مدار الساعة - كتبت: رندا الحتامله
لم نشهد في الأردن برداً قاسياً كالذي شهدناه هذا العام، تعددت أسباب قسوته بدايةً بانخفاض درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية كنتيجةٍ حتمية لظاهرة التغير المناخي التي كانت الدول الصناعية الكبرى سبباً لها والتي تأثر بها الأردن تأثُراً مريراً رغم قلة صناعاته.
مرورا بارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء التي تفرض قسوةً اضافية على المواطنين بكافة شرائحهم، وبالقرار المعزز لارتفاع المحروقات وهو قرار فرض ضريبة باهظة على سيارات الهايبرد ليتحسس المواطن نفسه وإذ به محشور في زاوية حادة وقرارات الحكومة تحاصر الزاوية وتضغط باتجاهها، ليرجع القهقرى فبدلا من الهايبرد يهرب إلى سيارات البنزين وبدلا عن الأوتوماتيك يذهب لمحرك الوقود اليدوي هرباً من ضريبة الهايبرد واسعار البنزين الغالية.
أما عن التدفئة فكان سكان القرى والبوادي الأكثر حظاً من قاطني العاصمة عمان فما زلنا في القرى نتقن تجفيف الجفت وندرك كيف نجمع الحطب التالف دون أن نعتدي على الثروة الحرجية.
أما عن قاطني العاصمة عمان فالبرد هذا العام لم يرحم أي شريحة الفقير وذوي الدخل المحدود وحتى الغني. فالأول والثاني انكوى بنار غلاء المحروقات.
أما الغني الذي اعتاد أن يتدفأ بمكيفات الكهرباء لم يعرف سبيلاً للدفء أمام انقطاع التيار الكهربائي الذي رافق المنخفض الثلجي الأخير ، والذي استمر في بعض المناطق لساعات مما أجبر السكان على مغادرة المنزل، ذلك الإنقطاع الذي لم يمنح امتيازا لقاطني عمان الغربية بل كانوا الأكثر تأثراً فيه.
لنرى مشاهد مختلفة للعتمة بعضها بعث فينا مشاعر الرومانسية التي تحطمت على عتبات الضنك المعيشي وفي زقاق السوشل ميديا التي أرهقتنا وأشبعتنا زوراً وبهتاناً، بعد خرابٍ لحق الفايبر ومختلف مزودات الإنترنت.
كانت العتمة ترافق الزائر الأبيض في إشارةٍ استباقية للمثل الشائع "بذوب الثلج وببان اللي تحته" العتمة استبقت الذوبان والثلج ذاته كاشفةً عن تقصيرٍ وتهالكٍ في البنى التحتية وعن سوء بالتنسيق بين مختلف الجهات .
لنجد أن الجهة المعنية تقذف بالتهم على الشجر في تلميح لا تصريح فيه أن جهد وزارة الزراعة في تأمين غطاء أخضر يقلل من تبعات التغير المناخي، كان سعياً غير مشكور.
وهنا لست بصدد الدفاع عن وزارة الزراعة رغم أنها بينت بالوثائق تواصلها المستمر والإستباقي للمنخفض مع شركة الكهرباء بكامل فروعها لتقليم الأشجار المتشابكة مع الأسلاك والتي تحتاج لفنيين كهرباء لإزالتها، وتم منح شركة الكهرباء كافة الصلاحية.
شركة الكهرباء التي تقدم خدمة مدفوعة الأجر لكافة الشرائح كانت دائماً تسترق الأضواء إلا أن المنخفض جعل من العتمة عنواناً لها امام استغاثة كثير من المواطنين الذين أكدوا عدم استجابها لأي من اتصالاتهم وتوعدوا بمقاضاتها وطلب تعويض عن الأضرار التي لحقت بهم.
لتفرد العتمة جناحيها على مجلس النواب الذي يطالب بلجنة تقف على اسباب العتمة التي تعددت
ولن نستبق الحكم قبل الخروج بنتيجة تحقيق اللجنة في أسباب العتمة علنا نخرج منها إلى نور الحق الذي يضيء على ثعرات المقصرين لينالوا حسابهم ودرساً يُجنبنا العتمة.