مدار الساعة - كشفت دراسة حقوقية أن عدد الأطفال المتسربين بمحافظتي إربد والمفرق في المستويين الابتدائي والإعدادي بلغ (4870) طالبا وطالبة، وبالمقابل بلغت حالات التسرب المدرسي في باقي محافظات المملكة (4000) حالة.
وكشف تقرير مشترك لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) ووزارة التربية والتعليم وجود 90 ألف طفل «لا يتلقون أيا من أشكال التعليم في الأردن»، وفق دراسة حول التسرب المدرسي أجراها المركز الوطني لحقوق الإنسان.
وتسعى الدراسة، التي حملت عنوان «التسرب المدرسي من منظور حقوقي»، إلى تسليط الضوء على ظاهرة التسرب المدرسي في عدة مدن أردنية من منظور حقوق الانسان، عبر التعرف على العوامل والاسباب أولاً ثم الآثار التي تترتب على تلك الظاهرة بما فيها الانتهاكات التي مست حقوق الطفل.
وتناولت الدراسة واقع حال الأطفال المتسربين في محافظتي اربد والمفرق، مستخدمة المسح الميداني بالعينة العشوائية عن طريق تصميم استبيان جرى توزيعه.
وتكون مجتمع الدراسة من الأطفال العاملين في الأردن في القطاع غير المنظم، الذين تركوا المدرسة في المحافظتين لعام 2016 من الفئة العمرية (5-17) عاما.
وأظهرت النتائج أن النسبة الأعلى من الأطفال المتسربين العاملين كانت للذكور، إذ بلغت 94.2 %، في حين بلغت نسبة الاناث 5.8 %. وذلك لأن السبب الرئيسي لتسرب الأطفال من المدرسة هو لإلحاقهم بسوق العمل.
ووفق النتائج فإن 33.8 % من الأطفال المتسربين هم في عمر 15 عاما، يليهم الأطفال في عمر 14 عاما إذ بلغت نسبتهم 19.5 %، وكانت النسبة الأدنى لفئة العمرية 9 سنوات و17 سنة بنسبة 0.6 % لكل منهما، ويعود ذلك الى ان السبب الرئيسي في تسرب الاطفال في عمر 15 سنة يعود إلى انخراط الطفل بسوق العمل لإنهائه مرحلة التعليم الأساسي.
كما أظهرت النتائج أن النسبة الأعلى للأطفال المتسربين العاملين من «الجنسية السورية» وبلغت 54,5%، في حين بلغت نسبة الأطفال المتسربين العاملين الأردنيين 45,5% وتعود هذه النتيجة الى طبيعة التغيرات الديمغرافية التي طرأت على محافظتي اربد والمفرق نتيجة الأعداد الهائلة من اللجوء السوري في كلتا المحافظتين.
وحسب التقديرات الإحصائية لعدد ونسبة الاطفال الى السكان في الأردن، بلغ عدد الاطفال في الفئة العمرية (5-17) سنة حوالي 4,03 مليون طفل من مجموع السكان بنسبة 42%، فيما بلغ عدد الأطفال الذكور 2،076 مليون طفل والإناث 1,96 مليون طفلة.
فيما بلغ عدد الاطفال في محافظة المفرق من الفئة العمرية 5-17 سنة (184975) منهم (90727) إناثا، و (94248) ذكورا. اما في محافظة اربد بلغ عدد الاطفال (747763) طفلا، منهم (380653) ذكورا و(367110) إناث.
وبلغ عدد الأطفال العاملين في المملكة 75,982 حسب نتائج مسح عمالة الأطفال لعام 2016
وأظهرت احصاءات وزارة التنمية الاجتماعية لعام 2016 أن عدد الأطفال المتسولين في محافظة المفرق بلغ 69 طفلا 39 منهم ذكور. وفي محافظة إربد 22 طفلا منهم 5 ذكور.
وعلى اعتبار أن جنوح الأحداث أحد آثار التسرب المدرسي وعمالة الأطفال، فأشارت الأرقام الى أن عدد الأحداث الموقوفين في دور الرعاية الاجتماعية بالوزارة العام الماضي بلغ 2086 حالة.
وبينت الدراسة أن عدم اكتراث الأطفال السوريين بالذهاب للمدارس يعود إلى اختلاف المناهج المدرسية وصعوبة فهمها وعدم جدوى الدراسة برأيهم ورغبتهم بالمساعدة في تأمين نفقات الأسرة.
وأشارت النتائج إلى أن النسبة الأعلى بين الأطفال المتسربين العاملين كانت للأسر التي فيها الأب والأم مطلقين وبلغت 74,7 %، أما الأسر التي فيها الأبوان معاً فكانت النسبة 13%، والتي فيها أحد الأبوين متوفى بلغت نسبتهم 12,3%. وهذا يدل وفقا للدراسة، أن التفكك الأسري سبب رئيس للتسرب المدرسي.
