مدار الساعة - يحاول الملايين حول العالم كل عام تقليل الأطعمة المعالجة ذات التركيبات الصناعية التي تحتوي عادة على نسبة عالية من الدهون المضافة أو الكربوهيدرات المكررة أو كليهما. مثل البيتزا والشيبس والشوكولا.
بالنسبة للكثيرين، تنبع الرغبة في تغيير ما يأكلونه من مخاوف بشأن التبعات الصحية التي قد تهدد الحياة من تناول تلك الأطعمة، مثل مرض السكري وأمراض القلب.
ولا يُعتبر تأثير النظام الغذائي على الصحة مشكلة صغيرة أبداً، فهو يضاهي ويفوق إدمان السجائر والكحول مثلاً.
وحددت لجنة متعددة التخصصات من 37 عالماً بارزاً من جميع أنحاء العالم الأنظمة الغذائية غير الصحية باعتبارها "خطراً أكبر على صحة الإنسان من تعاطي الكحول والمخدرات والتبغ معاً".
الأطعمة المعالجة والاصطناعية وأضرارها
يعرف الكثير من الناس أن معظم الأطعمة فائقة المعالجة ليست صحية.
لكن رغبتهم في التوقف عن تناول الوجبات السريعة والاصطناعية المعالجة يمكن أن تكون صعبة للغاية؛ لدرجة أن غالبية هذه المحاولات تفشل. لماذا إذاً يحدث ذلك؟
في معمل الغذاء وعلوم الإدمان والعلاج بجامعة ميشيغان، اتضح أن هذه الأطعمة فائقة المعالجة مسببة للإدمان بشكل صريح، والعوامل التي تتشاركها مع منتجات التبغ أكثر من خصائصها القريبة من الأطعمة الكاملة مثل التفاح أو البقوليات أو غيرها.
إن "الوجبات السريعة" تسبب إدماناً كبيراً للبشر؛ مما يؤدي إلى تأثيرات سلوكية مثل الإفراط في تناول الطعام، والأكل القهري، وفقدان السيطرة.
الأطعمة السريعة والمُعالجة لا يمكن التوقف عن تناولها بسهولة
وقد ارتبطت هذه الأطعمة بالتحفيز الفسيولوجي لنفس استجابة المكافأة العصبية الحيوية في الدماغ مثل تلك الناتجة عن إدمان المخدرات.
وغالباً ما يُعتقد أن الجودة المسببة للإدمان للأطعمة المصنعة يمكن أن تكون مرتبطة بطريقة تحضيرها، ولكن لم يتم بعد تحديد المكونات الكيميائية الحيوية للأطعمة المصنعة التي تسبب الإدمان.
هناك تباين كبير في أنواع الأطعمة التي تحفز الاستجابة الإدمانية- وتشمل هذه العناصر الحلويات (مثل الشوكولاتة والآيس كريم)؛ الكربوهيدرات المالحة (مثل رقائق البطاطس أو الشيبسي)؛ والمنتجات الجاهزة التي تحتوي على أكثر من عنصر يمكن تمييزه بوضوح (مثل البيتزا الجاهزة).
وعلى الرغم من الرغبة في تجنب تناول الأطعمة المسببة للإدمان، يجد الكثير من الناس أنفسهم غير قادرين على كبح جماح استهلاكها.
ماذا ندمن هذه النوعيات من الأطعمة؟
تعود فكرة أن بعض الأطعمة تصيبنا بالإدمان مثل التبغ والمخدرات إلى ما لا يقل عن عشرين عاماً من الأبحاث العلمية.
ناقش الباحث مايكل موس تلك النقطة في كتاب له منشور عام 2013، بعنوان "الملح والسكر اللذان يتحكمان فينا – Salt Sugar Fat: How the Food Giants Hooked Us".
ووجد أن ميلنا واشتهاءنا للدهون والسكريات كان سمة بقاء تطورت على مدى آلاف السنين ولم نتجاوزها بعد. لأنه في الطبيعة، الملح والسكر العالي والدهون عناصر نادرة لا يمكن إيجادها بسهولة.
الموقف الثقافي من إدمان "الوجبات السريعة" سلبي للغاية!
وعلى الرغم من ذلك، فإن صناعة المواد الغذائية لا تفعل شيئاً لمعالجة هذه المشكلة اليوم. ويوضح موس: "كثقافة، شعرنا بالضيق من إعلانات شركات التبغ وتأثيرها على الأطفال، لكننا نقف مكتوفي الأيدي بينما تفعل شركات الأغذية الشيء نفسه".
وتابع وفقاً لموقع The Beet الأمريكي: "يمكننا أن ندعي أن الخسائر التي تلحق بالصحة العامة من جراء اتباع نظام غذائي فقير قليلة مقابل الذين يتعاطون التبغ".
في المقابل، لا يعاني الناس من استجابة سلوكية مسببة للإدمان للأطعمة الطبيعية المفيدة لصحتنا، مثل الفراولة. في حين أن الأطعمة عالية المعالجة التي تم تصميمها بطريقة تشبه إلى حد كبير الطريقة التي ننتج بها مواد أخرى مسببة للإدمان، تؤدي إلى فقدان السيطرة والسلوكيات القهرية والمشاكل التي توازي ما نراه مع الكحول والسجائر.
لكننا نرى في الوقت نفسه عدداً متزايداً من المشكلات السلوكية المتعلقة بالغذاء، لا سيما في الإفراط في تناول الطعام. إذ زادت اضطرابات الأكل العالمية من 3.4% إلى 7.8% بين عامي 2000 و2018، بحسب The Beet.
في حين أننا قد نربط اضطرابات الأكل بفقدان الشهية أو الشره المرضي، فإن الإفراط في تناول الطعام هو في الواقع أكثر اضطرابات الأكل شيوعاً، وفقاً للجمعية الوطنية لاضطرابات الأكل.
ويصيب ما يقرب من 3% من جميع البالغين مرة واحدة على الأقل في حياتهم.
كيف يمكن التعامل مع إدمان الوجبات السريعة؟
وبحسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي، فإن هناك 11 معياراً تستخدم لتشخيص ما تسميه باضطراب تعاطي المخدرات، والذي يمكن أن يتراوح من خفيف إلى شديد، اعتماداً على عدد الأعراض التي يظهرها الشخص.
ومن بين هذه الأعراض الرغبة الشديدة في تناول المواد "المخدرة"، وعدم القدرة على التقليل رغم الرغبة في ذلك، والاستمرار في استخدام المادة بالرغم من أنها تسبب الضرر، بحسب صحيفة New York Times.
وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من إدمان الطعام السريع، يمكنهم تجربة استراتيجيات بسيطة للتغلب على الرغبة الشديدة الروتينية لتناوله مثلما يتم العمل تدريجياً في الإقلاع عن التدخين مثلاً.
على سبيل المثال، يُنصح بالذهاب في نزهة على الأقدام أو الاتصال بصديق أو تناول وجبات خفيفة من بدائل صحية مثل حفنة من المكسرات.
لكن بالنسبة لبعض الناس الذين تطور لديهم هذا النوع من الإدمان، قد يكون من الضروري عليهم اتخاذ تدابير أكثر شدة حيال رغباتهم في تناول تلك الأطعمة.