مَن تابعَ وقائع جلسة مجلس الأمن الدولي/الطارئة, التي عُقدت أول أمس/الجمعة بناء على طلبٍ روسيّ, في شأن اتهامات موسكو للولايات المتحدة/وأوكرانيا بإدارة وتمويل شبكة مختبرات أسلحة بيولوجية ضخمة في أوكرانيا, إكتشف بغير عناء مدى اتساع الهوّة/والعداء التي تفصل بين المعسكر الغربي/وأتباعه.. وروسيا/والى حد ما الصين. خاصة في ظل تداعيات الأزمة الأوكرانية المتمادية فصولاً واحتمالات, بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة التي يُتوقّع وصولها الذروة هذا الأسبوع ربما بسقوط العاصمة كييف، بل والاحتمالات شبه المؤكدة بسقوط مدينة?ماريوبول الاستراتيجية, على نحو يغلق تماماً بحر آزوف أمام اوكرانيا ويحول دون دخول سفنها التجارية كما العسكرية اليه.
وإذ لم يتوقّف مندوبو المعسكر الغربي وعلى رأسهم الولايات المتحدة كما بريطانيا وفرنسا, زد على ذلك اوكرانيا والبانيا وبعض اعضاء مجلس الأمن غير الدائمين, الذين لا يَقوون على معارضة اوامر واشنطن خصوصاً ضغوطاتها وعقوباتها ومساعداتها.. نقول: لم يتوقف هؤلاء لـ «تفنيد» ما طرحه المندوب الروسي من معطيات وارقام ووقائع, خاصة إشارته الى برنامج «UP-4» الذي يَنظُم عمل وابحاث مختبرات الأسلحة الجرثومية في أوكرانيا, والتي وصل عددها الى «30» مُختبراً على ما قال مندوب روسيا/فاسيلي نيبينزيا، بل ذهبوا الى «تمييع» الموضوع وتكريس ?دودهم, التي تكاد تتطابق في مفرداتها ومصطلحها وما صوبت عليه من وقائع عسكرية وميدانية تدور على جبهات القتال، قاصدين تحويل الأنظار عن مسألة خطيرة تهم عموم البشرية ولا تقتصر على أوكرانيا ومختبراتها البيولوجية الـ «30»، لأن ما طرحته روسيا من وثائق ومعطيات وتجهيزات, يتعلق تحديداً بتشغيل ورعاية وتمويل هذه المختبرات وليس ثمة علاقة لها بيوميات الحرب الدائرة الآن. اللهم إلاّ في توظيف المعسكر الغربي لـ"أُحبولة» اخترعها وراح يكررها بل توقف, وهي ان موسكو تريد استخدام اسلحة كيماوية في أوكرانيا، وهي اتهامات تبدو متهافتة ?اصّة ان مندوبة الولايات المتحدة/ليندا جرينفليد, إعترفت فعلاً بوجود مختبرات كهذه ولكن بمفردات مُلتبسة عندما قالت: ان اوكرانيا لديها الحرية في استخدام معاملها، ونحن نُساعِدها على ذلك بشكل آمن». لكنها في الوقت ذاته رفضتْ مُقترحاً روسِياً باجراء «تحقيق دولي» يتولّى كشف الحقيقة ويحسم الأمور, ويبرهن للعالم صحة الاتهامات أم أنها مُجرّد «نظرية مؤامرة» على ما قال مندوبو واشنطن/ولندن/وباريس, وتيرانا/البانيا وكييف/ اوكرانيا...واذ ثمة مَن وقع في فخّ الحملة الإعلامية والإيديولوجية الضخمة/والمكثفة, التي تتولاها آلة الإعلام الغربية, إن لجهة أسباب الأزمة الأوكرانية بل وإنكار واشنطن وحليفاتها أنشطة المختبرات البيولوجية في أوكرانيا, وبخاصة برنامجها العسكري بتمويل اميركي، فإن مجرد رفض واشنطن تسليم الملف الى لجنة تحقيق دولية، انما يُؤشّر ضمن أمور أخرى, الى خشية الإدارة الأميركية كشف طبيعة هذا البرنامج وخطورته, حيث يقول الروس ان لديهم من الوثائق والمعطيات ما يُدين واشنطن/وكييف, خاصة بعد تسجيل زيادة في حالات الإصابة بالحصبة الألمانية والد?تيريا والسل في أراضي أوكرانيا, كما زاد معدل الحصبة بنسبة 100 مرّة, فيما اعلنت منظمة الصحة العالمية ان اوكرانيا مُعرّضة بشدّة لخطر تفشّي «شلل الأطفال", إضافة الى ذلك كشفت وزارة الدفاع الروسية ما أظهره تحليل تدمير/232 حاوية في مدية لفيف الأوكرانية,مع العامل المُسبب لمرض داء البريميات, و10 حاويات مع داء البروسيلات, وخمس حاويات مع الطاعون.للمرء تخيل الحماسة التي تبديها واشنطن والمعسكر الغربي ازاء اي «حادث» او اتّهام مُفبرك لأي دولة او تنظيم في العالم, عندها يقومون من فورهم بالدعوة الى تشكيل «لجنة تحقيق دولية» ويمارسونمن الضغوط ما لا يستطيع أحد مقاومته, بهدف توظيفه سياسياً على النحو الذي رأيناه في إغتيال رفيق الحريري أو تفجير مرفأ بيروت/ لم ينجحوا, دون ان ننسى ما فبركوه للعراق تمهيدا لتدميره واعلان قيام الشرق الأوسط الجديد.في المجمل: العودة لقراءة «النصوص» التي القاها مندوبو دول المعسكر الغربي الثلاث/واشنطن، لندن وباريس, إضافة الى مندوبي الدول الدائرة في فلكهم, تمنح المُدقّق فرصة لا تُعوض, لاكتشاف حجم النفاق والعدوانية الذي تتوافر عليه هذه النصوص. والتي تغرف من معين «استراتيجية التضليل» التي تتبعها هذه الدول, لتبرير خروجها على القانون الدولي وخدمة لمصالحها الأنانية, بعيداً عن الشعارات المزيّفة التي ما تزال تصدع رؤوسنا بها, حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والعالم الحر وحرية التعبير. والتي تجسّدت ميدانيا في نكبات ودمار وحروب وسف? دماء في فلسطين والعراق وافغانستان وسوريا واليمن وليبيا ودول اميركا اللاتينية وافريقيا والكاريبي, وتعميم ثقافة الفساد والانقلابات العسكرية والاغتيالات وعسكرة العلاقات الدولية وتوسيع لا يتوقف حلف الأطلسي, الذي يدّعون زوراً انه.."حِلف دفاعي».kharroub@jpf.com.joالرأي