مدار الساعة - من المؤكد أن جائحة كورونا كانت مروِّعة، لكن على الأقل لم يضطر الناس حول العالم إلى تحمل صراع عالمي، أو تدمير المحاصيل السنوية أو انتظار الموت بلا أمل بالعلاج.
هذا ما حصل في القرن الماضي والقرون التي سبقته، ليدون التاريخ كوارث من صنع الطبيعة أو الإنسان نفسه لتبقى تذكيراً لمن أراد أن يتذكر.
بينما كان عاما 2020 و2021 صادمين للبشرية، لكنهما ليسا أسوأ سنوات التاريخ.
يمتلئ تاريخ البشرية بسنوات مروعة للغاية شهدت كوارث طبيعية وحروباً سبَّبَت الكثير من الألم والفوضى، ومن الصعب تخيُّل كيف نجت البشرية من خلالها.
أسوأ سنوات التاريخ
نستعرض في هذا التقرير بعضاً من أسوأ سنوات التاريخ، ولأن جميعها سيئة وكارثية تم ترتيبها حسب التسلسل الزمني:
أسوأ سنوات التاريخ
أسقطت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على اليابان/ Istock
7- عام 1945: الحرب العالمية الثانية والقنابل الذرية والقنابل الحارقة
كانت الحرب العالمية الثانية واحدة من أكثر الصراعات قتامةً وفتكاً في تاريخ العالم. مات عددٌ من الناس في ذلك الصراع العالمي أكثر من أيِّ حربٍ أخرى.
وصلت الحرب العالمية الثانية إلى خاتمة دموية في العام 1945، وجاء النصر بتكلفةٍ باهظة. أسقطت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على اليابان، مِمَّا أدَّى إلى سقوط أكثر من 400 ألف ضحية. وعلاوة على ذلك، أسقط القصف على طوكيو ألفيّ طن من القنابل الحارقة، مِمَّا أدَّى إلى مقتل ما بين 80 ألفاً و130 ألفاً من المدنيين.
انتهت الحرب العالمية الثانية أخيراً في منتصف أغسطس/آب 1945، لكن الانتصار لم يكن يعني إنهاء المعاناة العالمية. لقي ما يُقدَّر بنحو 3% من سكَّان العالم حتفهم، ويُقدَّر عدد القتلى ما بين 70 و85 مليون شخص، حسب موقع World Population Review.
6- عام 1929.. انهيار سوق الأسهم
لم يكن القرن العشرين سهلاً للكثير من الناس حول العالم. تركَّزَت الكثير من المشاكل التي لم تكن مرتبطة بالحروب والأوبئة حول الموارد المالية.
في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1929، صُدِمَ العالم بأزمة سوق الأسهم الأمريكية. أغلقت المصانع والبنوك والمؤسسات الأخرى أبوابها، ووجد الآلاف أنفسهم بلا عمل.
جاء انهيار سوق الأسهم الأمريكية في العام 1929 بعد شهرٍ واحد فقط من انهيار بورصة لندن، مِمَّا أدَّى إلى تدميرٍ اثنين من الاقتصادات الكبرى.
وشكل 1929 العام الأول لانتشار الكساد في العديد من الدول حول العالم. سقطت البنوك، وأخذت معها أموال الناس. كان هذا بسبب الاستثمارات المصرفية المضاربة في سوق الأوراق المالية، واستخدام البنوك الأموال المودعة لهذا المشروع.
بمجرد سقوط البنوك، ضاعت كلُّ تلك الأموال، تاركةً الناس دون مُدَّخرات حياتهم، ليعاني الاقتصاد طوال عقد كامل، حسب موقع Federal Reserve History الحكومي الأمريكي.
ولم تبدأ اقتصادات العالم في التعافي إلا بعد الحرب العالمية الثانية، رغم أن الاقتصاد الأمريكي لم يتعافَ تماماً حتى العام 1954.
5- عام 1918 الحرب العالمية الأولى وجائحة الإنفلونزا الإسبانية
عندما انتهت الحرب العالمية الأولى، بدأ المرض في اجتياح العالم.
ظهرت الحالات الأولى من الإنفلونزا الإسبانية عن فيروس الإنفلونزا H1N1 في العام 1918، وفي غضون عامين، أُصيبَ حوالي 500 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، أي ما يقرب من ثُلُث سكَّان العالم في ذلك الوقت، حسب موقع History.
كانت درجة فتك سلالة الإنفلونزا مختلفة كثيراً عن الإنفلونزا النموذجية التي تنتشر كل عام. فبدلاً من قتل الصغار والكبار والضعفاء، أصابت الإنفلونزا الإسبانية وقتلت عدداً غير مسبوق من الشباب.
السبب، هو الطريقة التي هاجمت بها جهاز المناعة، لينهار الشخص المُصاب بفيروس H1N1 في غضون 24 ساعة، مِمَّا يجعل العلاج صعباً للغاية. وبالطبع، لم يكن هناك علاج أو لقاح للإنفلونزا.
تسبب الفيروس في أكثر جائحةٍ إنفلونزا فتكاً بالبشر حتى الآن، ولكن لم يكن الفيروس نفسه هو المميت. أدَّى الجمع بين الفيروس وسنوات من سوء التغذية وسوء النظافة والعشرات من العوامل الأخرى التي سبَّبَتها الحرب العالمية الأولى في النهاية إلى أخطر جائحةٍ في القرن العشرين.
حين انتهت الجائحة، لقي ما بين 25 و50 مليون شخص حتفهم.
4- عام 1816.. سنةٌ بلا صيف
يُعرَف العصر الجليدي بأنه فترة ممتدة من التجلُّد. ومع ذلك، يعتقد معظم الناس أن العصر الجليدي هو الوقت الذي كانت فيه غالبية الكرة الأرضية مُغطاة بصفائح جليدية قارية.
ولكن هناك طريقة أخرى للنظر إليها وهي عام لا يذوب فيه ثلج الشتاء- وقد حدث ذلك في عام 1816.
يشير العديد من المؤرخين إلى عام 1816 باسم "عام بلا صيف" نظراً لانخفاض متوسط درجات الحرارة العالمية. قد لا يبدو انخفاض درجة الحرارة بمقدار 0.4-0.7 درجة مئوية فرقاً كبيراً، ولكن التقلبات في درجة الحرارة العالمية لا تحتاج إلى أن تكون هائلة لتسبِّب مشكلاتٍ خطيرة.
أدى انخفاض الحرارة إلى ثوران بركان جبل تامبورا في إندونيسيا، وكان أكبر ثوران بركاني منذ حوالي 1300 عام، إذ غطَّى الكوكب بالرماد، حسب ما نقل موقع USA عن مؤلفة كتاب "عام بلا صيف".
عانى الناس من الصقيع الشديد وتساقط الثلوج في يونيو/حزيران، وظلَّت الأنهار مُجمَّدة حتى أغسطس/آب. لم يشهد الأشخاص المتأثرون بالتغيرات في الطقس أيَّ صيفٍ في عام 1816، وأدَّى فشل المحاصيل الناتج إلى انتشار المجاعة والوفيات في جميع أنحاء نصف الكرة الشمالي.
3- عام 1783.. ثوران بركان لاكي
أسوأ سنوات التاريخ
وصل تأثير بركان لاكي إلى الشرق الأوسط/ Istock
تتسبب الانفجارات البركانية دائماً في قدر كبير من الاضطراب في منطقتها المباشرة، لكن بعضها يؤثر على مساحة أكبر بكثير من غيرها.
لاكي هو شق بركاني في آيسلندا، وبينما هو آمن اليوم، إلا أنه في عام 1783، ثار بشكل عنيف ولمدة ثمانية أشهر، لينتهي في فبراير/شباط 1784 بعد تدفُّق ما يُقدَّر بنحو 42 مليار طن من حمض الهيدروفلوريك وثاني أكسيد الكبريت وحمم البازلت.
لمدة ثمانية أشهر كان البركان يطلق الهباء الجوي الكبريتي في الغلاف الجوي مِمَّا أدَّى إلى تغيُّرٍ مناخي مدمِّر أثَّر على بقية العالم. عانت آيسلندا أكثر من غيرها من المجاعة الكارثية، حيث مات ما يقرب من ربع سكَّانها إلى جانب نصف الماشية والخيول والأغنام.
أدَّى الثوران البركاني إلى إضعاف مواسم الرياح الموسمية الإفريقية والهندية، ووصل تأثيره إلى الشرق الأوسط، إذ عانت مصر وأماكن أخرى من المجاعة، وصولاً إلى شرق آسيا.
2- عام 1347.. الموت الأسود في أوروبا
رغم أن جائحة كورونا في القرن الـ21 مروعة، لكنها تتضاءل مقارنةً بالموت الأسود. في عام 1346، انتشر الطاعون الدبلي عبر أوراسيا وشمال إفريقيا، مِمَّا أسفر عن مقتل عدد أكبر من الناس مقارنة بأي جائحة آخر في تاريخ البشرية.
حُدِّدَ الطاعون لأول مرة في شبه جزيرة القرم عام 1347، ومن هناك انتشر كالنار في الهشيم.
ينتج الطاعون عن بكتيريا تسمى يرسينيا بيستيس، تنتشر عن طريق البراغيث. في القرن الرابع عشر، كانت البراغيث مشكلة أكبر بكثير مِمَّا هي عليه اليوم، لذلك انتشر الوباء بسرعة. لسوء الحظ، نُقِلَ الوباء أيضاً عن طريق الاتصال الشخصي، مِمَّا جعل رعاية أيِّ شخصٍ مُصاب بالمرض خطرة.
من الصعب اختيار عام محدد باعتباره الأسوأ من حيث انتشار الوباء، حيث إن السجلات ليست دقيقةً كما هي اليوم. يُقدَّر عدد القتلى من الموت الأسود ما بين 75 و200 مليون شخص على مدار ثماني سنوات.
عندما انتهى الطاعون أخيراً في عام 1353، مات ما يصل إلى 60% من سكَّان أوروبا ليتأثر المجتمع الزراعي ويؤخر رحلة التعافي الاقتصادي.
1- عام 541.. طاعون جستنيان
بينما يعرف معظم الناس عن الموت الأسود الذي اجتاح أوروبا في القرن الرابع عشر، لم تكن هذه هي المرة الأولى أو الوحفيها الطاعيدة التي هدَّدَ ون الدبلي البشرية. أول حالة مسجلة للطاعون جاءت في 541 في عهد الإمبراطور جستنيان بسبب الجائحة الهائلة التي سُمِّيَت على اسمه.
أثَّرَت أول جائحة مُسجَّلة للطاعون الدبلي على الإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية. قاد الإمبراطور جستنيان الأول الإمبراطورية البيزنطية، وقد أُصيبَ بالعدوى ونجا، وهو أحد الأسباب التي جعلت الطاعون يحمل اسمه.
ضرب الطاعون القسطنطينية لأول مرة عام 541. ومن هناك انتشر في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط ، مِمَّا أثَّرَ على العديد من المدن الساحلية، حسب موقع World History.
شق الطاعون طريقه عبر أوروبا وصولاً إلى آسيا. واستمرَّت الموجة الأولى من طاعون جستنيان، من 541 حتى 549، لكنها لم تكن النهاية، إذ استمرَّت العدوى في الواقع مئات السنين. كانت تلك جائحةً تعيَّن على الناس التعايش معها، بشكلٍ متقطِّعٍ، من موجةٍ إلى أخرى، طوال حياتهم. ولم ينتهِ حتى منتصف القرن الثامن.
من الصعب تقدير عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم أثناء طاعون جستنيان، وإن كانت التقديرات تشير إلى الملايين، بينما فقدت القسطنطينية 55-60% من سكانها.