فهذا النوع من الاكتئاب هو حالة نفسية منهكة ومستهلكة للأعصاب تؤثر بشكل مباشر على جميع جوانب حياة المريض، لذلك من الضروري التعرف على الأعراض التي تميزه وطلب الرعاية الطبية على الفور في حال الإصابة به.

ما هو اضطراب الاكتئاب الحاد؟

اضطراب الاكتئاب الحاد هو اضطراب مزاجي يشعرك بالحزن وفقدان الرغبة في الحياة، ويؤثر على شعورك وتفكيرك وتصرفك، ويمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشكلات العاطفية والجسدية.

وتحدثت آن إتش غيلبرت، الطبيبة النفسية في جامعة إنديانا الصحية، إلى مجلة SELF الأمريكية، قائلةً إنه من المهم أن تتذكر أن هذه المشاعر ليست خطأك، لأن الاكتئاب حالة مُعقدة ليس لها عادة سببٌ واحد واضح.

والواقع أن الأبحاث تشير، وفقاً للمعهد الوطني للصحة العقلية، إلى أن الاكتئاب قد يظهر نتيجةً لعوامل وراثية أو بيئية أو نفسية؛ وكثيرٌ منها قد لا يخضع لسيطرتك.

ورغم أن الإصابة بهذا الاضطراب تكون منهكةً بشدة، لكن الكثيرين يشعرون بالتحسن مع العلاج. والخطوة الأولى لتلقي المساعدة هي إدراك العلامات الدالة على الاكتئاب، المتمثلة فيما يلي:

ما أعراض اضطراب الاكتئاب الحاد؟

ملاحظة: إذا كنت تعاني من أول عرضين (وما لا يقل عن أربعة من الأعراض الأخرى) أغلب اليوم لمدة لا تقل عن أسبوعين، فثمة احتمال أن تكون مصاباً بشكلٍ من أشكال الاكتئاب، وفقاً للمعايير التي وضعها الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.

1. تشعر بتعاسة متواصلة ويأس وفراغ: انتبه إلى تلك العواطف وما إن كانت غامرة وما إذا كنت لا تعرف ما سببها، وخاصةً إذا كانت حدتها لا تخف بمرور الوقت.

2. لم تعد مهتماً بشغفك: يتسم الاكتئاب عادة بفقدان الحماس لأداء الأنشطة التي كنت تستمتع بها من قبل. وهكذا فإن كنت تستمتع في السابق بممارسة التمارين الرياضية الصباحية على سبيل المثال، يمكن أن تشعر مع الاكتئاب بأن الرياضة هي آخر شيء تود فعله.

3. تشعر بأنك على وشك الانفجار: يتخذ الانفعال أشكالاً مختلفة تتراوح من شخص لآخر، لكنك قد تشعر هنا بالانزعاج أو الغضب الشديدين لأقل الأمور، ما يجعلك تفتعل الشجارات مع أقرب أصدقائك أو مع شريك حياتك مثلاً.

4. تشعر بالإرهاق: يمكن أن تشعر بصعوبة ترك السرير أو الافتقار إلى الطاقة الكافية لإعداد الطعام لنفسك.

5. اضطراب في النوم: رغم التزامك بروتين نوم ثابت، يمكن أن تواجه صعوبة في النوم ليلاً، أو أن تشعر بالتعب الشديد الذي يجعلك تتجاوز موعد استيقاظك المعتاد بمدة طويلة.

6. تعجز عن التركيز: يُصبح التركيز في عملك شبه مستحيل، وقد تشعر بالارتباك أو الإنهاك. كما يمكن أن تواجه صعوبة في اتخاذ القرارات.

7. تتغير شهيتك تغيراً ملحوظاً: تكون هناك أوقات لا تأكل فيها على الإطلاق أو تفرط في الأكل، ما يجعل وزنك عرضة للزيادة أو النقصان بشكل كبير.

8. تشعر بآلام غير مفهومة: من أعراض الاكتئاب أن يُسبب آلاماً جسدية حقيقية كآلام العضلات، أو الصداع، أو آلام البطن، أو مشكلات هضمية لا تتحسن بالعلاج وفقاً للمعهد الوطني للصحة العقلية.

9. تعجز عن الهدوء أو تشعر بالخمول الشديد: قد تواجه صعوبة في الجلوس بهدوء ويراودك قلق عام بلا سبب واضح، أو قد تكون تحركاتك واستجابتك العامة أبطأ من المعتاد.

