زمان كنا نتابع التلفاز، ونعجب بصرامة (سوسن تفاحة).. أنا لما أشاهد هذه السيدة تبتسم أبداً، كانت تمثل الهيبة, بتسريحة شعرها وبصوتها.. وبلباسها..
كنا نتابع إخلاص يخلف أيضاً, كانت جميلة جداً وهادئة, إذا وضعوها كمقدمة أخبار تجيد التقديم, وإذا ذهبت للبرامج الحوارية تبدع, وإذا خرجت على خشبة المسرح كي تقدم حفلاً على الهواء مباشرة.. فمن المستحيل أن تجد غلطة واحدة في النحو أو اللفظ أو مخارج الحروف..حتى الزميلة سهى كراجة والتي اختفت عن الساحة مؤخراً, لم اتخيل أنها استضافت أحدهم وقامت بإعداد الأسئلة مسبقاً, كانت تمتلك وعياً خاصاً يؤهلها لأن تنتج من الحوار ألف سؤال.. وكان وعيها أحياناً كمقدمة يتفوق على وعي الضيف ذاته..لانا مامكغ, سمر غرايبة.. ودعوني أقف عند سمر, السيدة البسيطة المثقفة التي لا تمارس التصنع أبداً, والمخلصة لمهنتها والمليئة بالموهبة...حتى سوزان عفانة حين كانت تظهر كي تقرأ النشرة باللغة الإنجليزية, تشعر بأن حضور هذه المذيعة يطغى تماماً على الشاشة, تستولي على المشاهد وتجعله يستمع باهتمام.. وهو يحاول أن يلملم الجمل ويترجمها في رأسه..لماذا اختفت هذه النماذج, لماذا حلت القشور (والصهونة).. والادعاء, وأدوار الضحية.. أنا اعرف أني أطرق الموضوع كثيراً في مقالاتي, لكن النماذج التي ذكرتها لم تقدمها الشاشة الأردنية كنماذج في الجمال.. والموضة، بل وصلن للشاشة على قاعدة الوعي والثقافة.. والتفوق..المشهد يؤلم, حقاً يؤلم بكل ما فيه.. حين أشاهد أن الوعي انقلب (لصهونة)، وحين أشاهد أن الصرامة والوقار.. انقلبت للبحث عن دور الضحية, حين اشاهد أن المؤهلات غبن تماماً وحل مكانهن الوجه الذي يعج بعمليات التجميل... وحين اقلب صفحات «الفيس بوك» وكلما رفعت الشاشة لفوق تظهر مذيعة، أنا حقيقة لا أعرف من أي مدرسة أو جامعة تخرجت.. فقط تحاول أن تضحك لوحدها، دون أن تدري أن ضحكتها تثير اشمئزاز المشاهد..اللوم لا يقع عليهن.. اللوم يقع على المحطات الفاشلة, التي تبحث فقط عن عدد المشاهدات واللايكات... وتبحث عن (الشو أوف).. وتكذب علينا وتكذب على نفسها, في ظل غياب الرقابة..من حقنا أن نعتذر للسيدات الأردنيات اللواتي أسسن مداميك الإعلام الأولى في هذه البلد.. من حقنا أن نعتذر لإخلاص وسوسن تفاحة وسهى كراجة, لانا مامكغ, سمر غرايبة.. وغيرهن من اللواتي جعلن الشاشة الأردنية... مصدر فخر لنا, من حقنا أن نعتذر لهن على حجم الانحدار الذي حدث.. وحجم الفوضى التي اندلعت.وتسألونني.. كيف تحطم هذا الجيل؟Abdelhadi18@yahoo.comالرأي