مدار الساعة - كشفت سجلات تاريخية إسرائيلية مكتشفة حديثاً عن جهود المسؤولين الحثيثة لإخلاء الأراضي الفلسطينية بالقوة من سكانها البدو في النقب خلال الخمسينيات من القرن الماضي، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، الإثنين 31 يناير/كانون الثاني 2021.
الموقع نقل عن صحيفة Haaretz أنَّ السجلات كُشِفَت ضمن قضية قانونية على ملكية الأراضي التي رفعها فلسطينيو الداخل في العراقيب، وهي واحدة من عشرات القرى التي تعتبرها إسرائيل غير قانونية والممنوعة من خدمات المياه والكهرباء والمواصلات، من بين أمور أخرى.
كما أشارت الصحيفة إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدمت قرية العراقيب 197 مرة، واستولت على أراضيها، وطالما تحدى سكانها الفلسطينيون الحكومةَ الإسرائيلية في المحاكم بشأن هذه القضية.
ذكرت صحيفة Haaretz، يوم الإثنين 31 يناير/كانون الثاني، أنَّ الحكومة الإسرائيلية تدرس القضية باعتبارها ذات أهمية "استراتيجية وطنية" لوضع حد للدعاوى القضائية الأخرى التي رفعها فلسطينيو الداخل للطعن في مصادرة أراضيهم.
كيف كُشف المخطط الإسرائيلي؟
بينما أعقب قضية العراقيب إصدار رأي وملحق من غادي الغازي، أستاذ التاريخ الإسرائيلي في جامعة تل أبيب، الذي أمضى السنوات الثماني الماضية في دراسة المذكرات الحكومية والسجلات والرسائل المتعلقة بالنقب، أكبر منطقة في البلاد.
كشف الغازي عن وثائق في إطار الدعوى القانونية ضد مخططات عديدة لطرد الفلسطينيين، الذين بقوا فيما أصبح يُعرف بإسرائيل بعد حرب 1948، من أراضيهم.
فيما شن قائد المنطقة الجنوبية موشيه دايان عملية عسكرية في نوفمبر/تشرين الثاني 1951 لطرد البدو الفلسطينيين من مناطق في شمال غرب النقب إلى الشرق ومن شمال طريق الخليل، بئر السبع إلى الجنوب منها.
قالت الصحيفة إن هذا من شأنه تحويل الفلسطينيين الذين أصبحوا مواطنين في إسرائيل إلى مستأجرين.
كتب دايان في رسالة نشرتها صحيفة Haaretz لأول مرة: "إنَّ نقل البدو إلى مناطق جديدة سيلغي حقهم في ملكية للأراضي وسيُعاملون على أنهم مستأجرين لأراضٍ حكومية".
كما كشفت الصحيفة أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيغال يادين، وافق على خطة دايان، التي أشارت أيضاً إلى أنه إذا لم "يُنقَل الفلسطينيون طواعية" فإنَّ القوات الإسرائيلية الوليدة "ستضطر إلى نقلهم" وإخراجهم بالقوة من أراضيهم.
بينما يعتقد مسؤولون في وزارة العدل الإسرائيلية أنَّ قضية العراقيب ستنتهي مثل سابقتها، أي لصالح الحكومة. وقالت Haaretz إنَّ هذه الوثائق التاريخية التي أخرجها الغازي إلى النور قد يكون لها تبعات قانونية.
قرية العراقيب في النقب دمرت بالكامل
تبلغ مساحة قرية العراقيب أكثر من 200 ألف متر مربع، وما تبقى منها، بعدما دمرتها إسرائيل عدة مرات، يُعاد بناؤه باستمرار. وتعرضت أراضي الفلسطينيين في العراقيب للاستيلاء بموجب قانون حيازة الأراضي لعام 1953، مثل العديد من القرى الأخرى.
فيما قالت إسرائيل إنَّ الأراضي في النقب، التي كان يعيش فيها أصحابها الفلسطينيون بين 15 مايو/أيار 1948 و1 أبريل/نيسان 1952، مملوكة للحكومة الإسرائيلية التي صادرت 247 كيلومتراً مربعاً في النقب.
بحسب صحيفة Haaretz، كشفت السجلات التاريخية الجديدة أنَّ الفلسطينيين في تلك الفترة تعرضوا للترحيل القسري على يد القوات الإسرائيلية التي نشرت التهديدات والعنف والرشوة والاحتيال.
"تمييز وإهمال" بحق فلسطينيي النقب
من جهته، قال الغازي لصحيفة Haaretz إنَّ مسؤولين إسرائيليين كباراً يعرفون أنَّ عملية إبعاد الفلسطينيين من النقب كانت "غير قانونية"، وبالتالي تجنبوا إعطاءهم "أوامر إخلاء مكتوبة".
أضاف أنَّ السجلات تشهد على مقاومة البدو الفلسطينيين ضد خطة إسرائيل لإخراجهم من أراضيهم. وتابع الغازي لصحيفة Haaretz: "كشفت السجلات عن العناد الذي حاولوا به التمسك بأرضهم، حتى على حساب الجوع والعطش، ناهيك عن التهديدات والعنف العسكري".
في الأسابيع الأخيرة، تظاهر مئات المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل في النقب ضد خطة تشجير قراهم بقيادة الصندوق القومي اليهودي، التي يرونها وسيلة لحرمانهم من أراضيهم.
كما تظاهر ما يقرب من 200 منهم يوم الأحد، 30 يناير/كانون الثاني، أمام مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في القدس ضد الخطة، واصفين إياها بـ"سياسة التمييز والإهمال".
بينما يعيش في النقب نحو 300 ألف مواطن فلسطيني؛ منهم 100 ألف شخص في 35 قرية غير مُعترَف بها ويفتقرون إلى الخدمات العامة الأساسية.