أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات وفيات جامعات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم
مدار الساعة ـ
الرواشدة يكتب: اكتئاب يغزو مجتمعنا

بقلم أوس حسين الرواشدة

إذا دققت النظر في وجوه الاردنيين اليوم ، وفي أفعالهم وكيف يستقبلون الأخبار ويتفكّرون في شؤونهم ، ستكتشف أن الاكتئاب يسيطر عليهم ، ولا أقصد هنا الاكتئاب بمعناه المرضي فقط ، فذاك أيضا يعاني الكثيرون منه ، بل أقصد حالة التشاؤم واليأس التي تغزو عقل المجتمع اليوم ، حالة " القنوط " التي تمثّل طريقة تفكير المجتمع ، إذا ما اراد التفكير في أي شيء ، اكتئاب اقتصادي وسياسي وثقافي ، ولكل هذا اسباب بالطبع .
اسأل أيَّ شاب في عشرينات عمره ما هو حلمه ، او ما هي خطته التي سيكمل بها حياته ، سيجيبك بروح منهكة : " أريد أن أسافر ، أريد أن اكون في بلد يقدّرني ، ويوفّر لي سبل العيش الكريم من عمل ومسكن " ، هذه الاجابة وحدها ، كافيةٌ لأن تريك الى اي حالٍ سيؤول له مجتمعنا إن غدا خاليا من شبابه وذخره ، وتريك ايضا ، أنَّ قلة فرص العمل ، سبب يحتل المراكز العليا لما وصلنا له من تعاسة وتشاؤم ، طالت حتى الشباب الذين هم أساس تطور المجتمع ، بينما من المفترض أن يكونوا شعلة متقدة ، تنير درب البلاد .
انظر - ايضا - كيف يُقابل المجتمع أي إنجاز او بادرةً للإصلاح ، بتهكّمٍ واستهزاء شديد ، ولسان حاله يقول : " أينما وجدَت بادرةٌ لمشروع أو إصلاح ، وِجدَ الفساد " ، في الحقيقة ، لا لومَ على مجتمع يفكر بهذه الطريقة ، وقد واجه تحديات وصعوبات كثيرة ، وتحمّل فشل حكوماته في إصلاح اوضاعه ، وصبرَ على ظلم الواسطات والمحسوبية ، كيف تريد لمجتمع كهذا ان يفكر بإيجابية ؟
مجتمعنا يعلم في صميمه أن هنالك محاولات لتحسين الاوضاع العامة ، لكن ماذا تفعل القطرة في مواجهة السيل ؟ لذلك يطغى تشاؤم مجتمعنا على تفاؤله .
حين " ينسلخ " المجتمع من ثقافته ومنظومة اخلاقه ، ويجري خلف ثقافة واخلاق غيره ، الا يستدعي ذلك أن نقول : إن المجتمع قد يئس من ثقافته واخلاقه ؟ وهذا - في تقديري - أشدُّ الأسقام التي قد يعاني منها أي مجتمع ، عندما يرى تطوره في التشبه بغيره مهما كان الثمن ، حينها ندرك بأن المجتمع قد " أنكر " ذاته ورفض من الأساس فكرة أنَّ تطوره لا يكون الا من خلال مجهوده .
هذا كله " غيض من فيض " لأسبابٍ نشرت وباء الاكتئاب واليأس في مجتمعنا والحديث يطول ، لكن علينا - حكومةً ومجتمعاً - بأن نصل إلى " علاج " لهذا الداء ، لكي نتمكّن من إعمار بلدنا ومواجهة القادم من الأيام .
مدار الساعة ـ