مدار الساعة - نعرف جميعاً أن فيسبوك ينتهك خصوصيتنا، مع ذلك، يقلل الكثيرون من شأن مدى تطفّله على حياتنا الشخصية. لكن الأمر أسوأ مما يمكنك تخيّله، فلا يقف تطفّل فيسبوك عند التجسس على اهتماماتنا وأنشطتنا، بل يمتد الأمر إلى نمط حياتنا وانحيازاتنا السياسية وأعمق أسرارنا ومسائل شخصية أخرى نودّ على الأرجح ألا نخبر بها أحداً.
إن فيسبوك يراقبك عن كثب لدرجة أنه يعرفك أكثر مما تعرف نفسك. ومثلما ستدرك في القريب العاجل، فإن حذف حسابك على فيسبوك أو حتّى رفض استخدامه أو أيّ من الخدمات ذات الصلة به لن يمنعه من تتبّعك. فموقع فيسبوك يؤسس صفحة شخصية لك ويُبقي عليها، حتّى وإن لم تكن تستخدم أياً من خدماته. وهذا ليس سوى غيض من فيض.
10- توجهك السياسي
يعرف موقع فيسبوك توجّهك الفكري السياسي، حتّى وإن لم تكن قد أفصحت عنه عبر أي من تطبيقاته ولم تضغط قطّ زر الإعجاب بصفحة أحد المرشّحين الانتخابيين. ويحدد فيسبوك ميولك السياسية عبر فحص أنشطتك من خلال خدماته، ثم يستخدم تلك المعلومات ليُصنّفك كليبرالي، أو وسطي، أو محافظ.
والطريقة التي يصنّف بها قناعاتك السياسية ليست واضحة. ويعتقد محللون أن الموقع يتتبع تفاعلك مع المؤسسات السياسية. على سبيل المثال، إعجابك بصفحة "الاتحاد القومي للأسلحة – National Rifle Association" أو التفاعل معها سيجعل فيسبوك ينتبه إلى انتمائك للتيار المحافظ.
9- حياتك العاطفية
يعرف فيسبوك حينما تكون واقعاً في الحب، قبل أشهر من إعلان هذا على صفحتك الشخصية. فبفضل تحليل مليارات (أو حتّى تريليونات) البيانات، بإمكان فيسبوك التنبؤ بأفعال العشاق المرتقبين.
يعرف فيسبوك أن شيئاً ما سيحدث قريباً حينما يلاحظ زيادة مفاجئة في التعليقات والمشاركة بين شخصين. ففي المتوسّط، ينشر من يُتوقّع ارتباطهم عاطفياً على حسابات بعضهم البعض 1.53 منشور في اليوم قبل 85 يوماً من إعلام ارتباطهم رسمياً. ويزداد ذلك إلى متوسط 1.67 منشور في اليوم قبل بدء العلاقة بـ 12 يوماً.
إلا أن وتيرة تلك المنشورات تتباطأ قليلاً حين يبدأ المُحِبَّان علاقتهما. وبشكل عام تقل تعليقاتهما، ورسائلهما، وتفاعلهما. إلا أن هذا التقليص لا يعني شيئاً سيئاً. وإن كانت له دلالة، فهو يعني أن العلاقة صحيّة. وتحتوي التعليقات التي تُنشر بعد بدء العلاقة، وكذلك الرسائل والتفاعلات دائماً على محتوى أكثر قيمة من تلك التي أرسلاها لبعضهما البعض قبل بدء العلاقة.
8- سجل الاتصالات والرسائل القصيرة والرسائل متعددة الوسائط
يحتفظ موقع فيسبوك بتفاصيل كل مكالمة، وكل رسالة نصية، وكل رسالة متعددة الوسائط ترسلها أو تستقبلها. ويحتفظ كذلك بكل شيء بخصوص تلك المكالمات الهاتفية، بما في ذلك الأسماء، وأرقام المتصلين وبيانات مستقبلي الرسائل، والتواريخ، والمواقيت، ومدّة المكالمات الهاتفية.
ويحتفظ فيسبوك بتلك المعلومات لسنوات. في عام 2018، وجد بعض المستخدمين -الذين حمَّلوا أرشيف بياناتهم الذي يشمل معلومات سجلها لهم فيسبوك- سجلاً لمكالمات ورسائل نصية يعود تاريخها إلى عام 2015.
ولحسن حظ مستخدمي نظام تشغيل iOS، هذا الانتهاك الصارخ للخصوصية يلحق فحسب بمستخدمي نظام تشغيل أندرويد، إذ لا تتيح شركة آبل للتطبيقات الوصول إلى مثل هذه المعلومات.
ومثلما هو الحال دوماً مع فيسبوك، أنكر فيسبوك الوصول إلى سجلات المكالمات والرسائل الخاصة بمستخدمي أندرويد دون إذنهم. وهذا صحيح إلى حد ما، لأن تلك الخاصية كانت تلقائية في الإصدارات الأولى من أندرويد، فلقد كنت توافق على تلك الشروط تلقائياً عبر تنزيل تطبيق فيسبوك واستخدامه.
ومع ذلك، اتهم العديد من المستخدمين فيسبوك بالوصول إلى بيانات مكالماتهم ورسائلهم بطريقة غير قانونية في النسخ الحديثة من نظام تشغيل أندرويد، التي تلزم فيسبوك بطلب الوصول إلى بيانات المكالمات، والرسائل النصية، ورسائل الوسائط المتعددة. ويزعم هؤلاء أن فيسبوك قد وصل إلى مكالماتهم ورسائلهم حتّى قبل رفض طلب الوصول.
