أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الاتحاد الأوروبي إذ يُزوّد أوكرانيا.. بـ«طائرات حرّبية»!


محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo

الاتحاد الأوروبي إذ يُزوّد أوكرانيا.. بـ«طائرات حرّبية»!

محمد خروب
محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ

أن يُقال بأنّ الحرب الدائرة في أوكرانيا هي أول حرب تقع في أوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية, هو تضليل أقرب إلى التدليس والكذب الصريح، لأنّ أصحاب هذه المقولة يريدون إخفاء الحرب المُدمّرة التي شنّها حلف الأطلسي/بقيادة أميركية, على يوغسلافيا «السابقة» في مثل هذه الأيام قبل «23» عاماً (24آذار/1999), شاركت فيه 14 دولة أطلسية (إقرأ أوروبية بما فيها تركيا), اختلق الغربيون أكذوبة التوتّرات العِرقية التي عصفت بالاتحاد اليوغسلافي, كي يزيلوا ما تبقّى من «آثار» الحرب العالمية الثانية, خاصة بعدما نجحوا في تفكيك الاتحاد السوفياتي وحلّ حلف وارسو، والإتيان بـ«رجلهم» في موسكو/يلتسين, ظناً منهم أنّ تقسيم يوغسلافيا إلى ست دول سيُنهي التوترات في القارة العجوز، ويمنح أشرعة الهيمنة الأميركية على أوروبا رياحاً جديدة, قد توصلها ذات يوم إلى تفكيك روسيا نفسها وتحويلها إلى عدد من الجمهوريات التابعة, التي ستكون تحت إمرة حلف الأطلسي بقيادته الأميركية, لاحتواء الصين التي أظهرت في ذلك نزوعاً نحو الصعود السلمي, كما وصفه الصينيون أنفسهم, فيما كانوا يخوضون «معركة» صعبة مع واشنطن, كي «توافق» الأخيرة على منحها عضوية منظمة التجارة العالمية (حازتها نهاية العام 2001).

ما علينا..
«78» يوماً أظهرت فيها الترسانة الأطلسية خصوصاً الجوية, أحقادها الإمبريالية وكل ما توفرت عليه من قوة وقذائف تدمار, حتّى حولت يوغسلافيا وبخاصة جمهوريتها الأقوى والأكبر/صِربيا, إلى ركام لم تبرأ من تبعاته حتّى الآن..رغم ذلك يخرج علينا أطالسة أوروبا بـ«فِرية» الحرب الأولى في أوروبا، ما يستدعي إلى ذاكرتنا نحن أبناء الجنوب وبخاصة المنطقة العربية, سلسلة الحروب التي شنّها المستعمرون «البيض» على بلادنا, وكيف نهبوا ثرواتنا واستنزفوا قدراتنا وسلبوا سيادة أوطاننا, على نحو لم يتوقّف ولا يبدو أنّه سيتوقف. في ظلّ «التوكيل المفتوح» الذي منحوه لصنيعتهم الصهيونية في فلسطين, قبل النكبة وبخاصة بعدها وحتّى الآن. ليس فقط في الزعم بـ«حق» إسرائيل في الدفاع عن نفسها, وإنما دائما تحت طائلة الاتهام بمعاداة السامية وكراهية اليهود وإنكار الهولوكست.
تذكرون الشعار الذي رفعه بايدن في حملته الانتخابية الرئاسية, عندما قال:انّ أميركا ستعود إلى أوروبا, خالعاً على سياسة منافسه ترمب صفة التنكّر لأوروبا والتنصل من الحلف بين ضفتي الأطلسي, خاصة أنّ ترمب كان طالب الدول الأوروبية وبخاصة ألمانيا (الثرِيّة) بتخصيص ما نسبته 4% من ناتجها المحلي الإجمالي, لتمويل نفقات وجود القوات والقواعد الأميركية على أراضيها، مُهدداً بنقل القوات الأميركية/التي تحمي ألمانيا كما زعم..إلى بولندا.
فاز بايدن وحطّ في بروكسل مبتسماً وقائلاً: ها قد عادت أميركا إلى أوروبا, ويبدو أنّه لم يكن يتحدث من فراغ، خاصّة بعدما عادت اللُّحمَة إلى صفوف حلف الأطلسي، ثم ها هي إثر العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا, «تتوحّد» على نحو غير مسبوق, بعد فترة شهِدت فيه العلاقات بين ضفتي الأطلسي توتراً معلناً, دفع باريس وبرلين وروما للدعوة إلى تشكيل جيش خاصّ للدفاع عن أوروبا, بعد خذلان واشنطن لحلفائها بتخلّيها عنهم في انسحابها/هزيمتها المُذلة في أفغانستان/15 آب 2021، فضلاً عن «الطعنة» في الظهر التي وجّهتها واشنطن وتابِعَتها لندن، أضف إليها أستراليا عند إشهارهم تحالف/إيكوس.
السرد يطول لكن «التحول» الألماني غير المسبوق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أو قل منذ هزيمة «الرايخ الثالث», يشكّل المفاجأة الأولى في سلسلة مفاجآت تبدو أنها ستتابع بعد قرار حكومة المستشار/الاشتراكي أولاف شولتس, رفع موازنة الدفاع إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي, لأقوى اقتصاد في أوروبا بعدما كان 1.4% (أي بزيادة ما قيمته 20مليار دولار على ما كانت تخصّصه قبل التحول الدراماتيكي في السياسة الألمانية, التي بُنيت على مقولة: انّ تاريخ ألمانيا «الماضي» لا سمح بها بتصدير السلاح).
ألمانيا تتخلّى الآن عن سياسة الحذر وعدم تصدير السلاح والتكنولوجيا العسكرية، وها هي تتقدم الصفوف لتزويد أوكرانيا بصواريخ مضادة للدبابات وأخرى للطائرات، لكن الأكثر إثارة في المشهد الراهن, هو إعلان الممثل الأعلى للسياسة والأمن/جوزيب بوريل «تزويد أوكرانيا بما قيمته 450 مليونا من الأسلحة والمعدّات بما فيها.. «طائرات حربية مُقاتلة».
ما يدفع للتساؤل عمّا إذا كان الاتحاد الأوروبي في طريقه للتحوّل إلى منظمة «عسكرية», بعيداً عن فكرة «الاتحاد» التي قامت في الأساس على التسمية الأولى «السوق الأوروبية المشتركة», هادفاً تبديد المقولة «التاريخية»: أنّ أوروبا عملاق اقتصادي وقزم سياسي؟، بل ستكون عملاقاً اقتصادياً وعسكرياً, فيما تسلمّ دفة السياسة/والحرب للحليف الأميركي.. «الموثوق»؟.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي
مدار الساعة ـ