أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العفو العام صيغة تجاوزها الزمن

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

في كل مرة يستشعر نائب او كتلة نيابية مأزقا شعبيا, ينصرف الذهن سريعا الى طرح مشروع قانون للعفو العام, وبعد كل عفو عام نبدأ بالعويل والصراخ, فالمستفيد من العفو مكررو الجرائم في معظمهم, وللتوضيح اكثر فان العفو العام, ليس حقّا شعبيا وليس واجبا من واجبات الدولة حيال مواطنيها, بل على العكس فإن واجب الدولة ان تقيم حد المجتمع على المخالفين ومرتكبي الجرائم سواء سقط الحق الشخصي ام بقي.

الحكومات المتعاقبة مارست بعد اوامر ملكية حقّها في التنازل عن بعض حقوقها, لكنها لا تستطيع ان تمارس إرغاما جبريا على الناس لإسقاط حقوقهم بصرف النظر عن المسميات اللازمة والذرائع المطروحة على ساحة الظرف الاستثنائي ومشجب الظروف الاقتصادية وكلها اسباب موجبة لابتكارات جديدة في الاقتصاد والادارة وليس لقوانين العفو العام والخاص على السواء, فالعفو بات عقوبة على المجتمع وامعانا في التجاوز حتى في المخالفات البسيطة من مخالفات السير الى غيرها.
العفو بالعادة يتعّرض بعد صدوره الى محاكمات قاسية بوصفه حقاً مشروعاً وبوصفه استحقاقاً تأخرت الدولة في الاستجابة له وتعرضت لانتقادات لشموله هذه الجريمة وتجاوزه عن تلك وقفزه عن هذا واطلاق سراح ذاك, المفارقة ان مطالب الشارع بالعفو العام بمعناه الواسع يعني اطلاق سراح الجميع بمن في ذلك الفاسدون وطي صفحة محاربة الفساد واسقاط التهم والعقوبة, وفي هذا تناقض مجتمعي عجيب, فنحن بحاجة كما يقول الشارع الى تفعيل المحاسبة والرقابة وتحصين المال العام من عبث العابثين سواء كان العبث بمستوى جرائم الرشوة واستثمار الوظيفة العامة التي باتت باب رزق لكل راغب, الى مخالفة السير, فمن له الحق في معاقبة السائق الجيد ومكافأة السائق العابث والمخالف ومن له الحق في منح اعفاء لخادمة آسيوية وابقاء المخالفة على متهرب ضريبة المبيعات؟
قانون العفو في اصل الاشياء يأتي عن جرائم سياسية قفز عنها المجتمع نحو الديمقراطية والعصرنة وصارت من مخلفات الماضي والعفو العام الاخير شملها بمجملها, اما الجنح البسيطة والمخالفات فالواجب يدفعنا الى التفكير بعقوبات اجتماعية ضد مرتكبها, كأن يعمل مجانا وبساعات محددة في خدمة المجتمع المحلي لا ان يقضي في السجن اياما وشهورا ويثقل كاهل الدولة والموازنة.
اليوم نعاني من ازمة اقتصادية واسعة, ومن تراكمات كبرى للحقوق بين الافراد والافراد, وبين الافراد والمؤسسات المصرفية, بالاضافة الى قضايا الشيكات التي يتحمل القطاع المصرفي جانبا كبيرا منها فالشيك ورقة نقدية او امر صرف لكن البنوك تصرفه كما الاسبرين دون وصفة طبية ودون اية ضوابط, علما بأن البنوك تحقق ارباحا عالية نتيجة المخاطر كما اصل الاشياء لكنها لا تتحمل اي مخاطر واحالت العبء على الدولة والناس واكتفت هي بالارباح دون اية مسؤولية اخلاقية وقانونية.
قانون العفو في الدول المتقدمة بات من مخلفات الماضي بعد ان طورت الدول قوانينها واضفت نوعا من الهيبة على العقوبات المجتمعية بحيث بات اثرها اكثر ايجابية على المجتمع والناس من السجون والعقوبات, والزمت البنوك بآلية واضحة حيال الشيكات والاوراق البنكية الاخرى والمهم الزمت البنوك والشركات الكبرى بدور مجتمعي وليس هبات وتبرعات كما لدينا الآن.
العفو العام ازاح اثقالا عن المواطن صحيح, لكن الاجدى صياغة قانون يردع تغول البنوك ويجترح حلولا لازمة قادمة بين المالكين والمستاجرين, ووضع صورة واضحة للمخالفات والجرائم التي يجب وضع عقوبات سالبة للحرية عليها, بدل نمط العقوبات الحالي, الذي ان زالت اوامر الدفاع, سيكون المجتع على حالة فيها الكثير من التعسف والتطرف, وبدل التفكير بالعفو العام علينا التفكير سريعا بتعديل قانون العقوبات.
omarkallab@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة ـ