كتب: عمر كلاب
برصانة أكاديمية, وصلابة قانونية, وبلاغة المحامي المتمكن, عرض الرئيس اجندة عمل حكومته, منذ ادائها القسم الدستوري, وحتى لحظة اللقاء مع رؤساء تحرير الصحف اليومية ومجموعة من الكتاب, ظهر امس, بلغة بيضاء من غير تكلّف او انتقاص من جهد مبذول في ظرف حساس ودقيق, على المستوى الاقليمي, وعلى المستوى الوبائي, الذي فرض ايقاعا ثقيلا على مناحى الحياة بكل اركانها, فكيف اذا كان الوضع السابق للوباء, محاصرا لسنوات طويلة بحكم الانفجارات الاقليمية التي احدثها الربيع العربي, ومحكوما بنسبة نمو لم تتجاوز حاجز الـ2% في العقد الاخير, وهي نسبة اقل من نسبة النمو السكاني, في الظروف الطبيعية, وقبل موجات اللجوء.
ثلاث نقاط من حق الجمهور الاردني ان يطلع عليها, ليس لانها علامات ايجابية في زمن يجتاح السواد, المصنوع في غرف محلية واقليمية وبحرفية عالية, الفضاء المحلي, بل بحكم التصدي الواجب لهذا السواد, الذي يستثمر في الاخطاء المصاحبة لاي جهاز تنفيذي في الدنيا, ويتم تقديمه كحالة اردنية الصنع, وليس كسلوك بشري, والاغرب ان هذا السواد لا يُبني على استثمار الاخطاء, بل يتم توضيبها في تلك الغرف دون ادنى سند, فهذا السواد, صناعة من الالف الى آخر الحروف الابجدية, فالرجل لا ينكر اخطاء حكومته ولا يضيق صدره بنقدها, فالاصل ان يتم محاصرة الرئيس بالضوابط الواجبة للاداء الرشيد.
النقطة الاولى: ان ثمة مشاريع اقتصادية كبرى قادمة, على قطاعات النقل وريادة الاعمال والصحة والتعليم وان مستثمرين يمثلون صناديقا سيادية خليجية سيصلون خلال ايام لوضع الخواتيم لهذه المشاريع الكبرى, وان الفرق الحكومية تدرس العروض المقدمة من هذه الصناديق, فالحكومة وعلى لسان الرئيس لن تقدم وعودا لا سند مالياً لها, فهذه الوعودات الكبرى التي جرى اطلاقها كانت ابرز سبب في تراجع مستويات الثقة بين الحكومة والاردنيين الى مراتب مقلقة, وهذه مشاريع مدروسة الجدوى الاقتصادية والحاجة الوطنية, بقي مشروع واحد ستبدأ الحكومة السير فيه دون حسابات الجدوى الاقتصادية, وهو مشروع ابراج السادس, فهذه الابراج تقع على مدخل عمان, ولا يجوز ان تكون شاهدة على الفشل وشهيدة على مذبح الرعب من اتخاذ القرار.
النقطة الثانية: مراجعة الجهاز الحكومي عبر لجنة تطوير القطاع العام التي ستنهي اعمالها في حزيران القادم, وعلى قاعدة ترشيق المؤسسات ودمج الوزارات والتخلص الاداري من تزاحم المؤسسات المستقلة, التي راكمت من الترهل الاداري بدل ترشيقه وهندسة اجراءاته بما يكفل تسهيل الاجراءات على المواطن, فالحكومة قد تصل الى 12 وزيرا والمؤسسات المستقلة لن يبقى إلا النزر اليسير منها, ولكن بعد تطوير الجهاز الاداري واعادة الحياة الى اوصال القيادات الوسيطة التي تم تقزيمها, وهذا ابرز اختلال اداري تعيشه الادارة العامة.
النقطة الثالثة: هي اغلاق ملف التوقيف الاداري ضد النشطاء السياسيين والحراكيين, فهذا ملف انتهى الى غير رجعة, اما التقاضي واللجوء الى القضاء فهذا شأن لا نتدخل فيه كحكومة, والحديث على لسان رئيس الوزراء, فالحكومة منفتحة على النقد البناء, ومنفتحة اكثر على الشراكة مع الاعلام, بعد ان تجاوزنا الظروف الوبائية التي منعت انتظام اللقاءات والمكاشفة, فالحكومة لديها الكثير مما تقوله ولديها ما تفخر به من انجازات, ولديها الجرأة على الاعتراف بالاخطاء ايضا.
هذه النقاط الثلاث, لم تكن الوحيدة, بل ان الحالة الوبائية كانت حاضرة بوضوح, لا اغلاقات ولا عودة عن التعليم الوجاهي, وثمة سياسة جديدة في النشرة الوبائية, وثمة تراجع في خدمة الدين العام للمرة الاولى منذ سنوات طويلة, وهناك الكثير من البشائر التي تحمل الخير, حسب حديث الرئيس, لكنه ملتزم بعدم الحديث عن موضوعات لا تكون محسومة او مرصوداً لها في الموازنة العامة.
omarkallab@yahoo.com
الرأي