مدار الساعة - السؤال
أمي لا تكلمني؛ لأني الأخ الأكبر، وأبي -رحمة الله عليه- كان مريضا، وكان لي أخوات بنات، وبعد وفاة والدي كنت أعمل بالورشة، حتى تزوجت آخر البنات.
ولي أخ يصغرني ١٢ عاما، فقلت لوالدتي: إني سآخذ الورشة بالإيجار، حتى يتمكن أخي من العمل بها، وسأتركها له بعد ذلك؛ لينتفع بها.
ولكن بعد مرور ثلاث سنوات قالت أمي: يجب أن تقتسم دخل العمل مع أخيك، قلت لها: إن لي أطفالا لهم عليّ حق، وأخي صغير ٢٥ عاما. فقالت: لا وإلا أغضب عليك، قلت لها: سأترك له الورشة بمعداتها ليعمل بها، وأستأجر مكانا آخر، وفعلت ذلك. ولكن أمي ترفض أن تكلمني لأني في رأيها يجب أن أقتسم جميع مالي مع أخي. على الرغم أني كنت أمتلك ورشة خاصة بي، وعند مرض أبي الشديد طلب أبي أن أغلقها لأنفق عليه، وعلى إخوتي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسؤالك غير واضح لنا، وعلى العموم؛ فإن كانت الورشة المذكورة؛ ملكا للوالد -رحمه الله- فهي حق لجميع الورثة حسب أنصبتهم الشرعية، ولا حقّ لأحدهم في الانتفاع بها، أو بغيرها من التركة دون رضا بقيتهم، حيث كانوا راشدين، وراجع الفتوى: 377920.
وإذا كانت أمّك تسألك أن تقتسم مالك، أو كسبك مع أخيك؛ فلا تجب عليك طاعتها في ذلك، وغضبها عليك في هذه الحال؛ غضب بغير حق، لكن عليك مداراتها، والتلطف معها حتى تتجنب غضبها، وعليك أن تجتهد في برها والإحسان إليها، فإنّ حقّ الأمّ عظيم، والإحسان إليها من أفضل الأعمال، وأرجاها ثوابا، وأعظمها بركة.
وإن قدرت على أن تعطي أخاك من مالك ما لا يضرك؛ فأعطه محتسبا أجر الصلة، وبر الأمّ.
فقد جاء في الفروق للقرافي: قِيلَ لِمَالِكٍ ... يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ لِي وَالِدَةٌ، وَأُخْتٌ، وَزَوْجَةٌ. فَكُلَّمَا رَأَتْ لِي شَيْئًا قَالَتْ: أَعْطِ هَذَا لِأُخْتِك، فَإِنْ مَنَعْتُهَا ذَلِكَ سَبَّتْنِي، وَدَعَتْ عَلَيَّ. قَالَ لَهُ مَالِكٌ: مَا أَرَى أَنْ تُغَايِظَهَا، وَتَخْلُصَ مِنْهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ. أَيْ: وَتَخْلُصَ مِنْ سَخَطِهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ. انتهى.
والله أعلم.