مدار الساعة - يواصل الجيش الروسي، الإثنين 7 مارس/ آذار 2022، هجومه الشامل في أوكرانيا، حيث يقصف خاركيف ثاني مدن البلاد، ويحاول تطويق العاصمة كييف، في وقت من المقرر أن تعقد خلال ساعات جولة ثالثة من المفاوضات الروسية الأوكرانية، لكن الأمل بنجاحها ضئيل.
طوال أمس الأحد دارت معارك عنيفة في ضواحي العاصمة الأوكرانية، ولا سيما حول الطريق المؤدي إلى جيتومير الواقعة على بعد 150 كيلومتراً غرب كييف، وكذلك في تشيرنيهيف التي تبعد 150 كيلومتراً شمال العاصمة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كذلك شهدت إيربين الواقعة في ضاحية كييف الغربية والتي تبعد نحو 20 كيلومتراً عن العاصمة، قصفاً عنيفاً، وقال رئيس بلدية إربين ألكسندر ماركوشين في تصريح صحفي، أمس الأحد، إن الهجوم الروسي أسفر عن مقتل 8 أشخاص بينهم طفلان.
ماركوشين أكد أن القوات الروسية تمكنت من السيطرة على جزء من المدينة، وأن الاشتباكات ما زالت جارية في إربين.
تيتيانا فوزنيوتشينكو (52 عاماً)، إحدى سكان إربين، قالت إنه "منذ الصباح وحتى المساء تعرضت كل المباني المتجاورة للقصف، ودخلت دبابة. كان الأمر مخيفاً، كنا خائفين. قبل ذلك، لم نعتقد أننا سنغادر".
من جانبه، يقف الجيش الأوكراني على أهبة الاستعداد لتدمير الجسر الأخير الذي يربط مدينة كييف ببقية المناطق غرباً، لوقف تقدم الدبابات الروسية.
الرقيب "كاسبر" من وحدة من المتطوعين الأوكرانيين، قال في تصريح للوكالة الفرنسية: "إذا تلقينا الأمر من القيادة، أو إذا رأينا الروس يتقدمون، فسنقوم بتفجير الجسر بأكبر عدد ممكن من دبابات العدو".
بالموازاة مع ذلك، يعزز جنود أوكرانيون الدفاعات حول العاصمة الأوكرانية، وحفروا خنادق وأغلقوا الطرق ونسقوا مع وحدات الدفاع المدني.
يتوقع مراقبون أن تكون معركة السيطرة على العاصمة الأوكرانية كييف دموية؛ إذ حصّن الجيش الأوكراني من مواقعه في العاصمة منذ بدء الهجوم على البلاد يوم 24 فبراير 2022، وتقول السلطات في كييف إنها ستدافع بقوة عن المدينة بوجه الروس.
في غضون ذلك، تعرضت مدينة خاركيف الواقعة في شمال شرق أوكرانيا، مساء الأحد لقصف جوي مكثف استهدف خصوصاً مجمعاً رياضياً تابعاً لجامعة محلية ومبانيَ مدنية.
هيئة أركان الجيش الأوكراني، قالت إن القوات الروسية تركز جهودها على خاركيف، وتشيرنيغوف شمال أوكرانيا، وسومي في الشمال الشرقي، وميكولاييف في الجنوب، وأضافت أن روسيا "تحشد مواردها لشن هجوم" على مدينة كييف.
يأتي هذا، بينما دخلت الهدنة الإنسانية التي أعلنتها روسيا من أجل إخلاء المدنيين في عدد من المدن الأوكرانية، حيز التنفيذ عند الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي (7:00 بتوقيت غرينتش).
يتضمن القرار الروسي وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية في 4 مدن أوكرانية وهي العاصمة كييف ومدن ماريوبول وخاركيف وسومي.
حصار ماريوبول
بالموازاة مع ذلك، واصل الجيش الروسي حصاره لمدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية على بحر آزوف، في جنوب شرق البلاد، حيث فشلت أمس الأحد محاولة ثانية للقيام بعملية إجلاء إنساني، واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بالاستعداد لقصف مدينة أوديسا على البحر الأسود.
من جهته، قال المتحدث العسكري الإقليمي سيرغي براتشوك إن صواريخ روسية أطلقت من البحر سقطت الإثنين 7 مارس 2022 على قرية توزلي في منطقة أوديسا، وأشار إلى أنها استهدفت "منشآت حيوية" لكنها لم تسفر عن إصابات.
كان فاديم بويشينكو، رئيس بلدية مدينة ماريوبول، قد قال إن أهالي المدينة يتعرضون للقصف منذ أيام، وإنه ينبغي إنشاء ممر آمن لإجلاء المدنيين.
يأتي هذا بينما من المقرر عقد جولة ثالثة من المفاوضات بين الروس والأوكرانيين اليوم الاثنين، لكن آمال النجاح ضئيلة، إذ وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شرطاً مسبقاً لأي حوار يتمثل في قبول كييف لجميع مطالب موسكو، ولا سيما نزع سلاح أوكرانيا وجعلها دولة محايدة.
بوتين أكد خلال محادثة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الأحد 6 مارس 2022، إنه "سيحقق أهدافه" في أوكرانيا "إما من خلال التفاوض وإما من خلال الحرب"، بحسب الإليزيه.
لكنه أكد أنه "ليس في نيته شن هجمات على محطات الطاقة النووية"، مبدياً "استعداده لاحترام معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لحماية محطات الطاقة".
ارتفاع أسعار النفط
وسط هذا التصعيد في الحرب الروسية الأوكرانية، والتوقف شبه التام للصادرات الروسية، فقد ارتفعت أسعار النفط، ولامس سعر برميل نفط برنت بحر الشمال 140 دولاراً صباح الإثنين، مقترباً بذلك من سعره القياسي المطلق.
إثر ذلك، تراجعت أسواق الأسهم في طوكيو وهونغ كونغ بأكثر من 3% صباح الإثنين. وارتفع سعر الذهب الذي يعتبر من الملاذات الآمنة إلى أكثر من ألفي دولار.
تأتي الزيادة في أسعار النفط بعدما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الأحد، إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يناقشان "بشكل نشط جداً" إمكانية حظر واردات النفط الروسي.
لكنّ وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عبّرت عن رفضها لفرض حظر على واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا في إطار عقوبات جديدة مرتبطة بغزو أوكرانيا.
بيربوك قالت إن فرض العقوبات سيكون "غير مجدٍ إذا اكتشفنا في غضون ثلاثة أسابيع أنه لم يتبق لدينا سوى أيام قليلة من التغذية بالكهرباء في ألمانيا وبأنه سيتعين علينا الرجوع عن هذه العقوبات".
أضافت بيربوك: "نحن مستعدون لدفع ثمن اقتصادي باهظ جداً"، لكن "إذا انطفأت الأنوار غداً في ألمانيا أو في أوروبا، فهذا لن يوقِف الدبابات".
يُشار إلى أن الهجوم الروسي على أوكرانيا أثار استنكاراً من كل أنحاء العالم تقريباً، ودفع أكثر من 1.5 مليون أوكراني للفرار من البلاد، كما دفع الغرب إلى فرض عقوبات واسعة النطاق على روسيا بهدف شل اقتصادها.