قبل أعوام قليلة كلف جلالة الملك حكومة الرزاز وجاءت للتأسيس لمشروع نهضوي ملكي وطني يجمع الكل ويوحد الجهود في مختلف القطاعات، بهدف توجيه دولة المملكة الأردنية الهاشمية بمحافظاتها وقطاعاتها ومؤسساتها ومواطنيها نحو الإنتاج والإعتماد على الذات بجانب الإكتفاء الذاتي.
المشروع أعلاه كان يشمل مجموعة رؤى وإستراتيجيات تجعلنا جميعا نسير وفقا لعدد كبير من الخطط التنموية والبرامج الزمنية التفصيلية لكل قطاع ومؤسسة ومحافظة ولواء، لتوجيه دفتنا نحو الإكتفاء والإعتماد على الذات ونصبح دولة منتجة.
كان من تفاصيل المشروع تحسين واقع صناعاتنا وتعزيز منتجاتها بالجودة والمنافسية، وتعزيز المنتج الوطني والحد من الإستيراد، وتوجيه زراعاتنا نحو تكنولوجيا مناخية ذكية وطرق عصرية من ري وبذور محسنة وسماد وتنظيم الإنتاج الزراعي وعملية التغليف والنقل والتسويق، وتنظيم قطاع السياحة ورفع جودة المنتج السياحي والخدمات السياحية، وتوجيه التعليم والبحث العلمي لخدمة قطاعاتنا المختلفة وليس محاولة التسابق للتصنيفات العلمية، وتوجيه محافظاتنا لتصبح محركات تنموية إقتصادية منتجة بميزاتها التنافسية، مقابل تحسين بيئة الأعمال والإستثمار بالحوافز والقوانين المشجعة، وتحسين واقع الخدمات والبنى التحتية وشموليتها.
المشروع النهضوي الملكي دولة الإنتاج الذي جاء مع حكومة الرزاز تم من خلال تلك الحكومة التخطيط والعمل على جوانبه القانونية والفنية والإدارية والمالية، ولكن كان ينقصه البناء الفكري للمشروع، وكان واجبا أن نطلق الجانب الفكري له ليقتنع به الجميع ويعمل عليه الجميع، ويشعر الجميع بأنه مسؤول عن نجاح الرؤية، ويحارب من أجلها.
حاولنا في منتدى النهضة تبني هذا الجانب وعبر الاعلام والسوشيال ميديا وورشات العمل والمؤتمرات والحواريات والإستطلاعات، وجاء ذلك أصلا لإيماننا بأهمية تبني الدولة الأردنية لمشروع نعمل جميعا لإنجاحه، ليعود بالنفع على الجميع من فرص عمل وتحسين مستوى الدخل والرفاه، وضمان أمن المياه والطاقة وأمننا الغذائي الوطني، وأطلقنا رؤية مشروع الشعب للإنتاج عام ٢٠١٣، ورؤية إنعاش الإقتصاد الوطني ورؤية مؤتمر نهضة العقدين، أطلقنا منتدى النهضة ليدخل عبر السوشيال ميديا كل المحافظات لينادي بفكر الإعتماد على الذات وفكر الإقتصاد التعاوني.
حول المشروع النهضوي الملكي دولة الإنتاج في شهر شباط عام ٢٠٢١ قابلت جلالة الملك في قصر الحسينية، وأشرت لأهمية إستئناف المشروع والعمل عليه، وشكرت جلالته الذي مهد له بالأوراق النقاشية التي سبقته، لأنه يعد أهم ما ندخل به المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية، لننافس ونواكب عالم لا يرحم يدخل ألفيته الثالثة وثورته الصناعية الرابعة ولا ينتظر أحد، وأولا وآخرا لتعزيز أمننا القومي بتحقيق فرص العمل للشباب والدخل للأسر وتحقيق أمننا المائي والغذائي وأمن الطاقة، بدولة منتجة تعتمد على ذاتها وتكتفي ذاتيا، وتقوم على الإقتصاد التعاوني على شكل صندوق إستثماري وطني شعبي سيادي.
الأمور ليست صعبة لإستئناف المشروع، فيمكن جمع الخطط التنموية للمحافظات، وجمع الخطط التنموية للهيئات المستقلة وشركات التطوير والمدن الصناعية، وجمع خطط الإستراتيجيات الوطنية لمختلف القطاعات، ومراجعتها من خلال فريق وطني يكلفه جلالة الملك، يراجع هذه الخطط والإستراتيجيات، وما تم إنجازه منها، وماذا بقي، وما هي التحديات القانونية والفنية والمالية والإدارية، ومزاوجة المخرجات مع رؤية المشروع النهضوي الملكي دولة الإنتاج، وإصدار إستراتيجية واحدة مفصلة محدثة من عدة أجزاء، تسير وفقا لها محافظاتنا وقطاعاتنا من صناعة وزراعة وسياحة وتجارة وأعمال وطاقة وإبتكار وتعليم وصحة وخدمات وغيرها، بجانب إستنهاض الجميع لمحاربة الترهل الإداري.
هنا نجد بأننا في مركب محركاته قوية وبوصلته دقيقة، وخارطته واضحة أمام الجميع، ويظهر عليها أين نسير وأين نريد الذهاب، مقابل إطار من المتابعة الحازمة المستمرة والدقيقة، وشعب يهمه نجاح مشروعه والجميع بلا إستثناء، وبرلمان يقيم ويقوم.
يتناسب ذلك اليوم مع تحديثات المنظومة السياسية، وعلى مرجعيات الدولة وبكل ثقة العودة إلى حيث إنتهت حكومة الرزاز بمراحل العمل على المشروع النهضوي الملكي دولة الإنتاج، على أن تكمل الحكومة القادمة العمل عليه، على أنه ليس مشروع عام أو عامين أو عشرة، بل مشروع يمتد لأجيال قادمة.