10. تفكر في إيذاء نفسك: في الحالات الخطيرة، يجعلك الاكتئاب تفكر في الموت أو الانتحار. إذا حدث هذا لك، فينبغي التحدث مع صديق أو أحد أفراد العائلة الموثوقين، أو طلب الرعاية الطبية في المستشفى المحلي.

هل تختلف أعراض الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين؟

أشار البحث إلى أن الاكتئاب يمكن أن يصيب الأطفال في سن مبكرة تبدأ من الثالثة، لكنهم في العادة لا يُظهرون الأعراض نفسها المعتادة لدى الكبار.

على سبيل المثال، يمكن أن يشكو الأطفال الصغار (في عمر ثلاث إلى ثماني سنوات) من المرض أو الشعور بالألم، أو يصبحون انفعاليين أكثر، أو تبدو عليهم علامات القلق، أو يسيئون التصرف.

أما عندما يكبرون قليلاً فقد يبدأون في إبداء الأعراض المعتادة لاضطراب الاكتئاب الحاد. ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وموقع Mayo Clinic الأمريكي، تشمل هذه الأعراض ما يلي:

يشعرون بتعاسة أو انفعال متواصل.

لا يرغبون في ممارسة الأنشطة الممتعة، كالخروج لشراء الآيس كريم.

يتناولون الطعام أكثر أو أقل من العادة.

يميلون إلى السلوكيات المؤذية للنفس ويقعون في المشاكل بالمدرسة.

يواجهون صعوبات في التركيز.

يتحدثون عن إحساسهم بمشاعر سيئة تجاه أنفسهم.

يصابون بالإحباط أو الغضب للأمور التافهة.

يتوقفون عن قضاء الوقت مع أصدقائهم.

يصعب عليهم اتخاذ القرارات.

يبدأون في تعاطي المواد المخدرة أو شرب الكحوليات.

كيف أُميز بين الاكتئاب الخفيف واضطراب الاكتئاب الحاد؟

وفقاً لما ورد في موقع Better Help، فإن أعراض الاكتئاب الخفيف تختلف عن أعراض اضطراب الاكتئاب الحاد، وتكون في الغالب كالتالي:

شعور بالتعب

الشعور باليأس

سيطرة السلبية على تفكيرك

الشعور بالحزن الشديد

كثيراً ما تشعر بأنك على وشك البكاء

قد تكره نفسك أحياناً

مشاكل في التركيز

عدم وجود الحافز للقيام بأشياء جديدة

الميل إلى الوحدة والانعزال

الأوجاع والآلام الخفيفة غير المبرر

علاج اضطراب الاكتئاب الحاد

هناك العديد من الأمور التي توضع في الاعتبار عند تحديد خطة العلاج من الاكتئاب، ومنها التاريخ الطبي والأعراض وما إذا كان المريض قد أصيب بالاكتئاب مسبقاً.

لكن في العموم، سيشمل طريق العلاج شكلاً من العلاج النفسي والأدوية الطبية أو كلاهما معاً.

وفي تحليلٍ أُجري عام 2014 لـ92 دراسة عن العلاج النفسي ونُشر في دورية Journal of Affective Disorders العلمية، تبيّن أن 62% من أصل 6937 شخصاً مصاباً بالاكتئاب السريري يرون أن العلاج النفسي ساعدهم في تقليل حدة أعراضهم، لدرجة أنهم لم يعودوا يستوفون معايير التشخيص بالاكتئاب السريري.

ويُعد ارتياح المريض لخطة العلاج من الأمور الجوهرية على سبيل المثال، يُفضل بعض الناس العلاج الكلامي وحده قبل البدء بتناول الأدوية الطبية، لذا يجب على المرضى التحدث مع أطبتهم حول خيارات العلاج وتحديد الأسلوب الأكثر مناسبة لهم.

كذلك يُنظر إلى العلاج المعرفي السلوكي (CBT) على وجه التحديد باعتباره المعيار الذهبي لأساليب العلاج من الاكتئاب، لأن من شأنه مساعدة المريض في تعلم إعادة صياغة طريقة تفكيره.

أما عن استخدام الأدوية، فتعمل بعض الأدوية مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRI) عن طريق رفع مستويات السيروتونين -المادة التي تُحسن المزاج- بسرعةٍ نسبية، لكنها تحتاج فترة تتراوح من ستة إلى ثمانية أسابيع، ليكون تأثيرها كاملاً وفقاً لمركز كليفلاند كلينيك. كما تُعد هذه الأدوية من الاختيارات الأكثر شيوعاً بين أدوية الاكتئاب، لأن أعراضها الجانبية أقل بشكلٍ عام من مضادات الاكتئاب الأخرى