أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم
مدار الساعة ـ
زايد للأخوّة الإنسانية.. قوّة الجائزة واستحقاق

مدار الساعة - كتب: إبراهيم السواعير

إذا سألت أيّ إماراتي عن شخصيّة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، فإنّ حضوراً واحتراماً كبيراً لهذه الشخصيّة، بل إنّ شعوراً بالأبوّة والعرفان لمؤسس الدولة وباني نهضتها ومؤكّد فكرة الاتحاد والداعي إلى التكامل بين مكوّنات جغرافية وإنسانيّة وجدت أنّ رباط الدولة هو الذي يعطيها هذا الحضور على مستوى العرب والعالم.
أمّا قيمة جائزة زايد للأخوّة الإنسانيّة وأهميّتها، فتأتي من إيمان الشيخ زايد رحمه الله إنسانيّاً بضرورة تغليب صوت الحكمة والعقل أمام الكوارث والحروب والاحتياجات الإنسانيّة في كلّ دول العالم؛ فقد كان صوتاً رائعاً رحمه الله في الحكمة التي ورثها أبناؤه وساروا عليها، حتى أنّه كان شديد التأثر أمام الجرح العربيّ الذي يمكن أن يتسع لو لم نتداركه سريعاً، ولذلك فالشواهد كثيرة ويحتفظ بها الجميع في الإعجاب بمنطق العقل الذي جعل من البداوة الأصيلة دولةً مدنيّةً لها حضورها في نزع فتيل الحروب وفضّ النزاعات والغيرة على الإحساس الإنساني والوجود العربي في هذا العالم.
كما أنّ موضوعيّة استحقاق جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله للجائزة، تأتي من هذا الدأب الذي لا ينقطع في تنبيهات جلالته على الحروب والكوارث الإنسانيّة ومصاحبات أزمات اللجوء، وفي الحلول العادلة للقضايا العربية وفي شعوره النبيل في عالم ملتهب يتجدد تشكّله كلّ يوم، كما أنّ شعور جلالتها وحسها الإنساني وتسامحها واهتمامها الدائم في الوقوف إلى جانب ملك إنسانيّ النظرة والتطلّع وانخراطها في البيئات الاجتماعيّة الأقل حظّاً والفئات من أصحاب الاحتياجات، والكثير الكثير مما لا يتوقّف بمناسبة أو بروتوكول،..إنّما هو استحقاق يؤكّد هذا الحرص الكبير على تعميق المحبّة والحوار وأسس التعامل،.. وقد جاء في الجائزة أنّ تكريم جلالة الملك هو لدوره في تعزيز الحوار بين الأديان ومبادراته في الحدّ من الانقسامات ودعم القضايا الإنسانية والعمل على تعزيز العلاقات بين الشرق والغرب، كما أنّ دفاع جلالة الملكة رانيا المتواصل عن حقوق اللاجئين حول العالم وحقوق النساء والأطفال وجهودها في التسامح وقبول الآخر من خلال إطلاق عدد من المبادرات الخيرية،..أسهم في تكريمها، وذلك أمرٌ يعرفه الأردنيون والعرب والنخب الثقافية وأصحاب المبادرات العالمية في ذلك.
كما تجيء أهمية الجائزة من كون لجنة تحكيمها هي لجنة مستقلة تضمّ شخصيات مرموقة من أنحاء مختلفة من العالم، ومنهم رؤساء دول سابقين وقادة مجتمعات وشخصيات بارزة حائزة على جائزة نوبل للسلام، وخبراء دوليين في مجال تعزيز التعايش السلمي وتفعيل الحوار بين الثقافات.
والجائزة التي جاءت تتويجاً لجهود جلالة الملك وحثّت عليها وثيقة الأخوّة الإنسانية التاريخية التي وقّعها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس، جاء في تعليق الأمين العام للجنتها العليا المستشار محمد عبد السلام بأنّ فوز جلالة الملك عبدالله الثاني بها هو لما يبذله جلالته في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس واستقبال اللاجئين في الأردن ونموذج التسامح الذي يحمله جلالته ودعمه للحوار بين الأديان والثقافات بين الشرق والغرب.
إنّ جائزة الشيخ زايد للأخوة الإنسانية تعود بنا إلى استمرار النهج الذي تسير عليه دولة الإمارات، فهي تحمل اسم رجل حكيم احترمه الغرب وكتبوا عن قصص نجاحه ويقينه وثقته، وإيمانه بوحدة المساعي والصفّ العربي وتحرّكاته العاجلة لرأب أيّ صدع ينشأ بين الأخوة، حتى أنّ المجاعات الإنسانيّة في أفريقيا ومصاحبات الحروب الإنسانيّة كانت شديدة التأثير عليه في مبادراته ودعمه السخي للحدّ من آلة الموت العبثي للحروب، وموقفه من الأزمات الدولية وتبني سياسات التوافق والحوار وتعزيز السلام، فهو قائد كبير شعر العالم بفداحة غيابه، إذ كانت له مواقفه الأصيلة في سعيه لإنهاء الحرب بين العراق وإيران، وموقفه أيضاً من غزو العراق الكويت وأهمية الإصلاح بين جارين عربيين، وإيمانه بأهمية حفظ السلام وسياسات التوافق، ووسخائه اللامحدود للحدّ من مجاعات إفريقيا وأوبئتها وأمراضها، ووقفاته المشهودة بين اليمنين، وتنبيهه على خطأ الأوضاع المؤلمة في البوسنة، ودعمه رحمه الله للصومال بملايين الأطنان من الحبوب التي دفع ثمنها فشحنت لهذا البلد،.. فقد كان الشيخ زايد، وهو من مواليد 1918 ، شاهداً على الحربين الأولى والثانية وثنائية القطبين الأمريكي والسوفياتي وفيما بعد، كما كان من أشدّ المبادرين للتكامل الخليجي والوحدة التي هي في صالح الجميع في استقرار أسعار النفط والحفاظ على مصلحة الجميع، في أنّ شعب الخليج هو شعبٌ واحدٌ،.. أمّا في الإمارات فقد ترك "زايد الخير" أرثاً عظيماً في قوّة الدولة وشعورها العربي وتسليحها وتنميتها واقتصادها وإيمان شعبها بازدهارها، وكلّ ذلك تسير عليه دولة اليوم في تكريمه أيضاً رحمه الله بتأسيس جائزة تحمل اسمه ويفوز بها أصحاب المبادرات والنفس المتواصل النبيل، في وقت تعيش فيه الإنسانيات العالمية أصعب أوضاعها على الإطلاق.
مدار الساعة ـ