فيما يتدفّق سيل من المهاجرين اليهود/البيض"الجُدد» على دولة العدو الصهيوني, وصل عددهم منذ بدء العملية الروسية العسكرية الخاصة في أوكرانيا حتى أول أمس/الاثنين (4800), بينهم (2700) من أوكرانيا, فيما غالبية الباقي من روسيا... بدأت تطفو على سطح الأحداث في إسرائيل تباينات جديدة/قديمة, حول الكيفية التي تتعامل بها دولة الاحتلال مع اليهود من أصول غربية وأخرى شرقية، وبخاصّة أولئك أصحاب البشرة السوداء كيهود أثيوبيا, حيث تمّ ويتِم التشكيك في «يهوديتهم» من قبل حاخامات وأحزاب سياسية، ما أثار ويثير انتقادات واسعة, أنهت و?و مؤقتاً «ظاهرة» المخيمات التي أقيمت لهم تمهيداً لفحص سجلاتهم ومعرفة صلتهم باليهودية، في اتّكاء واضح ومُعلن على رفض أصحاب البشرة السوداء, لتُضاف إلى سجل الدولة العنصرية ما «عاناه» اليهود الشرقيون/ على يد اليهود الغربيين/الاشكناز, الذين «أقاموا» دولة الاحتلال وقادوها منذ العام 1948 حتّى أيار 1977 عندما فازت اللائحة التي قادها مناحيم بيغين وحملت اسم «الليكود» وتعني بالعبرية «التكتّل»، في مواجهة لائحة تحالف حزب العمل/مابام تحت عنوان «همعراخ» وتعني بالعبرية «التجمّع»، كان بيغين وقتذاك نجح في التحالف مع عدد من ?لأحزاب الدينية والقومية المتطرفة الممثلة في معظمها للطوائف اليهودية الشرقية، أي يهود الدول العربية وبعض بلدان الشرق الأوسط الأخرى.. ما أجّج في حينه وقبله وما يزال صراعاً مفتوحاً وضارياً اتّخذ طابعاً طائفياً ومذهبياً بل وطبقياً, أضيف إليه لاحقاً يهود أثيوبيا/الفلاشا, منذ صفقة العار التي عقدها ديكتاتور السودان الأسبق جعفر النميري مع إسرائيل مقابل حفنة من الدولارات، بتواطؤ ودعم ورشوة أميركية تكشّفت لاحقاً.
ما علينا..إذ ورغم نجاح حكومات العدو المُتعاقبة في امتصاص بعض غضب يهود الفلاشا، وبخاصة بعد سقوط ضحايا منهم في العام 2019 (في عهد نتنياهو) برصاص الشرطة الإسرائيلية، فإنّ أحزاباً شرقية أضافت شخصيات منهم على قوائمها, وهم الآن يجلسون في الكنيست بـ"بشرتهم السوداء", وهناك منهم من غدوا وزراء في الحكومة الحالية في شخص وزيرة الهجرة والاستيعاب/ بنينا تامانو شطا, وهي الوزارة المعنية باستيعاب المهاجرين اليهود، عندما أطلقت الوزيرة أثيوبية الأصل مداخلة غاضبة خلال جلسة حكومة بينيت الأسبوعية, جاء فيها أنّ «إسرائيل تُمارس «نفاق الرجل?الأبيض» عبر تجاهلها اليهود الأثيوبيين الراغبين في الهجرة إليها، مُقابل فتح أبوابها ليهود أوكرانيا.. مضيفة في بكائية تفوح منها رائحة النفاق والتواطؤ الاستعماري الإحلالي الاستيطاني الذي تمارسه الدولة الصهيونية ضدّ الشعب الفلسطيني.. «أعمَلُ بلا كلل من أجل استيعاب من ينطبق عليهم (قانون العودة) من أوكرانيا، لكنني–واصلَتْ–أريد أن أسمع صوتاً آخر يتحدّث عن يهود أثيوبيا", كاشفة ضمن أمور أخرى كيف أنّ إسرائيل تستفيد–واستفادت سابقاً–من المآسي والحروب التي تعصف ببلدان أخرى كما يحدث الآن في أوكرانيا وحرب أثيوبيا على إقل?م تيغراي بالقول: «أُطالبُ بإنقاذ عاجل لمَن ينطبق عليهم قانون العودة من تيغراي وأثيوبيا, الذين يعيشون الحرب منذ عام", لكنّ أحداً لم يفتح فَمَه هنا من أجل من يستحقون قانون العودة من أثيوبيا.. هذا ببساطة – ختمت–نفاق الرجل الأبيض».الوزيرة الصهيونية الأثيوبية الأصل تتحدّث عن نفاق الرجل الأبيض, لكنّها تتجاهل عن قصد حدود التواطؤ والقبول, بالعنصرية الصهيونية المعروفة لدولتها المُصنفة دولة فصل عنصري لدى المنظمات الحقوقية الدولية مثل منظمة العفو الدولية/ أمنستي وهيومن رايتس ووتش الأميركية, لكنها لم ترفع صوتها مُعترِضة -على سبيل المثال- على التنكيل والقمع الذي مارسته دولتها ضدّ اللاجئين الأوكران (من غير اليهود بالطبع)، وكيف رفضتْ وزيرة الداخلية إيليت شكيد إخراجهم من مطار اللد المسمّى يهودياً مطار بن غوريون، حتّى أولئك الذين لهم أقارب داخل ?سرائيل ومِن هؤلاء مَن يحمل تصاريح إقامة طويلة الأمد.ولم نسمع بالطبع أيّ احتجاج أميركي أو أوروبي على تلك الممارسات العنصرية الفاضحة والمشينة, بل هم في الغرب «الأبيض» قارفوا العنصرية البغيضة ذاتها, ضد كل مَن هو غير أوكراني أوصاحب «عيون زرقاء", من الأفارقة أو العرب وخصوصا المسلمين بذريعة ان كل هؤلاء.. «لا يُشبهونَهم». الرأيkharroub@jpf.com.jo