حرب شرسة ومنظمة وبكل الوسائل والتقنيات يتعرض لها الأردن والأردنيون خلال اكثر من عشر سنوات وما زالت تزداد شراسة وإصراراً من خلال استهداف الحدود الاردنية الشرقية والشمالية التي يزيد طولها على ٦٠٠ كم.
القصة ليست تهريب مخدرات فقطـ وإن كانت المحاولات لتهريب المخدرات لا تتوقف كل يوم لكنها أيضاً محاولات استنزاف الجيش وحرس الحدود في عمليات متتالية والهدف إضافة للمخدرات السلاح والأشخاص الذين يريدون دخول الاردن بشكل غير شرعي لأهداف وغايات عدوانية.
خلال سنوات وجود «داعش» بقوة في سوريا والعراق عملت الدولة على حماية الاردنيين من خطر قدوم الارهاب عبر الحدود، وكانت الحدود هدفا على مدار الساعة لتنظيمات إرهابية حاولت التسلل الى الاردن بل ربما ذهب خيال بعضها الى الاستيطان في جغرافيا اردنية حدودية تماما مثلما حصل في بعض دول الجوار، وكانت سنوات صعبة ومتعبة لكن الجيش والامن عملا بكل احتراف لمنع تسرب الارهاب او السلاح الى الاردن.
لكن هذه الحرب لم تتوقف حتى بعد حالة الضعف التي اصابت تنظيمات التطرف والإرهاب، فاليوم هنالك عمل لا يتوقف تحت ستار تهريب المخدرات للحرب على الاردنيين، ونتذكر ان هذه الحرب استخدمت احيانا طائرات مسيرة، وهذه الطائرات لها هوية سياسية في الإقليم، والملفت انه رغم التصدي البطولي من الجيش لعمليات التهريب الا ان من يقود هذه الحرب يتعامل بمنهجية تجعله لا يتوقف يوما عن المحاولة، فقبل ايام ارتقى شهيدان من ابطال حرس الحدود في مواجهة مع حرب التهريب وفي اليوم التالي كان هناك محاولة جديدة أحبط فيها الجيش محاولة تهريب كميات كبيرة من انواع المخدرات.
لو كانت حرب تجار مخدرات لكان لها مسار آخر لكنها حرب تختلط فيها كل انواع التهريب، ومن يقودها يريد اولا استنزاف حرس الحدود، ولهذا فهي اليوم حرب استنزاف من نوع آخر يخوضه الاردن مع اطراف من المؤكد ان هويتها معلومة لدى الجهات المسؤولة،وشكل المعركة وتفاصيلها تجعل حتى المواطن العادي يرسم معالم العدو وتفاصيله.
عبر تاريخ الدولة كان التهريب للسلاح او المخدرات او حتى الاغنام وكلها للتجارة، لكن الحرب اليوم لها طبيعة مختلفة حتى وان كانت المخدرات او السلاح جزءا من ادواتها، هي حرب دفع فيها الاردن رجالاً كراماً انضموا الى مواكب الشهداء وآخرين اصيبوا في مواجهة ارهاب التهريب، وها هي الحدود وخاصة الشمالية تتحول إلى بؤرة استهداف للاردن مع ان استقرار الامور في الجنوب السوري كان يجب ان يطفئ اي حالة عدم استقرار في تلك الحدود.
الجهد العظيم والبطولي للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية يفشل أهداف هذه الحرب، لكن يبدو أن الأمر يحتاج إلى مسار إضافي لمعالجتها سياسياً، فالقصة ليست تجار مخدرات بل تجار من نوع آخر.
الرأي