مدار الساعة - كتب الإعلامي والقانوني - خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي
أقول للرئيس الخصاونة: أوقف الظلم وامنع إحالة الموظف العام على التقاعد المبكر دون طلبه..!
أضم صوتي لصوت العين الدكتور عاكف الزعبي، في دعوة الحكومة إلى إيقاف الإحالات على التقاعد قبل إكمال الموظف سن الستين، والموظفة سن الخامسة والخمسين، فالمقال الذي كتبه الدكتور الزعبي قبل أيام تحت عنوان (إصلاح الإدارة العامة.. أوقفوا الإحالات إلى التقاعد) والذي أكّد فيه أن قرارات الحكومة في هذا الصدد منذ حكومة الملقي وحتى حكومة الخصاونة خاطئة وغير مبررة، وأدّت إلى إفراغ مؤسسات الدولة ولا سيما الحيوية منها من خبراتها، فقد جاء هذا المقال في الوقت المناسب..! وأُذكّر بأنني كتبت في هذا الموضوع أكثر من عشر مرات، ومنذ اللحظة الأولى التي تم فيها إدراج الفقرة (ب) من المادة (173) في نظام الخدمة المدنية التي تنص على: ( يجوز للمرجع المختص بالتعيين إنهاء خدمة الموظف الخاضع لقانون الضمان الاجتماعي بناءً على طلبه أو دون طلبه إذا استكمل شروط الحصول على التقاعد المبكر وفقاً لأحكامه وبناءً على تنسيب اللجنة). كتبت طاعناً في دستورية هذا النص الذي يتعارض مع الصالح العام أولاً، ويتعارض مع مصلحة الموظف العام ثانياً كونه يلحق الضرر به ويُرغمه بطريقة غير مباشرة على طلب الحصول على التقاعد المبكر، وهو راتب مخفّض بحسب القانون، ويتعارض مع مصلحة منظومة النظام التأميني للضمان الاجتماعي ثالثاً، كونها تؤدي إلى خروج أعداد كبيرة من الموظفين على التقاعد المبكر الذي تشكو منه مؤسسة الضمان الاجتماعي وتحذّر منه دراساتها الإكتوارية..!
وأعيد التأكيد هنا بأن الحق بطلب الإحالة على التقاعد المبكر هو حق شخصي محصور بالمؤمّن عليه/الموظف فقط لا غير، وهذا واضح تماماً من نص الفقرة (أ) من المادة (64) من قانون الضمان الاجتماعي التي تقول: ( على المؤسسة "مؤسسة الضمان" بناءً على طلب المؤمّن عليه تخصيص راتب تقاعد مبكر له إذا انتهت خدمته لأي سبب كان... إلى آخر الفقرة). وبالتالي فإن للمؤمّن عليه نفسه وليس لأحد غيره الحق بإحالة نفسه على التقاعد المبكر إذا انتهت خدمته وبصرف النظر عن سبب انتهاء الخدمة، وهو يحيل نفسه على هذا النوع من التقاعد بناءً على طلب يتقدم به شخصياً إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تُخصّص له راتب التقاعد المبكر إذا كان مستكملاً لشروط استحقاقه.
كما لا بد من التأكيد بأنه لا يمكن أخذ النص القانوني الوارد في الفقرة (ب) من المادة (173) من نظام الخدمة المدنية على إطلاقه، وإلا كان سبباً في التعسف في استعمال السلطة، مما يحتّم أن يكون لدى صاحب القرار بإنهاء خدمة الموظف المستكمل لشروط التقاعد المبكر دون طلبه مسوّغات لاتخاذ مثل هذا القرار، وأن تكون لديه أسس واضحة وعادلة وشفّافة ولا مجال فيها للخطأ أو المزاجية أو إساءة استعمال السلطة الممنوحة له في هذا الجانب، وإن عدم تسبيب قرار إنهاء الخدمة أو عدم الاستناد إلى أسس واضحة وعادلة وشفّافة، حتى وإن لم ينص عليها نظام الخدمة المدنية، يدخل في باب التعسف في استعمال السلطة، وهو ما شكا منه كثيرون من موظفي القطاع العام الذين فوجئوا بقرارات إنهاء خدماتهم فقط لكونهم كانوا مستكملين لشروط التقاعد المبكر، وبعضهم كان في نهاية الأربعينات من العمر..!
من هنا فإنني أدبّ الصوت عالياً هذه المرة، وأقول لرئيس الحكومة الخصاونة: لا تكن ظالماً وأوقف إحالة أي موظف عام على التقاعد المبكر دون مسوّغات كافية، فما يفعله مسؤولون كثر في إنهاء خدمات موظفين استكملوا شروط التقاعد المبكر ينطوي على تعسف وإساءة استعمال السلطة الممنوحة لهم..!
ماذا يعني أن يصل العدد التراكمي لمتقاعدي المبكر من الموظفين العموميين في الدولة إلى حوالي (48) ألف موظف/متقاعد يشكلون ما نسبته ( 36% ) من العدد التراكمي لكافة متقاعدي الضمان المبكر، كما أن عدد الموظفين العامين الذين أحالتهم الحكومة على التقاعد المبكر خلال السنوات الثلاث الفائتة (2019 – 2021) زاد على (7500) موظف..!
(سلسلة معلومات تأمينية توعوية مبسّطة بقانون الضمان أقدّمها بصفة شخصية ويبقى القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه هو الأصل - يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والمعرفة مع الإشارة للمصدر).