اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

خلية استراتيجية


عمر كلاب

خلية استراتيجية

مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/03 الساعة 00:54

في الفقه الإسلامي الذي شكل الثقافة العربية, كانت الفردية صفة للخالق, ولم يمنحها الله لفرد مهما علا شأنه, فحتى الانبياء طالبهم الله بالشورى أولاً, فإذا عزموا فليتوكلوا على الله, لكن الأمر يبدو مغايراً في عالم الإدارة، والتي بدأت تشهد تراجعاً, ليس بحكم الفردية فقط, بل بحكم عدم المحاسبة وانعدام مبدأ «وقفوهم فانهم مسؤولون", فالفرد مثل ربان السفينة يستطيع أن يتوجه بها في أي اتجاه شرقاً أو غرباً، جنوباً أو شمالاً, لا قيود عليه إلا ما يضع على نفسه. «الفرد في مواجهة المؤسسة» واحدة من أهم معضلات الإدارة في بلادنا, مع قرارات الفرد قد يأتي الإبداع والحلول المبتكرة التي عادة ما تقاومها المؤسسات، ولكن مع قرارات الفرد أيضاً قد تأتي المغامرات غير المحسوبة والقرارات الخاطئة التي تسعى المؤسسات للحد منها.

المؤسسية، وتغليب نظرية تعدد مراكز صنع القرار وتوازنها ورقابتها المتبادلة وعدم تركز القرار في يد شخص محدد يأمر والباقى يطيع، أصبحت واحدة من سمات المجتمعات المتقدمة لأنها تعني كذلك «الرشاد", في عملية صنع القرار ومنع تغليب المصالح الشخصية أو الفئوية على الصالح العام. ورأينا في الدول الراسخة والتي يتحدث بتجاربها بعض مسؤولينا, كيف أن الفرد/ المسؤول, أقرب إلى قائد قطار يسير على قضبان محددة سلفاً، له مساحة من الحركة فى حدود ما هو مقبول سلفاً ومخطط مسبقاً، يستطيع أن يزيد السرعة أو أن يقللها، أن يقف في محطة أو أن يتجاوزها.
وحتى حين يخرج على القضبان فعليه أن يصنع قضباناً غيرها، وإن لم يستطع أن يتواكب مع القضبان، فالانتخابات مقبلة, وفيها تجري المحاسبة.
اليوم, نعاني من فيروس دخل على نظام التشغيل الأردني, وللأسف دون أدنى مناعة من النظام الإداري, الذي جرى تجريفه لأسباب متعددة, ليس آخرها, التجريب على قاعدة المثل الشعبي الصعب, «تعليم الحلاقة برؤوس البشر", فإن أصاب الحلاق فخير وإن اخطأ فالشعر سينمو مجدداً ونمارس عليه نفس التجربة لاحقاً.
المشكلة ليست في الحكومات, المشكلة أننا نفتقر لوجود خلية استراتيجية, قادرة على تشخيص وتحديد عمق الأزمات, ثم وضع حلول جمعية لها, وليس حلولاً فردية, فأزمة القطاع الصحي, متلازمة مع أزمة التعليم, وأزمة التعليم متلازمة مع أزمة النقل, فكثير من المراكز الصحية غير مربوطة بشبكة مواصلات عامة, وطبيعتها الطبوغرافية لا تتناسب مع المرضى, وكذلك المدارس, وكأن كثيراً من المشاريع رسم وجودها تاجر عقارات وليس مخططاً إدارياً أو مهندس تخطيط مدن.
ليس المطلوب مستحيلاً، بل خبراء، يبدأون بالتفكير، في معالجة الاختلالات، مدعومون من كل مؤسسات الدولة, يبدأون بوضع الخطوات اللازمة، دون مراعاة للحسابات الضيقة، على ألا يتولوا أي منصب تنفيذي, بل يراقبون حسن التنفيذ.. وكفى.
omarkallab@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/03 الساعة 00:54