لنبدأ لكن ليس من الصفر، لأن ما تم إنجازه على مدى عقدين كثير، وإن كانت السنوات التي تلت (٢٠٠٨) عام الأزمة المالية العالمية عصفت بالثمار ولا تزال، لكن لنبدأ حتى لا يفوتنا القطار فنحن لا نملك ترف وقت الانتظار.
هذا ملخص فكرة التحرك السريع الذي بدأه جلالة الملك في إطلاق ورشة عمل «نحو المستقبل».
أذكر أن عام ١٩٩٩ أي بعد أشهر قليلة على توليه العرش كان أطلق مبادرة مماثلة وكانت هناك خلوات نتجت عنها توصيات، وكانت هناك حكومة جاهزة للتنفيذ فانطلق الأردن ليحقق بعدها اقتصاده نمواً بلغ في حده الأعلى ٨٪..
أكرر هنا التحسن الكبير الذي حصل، وأزعم أن وجه الأردن الاقتصادي تغير كثيراً، وأزعم أن الناس لمسوا ذلك جيداً، وأزعم أن الاردن انغمس في ورشة عمل لم تهدأ حتى أن وفداً مصرياً آنذاك كان يزور العقبة وطلب نسخ التجربة الأردنية، ولا أبالغ إن قلت حتى أنه طلب الاستعانة برئيس الحكومة ووزرائها آنذاك وكان المهندس علي أبو الراغب، فما الذي حدث؟!
هل ينبغي لنا العودة إلى الأسس التي وضعت في ذلك الحين، وأذكر منها تعزيز دور البنوك في التطوير الاقتصادي.. وجعل العقبة منطقة اقتصادية خاصة، وإجراء إصلاحات إدارية، ووضع استراتيجية لرعاية القطاع السياحي، ورفع مستوى التدريب المهني والتعليم العالي، واجراء التعديلات القانونية على نطاق واسع، وتشجيع الخدمات الصحية الخاصة، ورفع مستوى المناهج في المدارس الحكومية لتشمل اللغة الإنجليزية والحاسوب.. والحكومة الإلكترونية واستراتيجية جديدة للخصخصة، وتطوير أسواق رأس المال، وتخفيض العجز خلال سنوات محددة، ضمن برنامج زمني وإجراء إصلاحات قضائية.
هل نحتاج لأن نبدأ من جديد في هذه الأسس؟
اليوم يتحدى شباب أردنيون البطالة بالصراخ وبالانتحار أحياناً, بينما يواجهها العامل الوافد باقتناص فرصة عمل واثنتين وثلاث, ولا عجب أن حوالات العمالة الوافدة لجنسية واحدة فقط تبلغ مليار دولار.
لا شك أن عقدة من نوع آخر ترسخت خلال السنوات القليلة السابقة تمثلت في بيروقراطية عقيمة وعراقيل لا لزوم لها، والأهم أن من تولى المسؤولية لم يكن مؤهلاً، وإن كان كذلك فهو يفتقر إلى الخبرة، وإن كان كذلك فهو متردد وخائف، ولأنه كذلك يمارس العرقلة بكل أنواعها حتى لا ينكشف عجزه، هي أوضاع تبعث على الحيرة, والسؤال يجب أن يعاد صياغته, لماذا يشكل الأردن بلداً للفرص لملايين العمالة بينما هو في عيون أبنائه بلد طارد للعمل؟..
ربما آن الأوان لأن يخلي من لا يستطيع موقعه لمن يستطيع..!
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي