انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم
مدار الساعة ـ
كورونا .. من واقع الحدث
مدار الساعة - كتبت: نادية ابراهيم القيسي
بدأت … كحلم مزعج .. لم نصدق حينها ما يحدث .. تلك الأحداث المتسارعة … الفوضى العارمة .. الذعر في كل بقاع الأرض .. ما بين إصابات .. وفيات .. اغلاقات … منع سفر و حظر تجول. أغلقت المساجد .. توقف قداس الكنائس .. ساد الصمت المطبق من هول الذهول .. لم يعد العالم الذي نحيا هو العالم الذي نعرف … أصبح كل شيء محط تكهنات … توجس … ترقب و خوف من المجهول … ما بين تصديق و تكذيب … اقتناع و انكار .. تسمرنا لنتابع كل شاردة و واردة أمام شاشات الأجهزة المتعددة بحثاً عن خبر جديد .. يُيقظنا من هذا الكرب … يقشع تلك الغمام المظلمة ذات السواد الحالك التي تخيم فوق رؤوسنا و تمتص طاقتنا كثقب أسود في مجرة اللا يقين. أصبحنا حينها كالغريق يتعلق بأي قشة أمل … كتلك الكلمات العبثية .. (كلها أسبوعين و بنشف و بموت) … و نحن بين جدران البيوت قابعين حائرين مبتهلين لله العلي العظيم … ( يا رب رجع للحياة الحياة).
هكذا بدأت جائحة ( كورونا ) التي غيرت العديد من المفاهيم و قلبت الموازين رأساً على عقب و أعادت ترتيب سلم الأولويات في حياتنا. فقد أصبح العالم كأنه سجن بلا قضبان … كُشفت فيه الكثير من الوجوة الحقيقة التي أُزيلت عنها الأقنعة و تعرت منها الإنسانية في المجتمعات التي كانت تدعي التحضر و المدنية. فتوارى فلاسفة التنظير .. انهارت الأنظمة الصحية .. تضررت بشكلٍ بالغ المنظومات الاقتصادية و أصبح الصراع .. بقاء الأقوى. كانت بدايات جائحة كورونا أيام عصيبة للكثير منا على مختلف المستويات و أهمها ما نتج من ضغوطات مادية و معنوية بسبب الحجر طويل الأمد الذي فرض آنذاك؛ بالاضافة للقلق المستمر من النواحي الصحية على أنفسنا و على من نحب. بعد ذلك بدأ التأقلم -نوعاً ما- بعودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً و خاصة مع ازدياد أعداد التعافي و الشفاء من هذا الفيروس و متحوراته المتعددة؛ لكن لحد الآن هذا بكل تأكيد لا يعتبر ذريعة أبداً للتهاون في الاجراءات الوقائية المضادة لفيروس كورونا فهو ما زال مصدر قلق كبير و خطير قد يودي بحياة الانسان لا قدر الله؛ -فاسأل من كان به خبيراً- … حيث قُدر أن أصاب به برغم كل الاحتياطات المتخذة و الحرص الدائم فبدأت أعراض كورونا تظهر بشكل صداع متفاقم متمركز حول العينين … غير مستجيب لكل محاولات الاقناع بأن يرحل بعيداً عني .. فلا مسكنات .. لا محاولات استرخاء .. أو كل تلك الأكواب المتعاقبة من المنبهات أثمرت عن أي جدوى تذكر … لتتوالى بعدها الأعراض .. فقدان الشهية … انحطاط القوى … القشعريرة القوية .. بالإضافة طبعا لزائرة الليل الحمى .. مصحوبة بألم ساحق في المفاصل و العظام … فتضيق الأنفاس تلو الأنفاس ما بين الوجع و المرض ليصبح كل ما في الجسد عبارة عن مصدر أنين .. لا يجابهه إلا بضع عقاقير و ابتهالات من قلب مؤمن رحماك يا رب العالمين. كورونا و أنا في غرفة معزولة -حفظاً على سلامة الأحبة-... قضينا سويًا أياماً لا تنسى .. لا فرح فيها و لا سلوى .. تدافعٌ مستمر لهواجس و خيالات ... هلوسات و ذكريات موشحة بالأحزان. فقد كانت حرباً ضروساً مليئةً بالصراعات ما بين الروح و الجسد … الحقيقة و الوهم .. شدة المرض و غريزة البقاء … حرباً مهما حاولتُ المقاومة فيها .. كل ليلةٍ … هُزمت و استسلمت رافعةً الراية البيضاء - كانت ما أقساها من ليالي و ما أصعبها من أيامٍ عجاف- أدركت فيها و بكل واقعية أن بالرغم من كل ما عرفت من أنواع الخيانات … أنه لا أقسى و لا أعظم من أن تخونك صحتك فيعجز فيها جسدك عن حملك و تخور قواك عن الدفاع عن وجودك فلولا رحمة ربك ما بقي فيك رمق و لا نفس. فعندما اختليت قسراً عن كل البشر كان الله وحده معك .. يؤنس وحدتك .. يرى ضعفك …يسمع بثك و حزنك و يستجيب دعواتك فالحمد لله دائما و أبداً الذي منَّ علي و على غيري بالشفاء من هذا الوباء و بدأتُ مرحلة التعافي بالرغم من بقاء آثار بعض أعراض المرض التي تحتاج فترات أطول للاختفاء.
فيروس كورونا سواء كان طبيعي أو مصنع هو فيروس حقيقي و ليس مجرد وهم كما يعتقد البعض؛ و ليس كل الأجسام مناعتها قوية و قادرة على مقاومته و عدم التأثر البالغ باصابته و تخطي مخاطره للنجاة من براثنه؛ فقد كانت الاصابه به بالنسبة للكثيرين تجربة قاسية تجاوزوها بصعوبة بالغة. و هنا لا ننسى كل تلك الأرواح الطاهرة التي انتقلت لجوار ربها بسبب هذا الفيروس اللعين و أُثقلت قلوب أحبتها بالجراح البالغة حزناً على خسارتهم. لذلك ما زال هناك واجب علينا جميعاً أن نتحمل المسؤولية المجتمعية و نبقى مستمرين آخذين بالأسباب في حماية أنفسنا .. أحبتنا و مجتمعاتنا من هذا الوباء المتفشي بكل الطرق الممكنة. و حفظنا الله جميعاً بحفظه دائماً و أبداً من كل داءٍ و بلاء. و الله من وراء القصد
مدار الساعة ـ