على وقع حدث دراماتيكي أضفى على الحرب الدائرة الآن في أوكرانيا ظلالاً وأبعاداً متعددة، ونقصد هنا القصف الصاروخي الروسي على قاعدة تجميع للمرتزقة الغربيين والأسلحة التي يضخها حلف الناتو لأوكرانيا, والتي تُوصَف زوراً بـ«مركز حفظ الأمن والسلام», فضلاً عن شائعة/أكذوبة تمّ فبركتها في الغرف السوداء/الأميركية, سارعَت صحيفتا «فايننشايل تايمز» البريطانية و«واشنطن بوست» الأميركية, إلى نشرها نقلاً عن مسؤولين أميركيين أنّ «روسيا طلبتْ من الصين عتاداً عسكرياً منذ «غزوها» لأوكرانيا في الرابع والعشرين من شباط الماضي».
تقول على وقع وهدي العنوانين أعلاه, اجتمع يوم أمس في العاصمة الإيطالية/روما مستشار الأمن القومي الأميركي/جيك سوليفن مع كبير الدبلوماسيين الصينيين/مدير مكتب الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني/ يانغ جيتشي, بهدف تروم واشنطن تحقيقه وهو «امتثال» الصين للعقوبات الأميركية/والغربية التي تمّ فرضها على روسيا, تحت طائلة فرض عقوبات مماثلة وقاسية على بيجين.. الأمر الذي يبدو أنّه لم يتحقق, رغم التصريحات المُلتبسة التي أدلى بها سوليفان، فضلاً عن تمسّك الصين بمواقفها المُعلنة وهي أنّ «الأولوية القصوى لديها منع تصعيد ا?موقف المتوتر, أو حتّى خروجه عن السيطرة، ناهيك عن تكرارها بأنّ شراكتها مع موسكو.. قوية ومتماسكة».وإذ نفَت الصين «عِلمها» بما ردّدته الدوائر الغربية وروَّجت له على نطاق واسع, بأنّ روسيا طلبت تزويدها بعتاد صيني، فإنّ ضربة الصواريخ المكثفة على معسكر يانوريف, القريب جداً من حدود بولندا/الأطلسية والخاص بتدريب المرتزقة الأجانب جلّهم من دول حلف شمال الأطلسي، مُعلنة/موسكو أنّها قتلت 180 منهم ودمرت مخزناً للأسلحة الغربية التي تتدفق على المعسكر المذكور، فإنّ لقاء روما الصيني/الأميركي جذب اهتمام الدوائر السياسية والدبلوماسية في العالم، خاصّة الدور الذي يمكن للصين أن تلعبه بشأن ما يدور الآن في أوكرانيا، إن لجهة ا?تنام الفرصة السانحة لها الآن لإدارة ظهرها للمطالب/الشروط/التهديدات الأميركية المتغطرسة التي تريد فرض إملاءاتها عليها، أم خصوصاً قبولها الامتثال للعقوبات الأميركية والغربية المفروضة على روسيا, واختيار عدم الإبقاء على علاقاتها المتوترة والمرشحة لمزيد من التصعيد مع المعسكر الغربي, الساعي إلى تحجيم الصين واحتوائها بل وفرض حصار عسكري وتجاري عليها لاحقاً، حال تمكّن واشنطن من «شلّ» الاقتصاد الروسي على ما قال قادته, عندما شرعوا في فرض سلسلة العقوبات المتتالية على روسيا, ناهيك إذا ما وعندما يُصيبون نجاحاً في عرقلة/?و إفشال العملية الروسية الخاصة الجارية الآن في أوكرانيا، خاصة إذا ما قبلت موسكو وقفاً لإطلاق النار, أو نجح «الوسطاء» في جمع الرئيسين الروسي والأوكراني..هل قلنا وسطاء؟لا نحسب أنّ واشنطن قبِلت أو تقبل بالصين وسيطاً لحلّ الأزمة الأوكرانية، خاصّة أنّها حتّى الآن لم تدلِ برأيها في «عرض الوساطة» الذي أبدى رئيس الدبلوماسية الصينية/وانغ يي استعداده للقيام بها منذ أسبوع، بل واصلت «التشكيك» في حيادية الصين واتهام الأخيرة بأنّها لم تصف العملية الروسية بـ«الغزو»، وان واشنطن «تعتقد» ان الصين كانت على «عِلم» بأن بوتين يُخطط لعمل ما قبل ان يبدأ غزوه اوكرانيا. على ما قال وكرّر جيك سوليفان نفسه, فضلاً عن تحميل الصين واشنطن/وحلف الناتو مسؤولية إيصال الأمور إلى راهنها، زد على ذلك موقف ال?ين في مجلس الأمن وخارجه مما كشفته وزارة الدفاع الروسية عن وجود «30» مختبراً للأبحاث البيولوجية داخل أوكرانيا بتمويل أميركي, يتمّ نقل نتائج أبحاثها كما المختبرات الأخرى في دول أوروبا الشرقية ومنها جورجيا ولاتفيا إلى واشنطن، بل إنّ الصين طالبت الولايات المتّحدة بكشف ما لديها من معلومات.في السطر الأخير.. لم ينجح مستشار الأمن القومي الأميركي سوليفان في مهمته الصينية على ما يبدو، خاصّة بعد انكشاف أكذوبة طلب موسكو عتاداً من بيجين، ناهيك فشله في إقناع الصين بالضغط على موسكو لوقف النار، في الوقت الذي لم تلب واشنطن والناتو المطالب الروسية، ليس فقط في ضمان عدم قبول أوكرانيا في حلف الأطلسي، بل وأيضاً رفض واشنطن سحب قواتها وأسلحتها الاستراتيجية من الدول الأوروبية, بعد أن أعلنت موسكو أول أمس الأحد, أنّ الضمانات الأمنية التي طالبت بها قبل شروعها في عمليتها العسكرية الخاصّة، قد باتت «مُتقادمة", وأنّ ?وازين القوى الجديدة تفرض جدول أعمال مُختلف عمّا سبق يوم 24 شباط الماضي. الرأيkharroub@jpf.com.jo