس بالتطبيقات التي توفر معلومات عن درجات الحرارة وهبوب الرياح وتساقط الأمطار ليستطيع التمتع بهوايته".

وكانت بحيرة تونس التي تقع بين مدينة تونس وخليجها، تمثل جزءا من الخليج قبل أن تعزل عنه في القرن السادس عشر الميلادي بفعل تراكم الطمي المترسب القادم من روافد وادي مجردة ووادي مليان.

وفي عام 1885 حفرت شركة فرنسية قناة للملاحة تربط بين البحيرة والبحر المتوسط ما قسم البحيرة إلى شطرين، هما البحيرة الشمالية والبحيرة الجنوبية.

بحيرة تونس الجنوبية، رغم مشاكلها البيئية، إذ تعاني من تراكم النفايات على جانبيها ووجود آثار لزيوت ووقود المراكب في المياه، لكنها تجذب، أيضا، هواة رياضة التجديف إذ تنتشر فيها قوارب التجديف ليمتزج مشهد حركات الصيادين المتمركزين على ضفافها وهم يلقون ويجذبون خيوط صناراتهم بحركات المجدفين ذات اليمين وذات الشمال.

يحرك المجدفون، بقوة عضلاتهم، قواربهم الصغيرة التي تواجه الأمواج والهواء لتسير بثبات وتحافظ على توازنها وسط المياه، مثلما يحافظ الصياد الهاوي على تركيزه وصبره لساعات طوال وهو على ضفافها، في لوحة نابضة بحب الحياة. الاناضول

مدار الساعة ـ