يصادف اليوم الذكرى السنوية الثانية لبدء العمل بقانون الدفاع رقم (12) لسنة 1993، حيث صدرت الإرادة الملكية السامية بتاريخ 17/3/2020 بالموافقة على قرار مجلس الوزراء تفعيل قانون الدفاع، وذلك في ضوء إعلان منظمة الصحة العالمية انتشار وباء كورونا، ولحماية السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة.
وقد أصدر رئيس الوزراء بالاستناد لهذا القانون (35) أمر دفاع خطياً والعديد من البلاغات اللازمة لتنفيذها، والتي تضمنت وقف العمل بالقوانين العادية بالقدر الكافي لموجهة خطر انتشار الوباء.وفي ضوء التصريحات الحكومية الأخيرة بأن جائحة كورونا قد أصبحت «خلفنا»، فقد ثار تساؤل مشروع يتعلق بمدى الحاجة إلى الإبقاء على قانون الدفاع، حيث يرى البعض ضرورة وقف العمل به بعد عودة كافة مظاهر الحياة إلى طبيعتها.إن وقف العمل بقانون الدفاع يُفترض أن يرتبط بزوال الأسباب التي استند إليها مجلس الوزراء في قرار تفعيله، والمتمثلة في اعتبار منظمة الصحة العالمية كورونا وباء منتشراً والمحافظة على السلامة العامة. فإن ثبت أن منظمة الصحة العالمية قد غيّرت موقفها من هذا الوباء، وأنه لم يعد يشكل خطراً على الصحة والسلامة العامة، فلا مفر من القول إن قانون الدفاع قد أصبح في غير ذي حاجة له.وهنا يجب الإشارة إلى أن وقف العمل بقانون الدفاع يكون بذات الإجراءات الدستورية التي اتبعت عند بدء العمل به، إذ لا بد وأن يقرر مجلس الوزراء وقف العمل بهذا القانون وصدور إرادة ملكية سامية بهذا الخصوص. وعندئذ سيوقف العمل بقانون الدفاع، وستسقط حكماً كافة أوامر الدفاع والبلاغات الصادرة بمقتضاه.وسيكون لوقف العمل بقانون الدفاع وأوامره العديد من التبعات القانونية والاقتصادية والاجتماعية. فأمر الدفاع رقم (28) قد أوقف تنفيذ أحكام حبس المدين الصادرة استناداً لأحكام المادة (22) من قانون التنفيذ التي لا تتجاوز قيمتها (100) ألف دينار، كما أوقف تنفيذ الأحكام الجزائية التي تقضي بعقوبة الحبس في جرائم إصدار شيكات لا يقابلها رصيد عملاً بأحكام المادة (421) من قانون العقوبات في القضايا التي لا تتجاوز في مجموعها المبلغ ذاته.وعليه، فسيترتب على إعادة إحياء هذه النصوص القانونية اعتبار جميع قرارات حبس المدين السابقة والأحكام القضائية بجرائم الشيكات واجبة التنفيذ، وبالنتيجة سيزداد عدد الموقوفين والمحكومين في السجون وأماكن التوقيف.ومن المشاكل القانونية الأخرى التي سيحدثها وقف العمل بقانون الدفاع أن أوامر الدفاع ذات الصلة بحماية العاملين في القطاع الخاص من عدم إنهاء عقود عملهم وشمولهم ببرامج الحماية التي تقدمها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ستتوقف، وهذا ما سيتسبب في مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة.لذا، فإن الحاجة ماسة اليوم لوضع الخطط والبرامج التشريعية والإدارية لمواجهة تبعات وقف العمل بقانون الدفاع. فعلى الصعيد التشريعي، يجب الإسراع في إقرار مشروع قانون التنفيذ المعدل وإعادة النظر في أحكام حبس المدين لصالح التخفيف من حالاته، بالإضافة إلى سرعة إقرار القانون المعدل لقانون العقوبات لكي يتم التوسع في تطبيق العقوبات المجتمعية البديلة لمواجهة حالة اكتظاظ السجون.ومن القوانين الأخرى التي يجب إعادة النظر فيها قانون الصحة العامة، والذي دائماً ما كان يعتبره البعض الأساس التشريعي لمواجهة جائحة كورونا. فهذا القانون يكرس العديد من صلاحيات الضبط الإداري لوزير الصحة للتعامل مع الأمراض والأوبئة، إلا أنه بحاجة لإعادة النظر في نطاق هذه السلطات وطبيعتها، وذلك من خلال الاستفادة من التجارب المتعلقة بالتعامل مع جائحة كورونا.إن أي تأخير في وقف العمل بقانون الدفاع في حال انتفاء الغاية منه سيزيد من حجم الآثار المترتبة على إنهائه، ما لم تتدخل السلطتان التشريعية والتنفيذية كل ضمن اختصاصهما لتهيئة البيئة التشريعية والإدارية للتعامل مع تبعات إنهاء هذا القانون.laith@lawyer.com* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنيةالرأي
الذكرى السنوية الثانية لقانون الدفاع
أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
الذكرى السنوية الثانية لقانون الدفاع
أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
مدار الساعة ـ