مدار الساعة - ليث الجنيدي - "ليس المهم ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك"، مقولة تُنسب للكاتب الأمريكي الراحل روبرت شولر، تنطبق في مضمونها على الشابة الأردنية "لبنى زكارنة"، التي حولت ألمها مع مرض السرطان إلى قصة أمل، أحيت بها نفوس الكثيرين.
"زكارنة" (33 عاما)، أكملت دراستها بالهندسة المدنية من جامعة البلقاء التطبيقية (حكومية) عام 2010، وانخرطت بعدها في سوق العمل، بمجال الإشراف الهندسي لثمانية أعوام، ثم إلى مهنة التعليم لفصل دراسي واحد.
لبنى من عائلة تعشق العلم والتعلم، فهي شقيقة لثلاثة مهندسين ومهندستين وطبيب، أظهر تشخيص طبي أُجري لها عام 2015 بأنها مصابة بمرض السرطان، وكان تقييم الأطباء له بأنه من نوع محصور وسريع النمو.
مراسل الأناضول، زار الشابة الأردنية في منزل ذويها بالعاصمة عمان، ولم تكن ابتسامتها تُفارق محياها، وكأنها تريد أن تقول قبل بدء الحديث معها بأنني لست ضعيفة للمرض أمام طموح وأمل كبيرين يعيشان في داخلها.
تقول لبنى: "بدأت العلاج الكيماوي في فبراير/شباط عام 2016، وكانت النتيجة إيجابية بحمد الله، واستقر الوضع، مع الاستمرار بتلقي العلاج الهرموني، والذي يعطى لمرضى سرطان الثدي والرحم".
وتابعت "كان هناك صورة سنوية تسمى ماموغرام، وفي سبتمبر/أيلول عام 2020، اكتشف الأطباء عودة المرض مجددا، وقرروا إجراء عملية استئصال، ومضى على ذلك عام ونصف تقريبا، وحددوا الـ 27 من الشهر الجاري عملية ترميم".
مطأطأ رأسه والحزن بادٍ على وجه، مسترقا النظر إليها بين اللحظة والأخرى، وكأنه لا يريد أن تنتبه ابنته لألمه، يقاطعها والدها عمر زكارنة (75 عاما) بالقول "العملية صعبة وستستمر لثماني ساعات"، لتعقب على كلامه "لا، ليست صعبة، ولكن أبي خائف علي"، في محاولة منها لرفع معنوياته.
وتابعت لبنى "العلاج الكيماوي يسبب عصبية زائدة، وحاولت التخلص من التفكير بالمرض وتأثيراته الجانبية، وبدأت تعلم غزل الصوف بالسنارة عام 2017، وقد أتقنت تلك الحرفة".
وأضافت "بدأت الإعلان والترويج لمنتجاتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع إحدى صديقاتي، وقررت إلى جانب المنفعة الشخصية، العمل على مبادرة نقدم من خلالها هدايا لمرضى السرطان والفقراء من تلك المنتجات".
وأردفت "نجحت المبادرة ولله الحمد، وزاد عدد العاملات معي من السيدات حتى وصل إلى 30، يختلفن في مستوياتهن التعليمية، وتتراوح أعمارهن ما بين 23 و 60 عاما".
وأوضحت "بلغ عدد المستفيدين من الهدايا ما يزيد على ألفين ونصف، وكان التمويل دعما من أهل الخير".
أما عن منتجاتها، فهي بحسب لبنى "شالات، ولفحات، وملابس أطفال، وملابس للكبار، وحقائب، وأطقم مختلفة".
وأشارت "الإنتاج بحسب الطلب فيما يخص العمل الخاص، وبنحو 20 قطعة مختلفة الحجم والنوع خلال الشهر، والأسعار تبدأ من 12 دينارا (16 دولارا أمريكيا)، وتصل إلى 200 دينار وأكثر (281 دولارا)".
وبينت أن "الأسعار طبيعية مقابل ما تحتاجه المنتجات من جهد ووقت؛ لكونها أشغالا يدوية".
وفيما يخص كمية الإنتاج لمبادرتها بشأن مرضى السرطان والفقراء، لفتت بأنه يصل في المرحلة الواحدة لـ 300 شخص.
ولفتت "أهلي في البداية لم يشجعونني، لكنهم تقبلوا الأمر بعد ذلك، وحتى أصحاب المحال التجارية الذين نشتري منهم المواد، بدأوا بالتدليل علينا لأهل الخير؛ ليزداد عد المستفيدين من المبادرة".
وعن المواد المستخدمة، قالت لبنى بأنها "عبارة عن خيوط تركية الصنع وخيوط التيشيرت (مستخرجة من ملابس معاد تصنيعها) وخيوط الصوف؛ وجميعها من أفضل المواد التي يمكن استخدامها لمنتجاتنا".
واختتمت "زبائني محليين وهم كثر، وخارجيين، وقد وصلت منتجاتي إلى بلجيكا والنمسا والكويت والسعودية والإمارات والولايات المتحدة وكندا"، وبلهجة تبين مدى إعجابه بما تقوم به ابنته، أكد والدها "لو هناك رعاية لأصبح المشروع عالميا".