مدار الساعة - يطلق لفظ "الصحابة" على أول من آمنوا بالنبي محمد وصاحَبوه، هذا الإيمان جعلهم يواجهون مجتمعهم بكافة عقائده المتوارثة، وينتشروا في البلاد التي فتحتها الجيوش الإسلامية شرقاً وغرباً، حتى مات بعضهم ودفن بهذه البلاد.
نستعرض في هذا التقرير بعض الأماكن التي تُوفِّي فيها هؤلاء الصحابة:
تبعد قرية البهنسا 16 كيلومتراً غرباً عن مركز بني مزار بصعيد مصر، وتعد من أشهر القرى الأثرية، حيث دفن فيها ما يقرب من 700 صحابي ممن شاركوا في الفتح الإسلامي لمصر.
من بينهم قائد السرية المنوط به فتح الصعيد المصري، زياد بن أبي سفيان بن الحرث بن عبدالمطلب، حفيد الحرث عم رسول الله، ومحمد بن عقبة بن نافع، ومحمد بن أبي ذرٍ الغِفاري، والحسن بن صالح بن علي زين العابدين، وعبدالرحمن بن أبي بكرٍ الصديق، وخالد بن سليمان بن خالد بن الوليد.
في منطقة جبل المقَطم دفن العديد من الصحابة، منهم عمرو بن العاص الذي فتح مصر في العام العشرين من الهجرة، ومات بها بعد 23 سنة.
ويوجد إلى جواره قبر الليث بن سعد، وعقبة بن عامر، وأبي بصرة الغِفاري، وعبدالله بن الحارث الزبيدي، وعبدالله بن حذافة السهمي.
وفي المنطقة نفسها مدفون الصحابي سارية بن زنيم، الذي ناداه عمر بن الخطاب بلقب "يا ساريةُ الجبلَ الجبلَ".
أما في منطقة مصر القديمة، فقد دُفن بها العديد من الصحابة وآل البيت، منهم محمد بن أبي بكرٍ الصديق، فيُروى أنه لما قُتل بن أبي بكر، أُحرِق، ودُفِن في الموضع الذي قُتِل فيه، وبعد سنة، جاء غلامه الذي كان يُدعى "زمام" فحفر عليه ولم يجد سوى رأسه، فحمله ودفنه في موضع بُني حوله مسجدٌ فيما بعد، وأطلق عليه اسم: مسجد محمد الصغير.
في نفس المنطقة دفن الصحابي مسلمة بن مخلد الأنصاري، كان والياً على مصر في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
اسطنبول - تركيا
أثناء مشاركة أبي أيوب الأنصاري في حرب الروم مع جيش المسلمين، وافته المنية عن عمر يناهز الـ80 عاماً، وأوصى أن يتم دفنه في القسطنطينية.
وحين فتحها الجيش العثماني بقيادة محمد الفاتح، أمر "آق شمس الدين" بالبحث عن قبر الصحابي أبي أيوب الأنصاري، وأمر السلطان على الفور بإقامة مسجد حول قبره، وألحق به مدرسة وسكناً للطلاب، ومطعماً للفقراء.
وكان الوزراء وزوجات السلاطين يوصون بأن يدفنوا في نفس الحي، حي السلطان أيوب، فهو رابع الأماكن المقدسة لدى المسلمين الأتراك بعد الكعبة والمسجد النبوي والمسجد الأقصى.
تقع منطقة البقيع جنوب شرقي المسجد النبوي، وتحتل مساحة 180 ألف متر مربع، مدفون بها حوالي 10 آلاف صحابي، وكذلك زوجات النبي محمد، عدا خديجة بنت خويلد، وميمونة بنت الحارث.
ومن الصحابة يوجد عثمان بن عفان، والعباس وحمزة بن عبدالمطلب عَمَّا النبي، وحفيده الحسن بن علي، وعبدالرحمن بن عوف، وأسعد بن زرارة، وسعد بن معاذ، وسعيد بن زيد.
سكن خالد بن الوليد آخر أيامه بمدينة حمص، حتى مات بها، ودُفن في مسجد يطلق عليه السوريون، مسجد سيدي خالد.
وتقول إحدى الكتابتين المنقوشتين على الضريح: "بسم الله الرحمن الرحيم، أُمر بإنشائه على حرم تربة سيف الله، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، خالد بن الوليد رضي الله عنه".
من الصحابة الذين دفنوا أيضاً في حمص، صدي بن عجلان، وهو آخر من مات من الصحابة بالشام، وعمر بن عبسة بن نجيع، ووَحشيّ بن حرب.
يقول الخياري في رحلته إلى سوريا في القرن الحادي عشر، "مع اقتراب صلاة الجمعة، ذهبنا إلى خارج البلدة، إلى الجامع الذي دُفن فيه الصحابي الجليل سيدي خالد بن الوليد رضي الله عنه لأجل صلاة الجمعة فيه مع الإخوان، فمررنا في الطريق على الوادي المُسمَّى الكتيب الأصفر عندهم، يقال إنه استشهد في 300 رجل من أصحاب رسول الله، فقرأنا لهم الفاتحة، ودعونا الله بما تيسر من الدعاء".