مدار الساعة - أشهر معهد السياسة والمجتمع ومؤسسة فريدريش أيبرت في عمان أمس في عمان كتابين رئيسين (تضمنا دراسات وأعمال وأوراق ونقاشات مؤتمرين عقدتهما المؤسستان خلال العام الماضي)، في فندق كراون بلازا في عمان، بمشاركة مجموعة من الباحثين والخبراء والمهتمين.
الجلسة الأولى من المؤتمر، الذي حمل عنوان "الإسلاميون بعد عقد من الربيع العربي: بين رهانات الديمقراطية وخيار العمل المسلح" ناقشت الكتاب الأول الذي جاء بعناون "الإسلاميون بعد عقد على الربيع العربي: أسئلة الثورة واختبار السلطة"، وشاركت فيها النائب السابق في جبهة العمل الإسلامي، ديمة طهبوب، ومديرة مركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية، د. ميسون العتوم، ود. محمد أبو رمان، الباحث المتخصص بالحركات الإسلامية، والباحث عبدالله الطائي محرر الكتاب، وأدارتها الإعلامية زيرالدا حداد.
تطرق المشاركون في الجلسة إلى فصول الكتاب والأسئلة الرئيسية التي ناقشها الباحثون والمشاركون فيه، وأشار د. أبو رمان إلى أنّ فصول الكتتاب تناولت فصول الإسلاميون في السلطة (دراسة حالات تونس والمغرب ومصر)، والحالات في المعارضة والتيارات السلفية والإسلاميون والمرأة والإسلاميون والسياسات الخارجية، كما خصص فصل لدراسة الحالة التونسية بعد قرارات الرئيس التونسي قيس بن سعيد بتجميد البرلمان وتشكلات الصراع السياسي بينه وبين حزب النهضة التونسي.
الباحث عبدالله الطائي أشار إلى فصول الكتاب التي تناولت مرحلة الإسلاميين بالسلطة وحجم الأسئلة والاختبارات التي خاضوها والمشكلات التي واجهوها في تلك التجارب. فيما تطرقت د, ميسون العتوم إلى الفصل الذي طرح أسئلة الإسلاميين والمرأة، وتضمن أوراقا شملت الحالات الأردنية والتونسية والعربية عموماً، وبينت أن الأوراق والدراسات مهمة من زاوية تسليط الضوء على تجارب النساء الإسلاميات، لكنها لا تقدم أجوبة واضحة عن مدى قدرة الإسلاميات على المشاركة في إنتاج السلطة والمعرفة في هذه الحركات، فيما قدمت د. ديمة طهبوب تصوراً مفصلاً عن تجربة الإسلاميات الأردنيات، والتطور الذي حدث في تجربتهم في أوساط الحركات الإسلامية، بما في ذلك ما طرحته في ورقتها بعدم استبعاد حق المرأة في الوصول إلى أن تكون قائداً أو أميناً عاماً لحزب إسلامي.
توافق المشاركون على ما طرحه الكتاب من أن تجربة السلطة لدى الإسلاميين كانت أكثر صعوبة وتعقيداً وتحدياً من تجربة المعارضة، ولعلّ ذلك ما دفع ببعض الباحثين إلى اعتبار السلطة السياسية بمثابة فخاً وقع فيه الإسلاميون، وطرح باحثون آخرون أنّ الإسلاميين فقدوا مصادر القوة التي كانوا يتمتعون بها قبل السلطة، بخاصة الاستناد إلى الشرعية الدينية والوعود المطلقة، بينما وجدوا أنفسهم بالسلطة أمام مرارة الواقع وأمام اسئلة يومية تتجاوز القوالب الأيديولوجية الجاهزة.
تجدر الإشارة إلى أن 26 باحثاً وخبيراً من العديد من الدول العربية شاركوا في فصول الكتاب وأوراقه ونقاشاته وتعقيباته، وقد صدر مؤخراً عن معهد السياسة والمجتمع ومؤسسة فريدريش أيبرت.
أما الجلسة الثانية من المؤتمر فقد ناقشت الكتاب الثاني وهو "ما بعد دولة الخلافة: هل سيعود تنظيم داعش من جديد"، وشارك فيها أستاذ الاجتماع السياسي من العراق، د. علي طاهر، ومدير مركز شرفات لدراسات الإرهاب، د. سعود الشرفات، والباحث الأردني في الحركات الجهادية، حسن أبو هنية، وأدارت الجلسة الزميلة الصحافية هديل غبون.
تناول المشاركون، الذين شاركوا في الكتاب، فصولاً متعددة من الكتاب وموضوعات مهمة متعلقة بالموضوع المطروح، إذ أشار د, علي طاهر إلى أنّ الإجابة على سؤال فيما إذا كان تنظيم داعش سيعود بصورة قوية في العراق هي: نعم ولا، لأنّ ذلك مرتبط بالشروط والظروف السياسية والاجتماعية، لكن ظهور داعش كان في جوهره انعكاساً لفشل مشروع بناء الدولة والأمة في العراق. أما حسن أبو هنية فقال أنه بخلاف الأفكار والقناعات الموجودة حالياً فإنّ التنظيم يمر بمرحلة جيدة على الصعيد التنظيمي والعملياتي في العراق وسوريا، وفي التوسع والانتشار في أفريقيا وآسيا، وذكر أبو هنية أنّ ما يحدث حالياً من أزمات دولية يعزز من فرص عودة التنظيم وقدرته على التكيف، إذ تتراجع الحرب على الإرهاب مقابل بروز الصراعات الدولية والإقليمية، مما يجعل التنظيم أكثر قدرة على التفرغ لعملية إعادة التكيف والعمل على تطوير قدراته، بينما الدول مشغولة عنه.
من جهته أكد د. سعود الشرفات إلى أنّ هنالك مشكلة حقيقية في المقاربات الدولية والمتعددة في مكافحة الإرهاب والتطرف تتمثل بالاتكاء على المقاربات الصلبة والعسكرية والأمنية مع عدم إعطاء أهمية حقيقية للمقاربات الوقائية والناعمة، وأشار إلى خطورة مرحلة السجون في تفريغ المتطرفين والإرهابيين، مشيراً إلى التجربة العراقية وتجارب عربية عديدة كلها تؤكد أن السجون تفرّخ الإرهابيين والمتطرفين، وبالتالي من الضروري إعادة النظر في سياسات السجون وفي المقاربات المطروحة في مكافحة التطرف والإرهاب.
تطرق د. علي طاهر، في موضوع تركة داعش، إلى تجربة معسكر الهول، من خلال دراسة مسحية قام بها للأوضاع داخل السجن، الذي يضم الآلاف من الأطفال والنساء في داعش، مشيراً إلى أنّ سؤال تركة داعش أحد الأسئلة الرئيسية المهمة والكبرى في معالجة المرحلة القادمة، لأنّ المعسكرات نفسها أصبحت تفرغ هي أيضاً الإرهاب.
ودعا د. الشرفات دول العالم إلى استعادة المعتقلين والسجناء الذين يحملون جنسية هذه الدول، وعدم ترك الأمور معلقة لأن هذه المشكلة ستفرغ أجيالاً قادمة من الإرهابيين، وقال إن الشكل القادم من داعش أشبه بفرانكشتاين إن لم نعيد النظر ونراجع سياساتنا تجاه الإرهاب والتطرف.