أسباب التسرب
وأظهرت نتائج الدراسة أن أغلب الأسباب الذاتية التي أدت إلى التسرب المدرسي من وجهة نظر الطالب المتسرب نفسه هو شعوره بالإحباط وعدم جدوى التعليم، إضافة إلى الصعوبات الادراكية المتمثلة بصعوبة فهم المناهج المدرسية..
إذ تعتبر العوامل الفسيولوجية مثل صعوبة تعلم القراءة والكتابة أو الإعاقات العقلية والجسدية لبعض الطلبة، لقلة برامج إعداد وتأهيل الطلبة.
كما لاحظت الدراسة أن الشعور بأنه ليس هنالك هدف في الحياة وعدم أهمية التعليم بالنسبة للطالب نفسه هو سبب رئيس آخر للتسرب المدرسي بنسبة 59% يليه عدم قدرة الأسرة على توفير المصروف اليومي والقرطاسية والملابس، بنسبة 74%.
وأظهرت نتائج مجموعات النقاش المركزة التي عقدها المركز في محافظتي اربد والمفرق، لأغراض هذه الدراسة، أن قلة دخل الأسرة ومحدوديته يدفع كثيرا من الأسر إلى الاستعانة بأطفالها وزجهم في سوق العمل.
يلي ذلك جهل الطالب بالمدة الالزامية للتعليم الأساسي في الأردن بنسبة 72,1 وتليها صعوبة فهم المنهاج المدرسي بنسبة 70,1، والرغبة في الانفاق على الأسرة بنسبة 52,6%.
وأشارت النتائج إلى أن الأسباب التربوية التي جعلت الطالب يترك المدرسة تعود إلى «عدم تلقي أي توجيهات من المعلمين والمدراء في المدارس لحضه على اتمام التعليم الالزامي، وعدم تواصل المدير أو المرشد التربوي أو أسرة الطالب لإقناعه بالعودة إلى المدرسة، وكذلك قلة تواصل الحكام الإداريين مع عائلة الطفل المتسرب».
وكشفت جلسات النقاش المركزة أن أحد أسباب التسرب المدرسي للطلبة السوريين عدم قدرة الطاقة الاستيعابية للمدارس على شمولهم وصعوبة استيعابهم المناهج الأردنية، وعدم تكيفهم مع البيئة المدرسية.
ولفتت الدراسة إلى آثار تسرب الأطفال من المدارس، وأهمها: حرمان الطفل من حقوق الطفولة وتراجع قدرته على التطور المعرفي وارتفاع نسبة الأمية.
الى جانب التحاق الطفل المتسرب بالعمل، أظهرت النتائج أن نصف الاطفال المتسربين هم أطفال عاملين يعملون مع رب العمل، و35,7 % منهم يعملون لحسابهم الخاص، في حين أن 11,7% يعملون لدى آبائهم، و2,6% لم يحددوا عمله.
كما أن عمل الاطفال في سن صغيرة يؤثر على «نموهم الجسدي والنفسي والتناسق العضوي، وجاء ذلك من شعورهم بعدم الاكتراث واللامبالاة بأهمية التعلم والتعليم، فيفقد الطفل احترامه لذاته، فضلا عن زيادة ظاهرة أطفال الشوارع».
توصيات
وأوصت الدراسة بإيجاد ضمانات وآليات قانونية لتفعيل مبدأ إلزامية التعميم ومجانيته بنص قانوني يتضمن معاقبة الوصي الذي لا يرسل أطفاله للمدارس ويجبرهم على تركها.
ودعت إلى سن تشريعات إضافية لحماية الطفل العامل في القطاع غير المنظم.
وطالبت بتكثيف الحملات التفتيشية من قبل المفتشين التابعين لوزارة العمل وتفعيل دور النقابات، وبرامج الإرشاد التربوي للطلبة، وزيادة المسؤولية المجتمعية بإشراك مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة عمالة الأطفال.
ودعت إلى إعداد برامج متخصصة لتدريب المعلمين على كيفية تعليم الأطفال ذوي الإعاقة في المدارس الحكومية والخاصة، وتفعيل الدور الإعلامي لبرامج مؤسسة التدريب المهني بحيث يضمن إيصال التوعية ببرامجها إلى الأطفال.
وأوصت بتكثيف الحملات الإعلامية للأطفال والأسر السورية فيما يتعلق بقانون العمل والحد الأدنى لسن الاستخدام وإدماج الأطفال البالغين من سن 15-18 في برامج مؤسسة التدريب المهني.الراي