فجر أمس استشهد النقيب محمد الخضيرات وأصيب رفاقه ضباط الصف إصابات بالغة، وهم يدافعون ويدفعون خطر الإجرام المتسلل عبر الحدود الشمالية الشرقية، ويمرّ الخبر كأنه حادث سير، فيما انشغل غالبية الشعب والعالم بما حدث في مجلس النواب من شيزوفرينيا استعراضية بالقبضات والشتائم لأيام، ودفن رفاق السلاح والأهل الشهيد الخضيرات في بلدته الأربدية.
الشهيد الخضير ورفاقه ليسوا أول وآخر من يحمى الوطن بصدورهم النقية من كل غبن، بل هم سلالة للدم النقي لأبناء جيشنا الصهور، ويمر الخبر مرور الهواء دون أن يعصف بورق الشجر حتى.
الخضيرات روى بدمه ثرى الوطن مقداما جسورا وخلفه مجموعة من الزملاء البواسل لم يشكو أحد منهم حرّ الصيف وغبار الصحراء ولا قرّ الشتاء وتتبع نشرات الأرصاد الجوية، وحالهم كحال الأسود التي تدافع عن الغاب بما فيها من رعية، وستمر الأيام وينسى القوم أبطالهم الذين كانوا سورا منيعا بقبضات زندهم على السلاح، فكم شهيد قدم هذا الشعب، لينام أطفال القرى والأحياء والمدن قريري الأعين.
يبدو أن التراب الأردني يعشق دماء ابنائه الأشاوس، دماء العسكر الذين يحرسون حدودا مفتوحة للمجهول، و القبعات السوداء تحتها هامات لأبطال نذروا أنفسهم لحماية الوطن وأهله دون أي حساب لما قد يوشك بهم من خطر لا يعلمون مصدره، ولا يدرون متى المنيّة ولا ينشغلون بأعمالهم وتجارتهم أو كيف سيتدبر أطفالهم وعائلاتهم ملبسهم ومطعمهم ومصاريف الغاز والكاز والسولار الذي يمد الدفء في «الصوبات» القديمة والتي يحافظ عليها غالبية عائلات الفقر والحاجة والستر، أولئك العسكر الذين فقدناهم للتو بين شهيد وجريح لم يثنهم المطر والصقيع عن دفاعهم ضد عصابات الإجرام و المخدرات.
الحدود الشمالية لا زالت تشكل خطرا مستمرا، ليلا ونهارا، فعصابات الإجرام والمخدرات والمتفجرات والأسلحة تعيث في الجنوب السوري بلا رقيب ولا حسيب، وهم يحاولون يوميا الدخول من أضعف نقاط الحدود المحرمة بين الجانبين، وتبذل القوات المسلحة الأردنية بضباطها وأفرادها الصناديد هناك جهودا مضنية لحراسة حدودنا الشمالية من أي خطر، وتمسح طائرات سلاح الجو المنطقة يوميا، وتتابع أجهزة الرصد أي تحركات مشبوهة، ولكن المجرمين لهم طرائقهم، فغالبيتهم يقتحمون الحدود وهم مساطيل جراء تعاطيهم المخدرات، ولا يتورعون عن إطلاق النار على من يواجهونهم، ولكن بفضل الله الذي سخرّ جنودا نفاخر بهم هناك يحبط عسكرنا الكثير من العمليات داخل وخارج الحدود.
الإجرام الذي تشكله العصابات الإرهابية على الأراضي السورية الشرقية ليس له حدود، فمصانع ومخازن المخدرات تمتد عبر شريط طويل يستورد مواده من جنوب لبنان، ولا أحد هناك يشعر بأي ضمير، ففي العام 2016 أقدم المجرمون الإرهابيون بتفجير سيارة نقل ضد مركز للجيش الأردني يقدم المعونات للاجئين في الجانب المحاذي، ما أدى الى استشهاد سبعة من جنود جيشنا، وتلاه تفجير داخل المخيم قضى فيه عدد من اللاجئين هناك، ولا زال حتى اليوم الخطر محدقا.
رحم الله شهداءنا،أبناء الخوذة و «الصاك والقايش»، مع حصرية الوصف للزميل عبدالهادي راجي، هم حماة الديار.
Royal430@hotmail.com
الرأي