7- وجودك في الحياة
الكثيرون لا يستخدمون موقع فيسبوك أو حذفوا حساباتهم إثر مخاوف متعلقة بالخصوصية، ومع ذلك، هذا لا يعني أنهم بمنأى عن إزعاج فيسبوك. إن فيسبوك يكترث بشأنك حتّى وإن لم تكن تستخدم خدماته. فهو يعرف أنك على قيد الحياة، وعلى الأرجح أعدّ لك حساباً على فيسبوك.
فالجميع لديهم حسابات على موقع فيسبوك، طالما لديهم أصدقاء يستخدمونه، أو أصدقاء لأصدقائهم، أو أصدقاء لأصدقاء أصدقائهم .. إلخ. وتلك الحسابات المُسماة بـ "حسابات الظل" حرفياً ليست مرئية بالعين المجرّدة، إذ توجد فحسب على خوادم تشغيل موقع فيسبوك.
دعنا نفترض سيناريو افتراضياً أنك لا تستخدم موقع فيسبوك، بينما يستخدمه أصدقاؤك. ويرفع آنذاك رقم هاتفك ويحتفظ به حينما يؤسس الآخرون حسابات على الموقع. ويربط الموقع أرقام الهواتف هذه بالمستخدمين الحاليين ويقترح عليهم إضافتهم كأصدقاء. هذه باختصار خاصية "أشخاص قد تعرفهم" التي تجدها على الصفحة الرئيسية بالموقع.
يؤسس فيسبوك حسابات الظل لمن هم مثلك وليس لديهم حسابات على الموقع، ويعزز المعلومات على حسابك الظلّي كلما أنشأ أصدقاؤك حسابات على فيسبوك ورفعوا جهات الاتصال خاصّتهم عليه. يربط فيسبوك حسابك الظلّي بحسابك الحقيقي حينما تنضم إليه في نهاية المطاف، وبهذه الطريقة يقترح الأصدقاء الذين عليك إضافتهم إذا لم ترفع بنفسك بيانات الاتصال المتاحة على هاتفك.
6- موقعك الجغرافي
اكتسب جوجل سمعة سيئة لاهتمامه البالغ بالمعلومات المتعلقة بموقعك، إلا أن ثمّة موقعاً ينافسه سِراً، ونتغاضى عنه في المسائل المتعلقة بـ "سرقة بيانات المواقع المكانية"، وهذا المُنافس هو فيسبوك.
يعرف فيسبوك مكانك في كل لحظة. وإن كنت تشعر بأن ذلك أمر مريب، فلتعرف أيضاً أنه يخزّن تلك المعلومات على خوادمه. لذا فهو يعرف كل مكان ذهبت إليه، حتّى تلك الأماكن التي نسيت أنك زرتها يوماً.
تتبّعك شركة فيسبوك باستخدام تطبيق فيسبوك على هاتفك، فالتطبيقات تتبّعك طوال الوقت، حتّى وإن لم تكن تستخدمها. ويعرض فيسبوك على الجميع خيار الحد من خواص التتبع المتاحة للتطبيق، أو يمكنك حتّى إلغاء تلك الخاصية كلياً، لكن بعض المستخدمين قد لاحظوا أن فيسبوك ما زال يتتبعهم حتّى حينما أوقفوا عمل تلك الخاصية.
وحين لا يعتمد فيسبوك على خاصية تحديد الموقع بهاتفك، فإنه يلجأ إلى استخدام شبكة Wi-Fi، وعنوان IP، والبلوتوث، وعادات التصفّح، والأماكن التي تسجّل وصولك إليها عبر الموقع، وجهات الاتصال التي ترفعها على الموقع. وعلى عكس خاصية تحديد الموقع، لا يمكنك إيقاف تشغيل تلك الخصائص.
5- الحمل
يعرف فيسبوك ما إذا كنتِ حاملاً واحتمالية حملك إذا لم تكوني كذلك في الوقت الحالي. لذا لا تندهشي حينما تبدأين في رؤية إعلانات مستلزمات العناية بالأطفال. إذ يتيح موقع فيسبوك للمعلنين استهداف الحوامل وسيستهدفونك إذا كنت تشكّين في حملك.
ورفض فيسبوك الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بسبل التعرّف على النساء الحبلى، لكنه قال إنه يستخدم في أحيان نادرة بيانات تنشرها السيدات حينما يُعلنّ حملهن.
وهذا الكشف في واقع الأمر مريب جداً، حتّى وإن كان يفترض به تهدئة بال المستخدمات. إذ يفترض أن تكون منشورات الصفحة الشخصية هي الطريقة الأرجح لمعرفة ما إذا كانت السيدة حبلى، أليس كذلك؟ وهذا حتّى يتعارض مع ما قاله فيسبوك لأحد المعلنين بشأن طرق تعرّفه على النساء الحوامل، إذ قال إنه يعرف احتمالية حمل النساء بناء على ما ينشرنه على صفحاتهن بالموقع.
ولم يفسّر فيسبوك ما يعنيه بـ "النشر". فإن تعديل الحالة يعد منشوراً، ولكن هذا ليس المعنى الوحيد للمنشور. وقالت مجلّة Ad Age، التي حققت في الجدل المثار حول استهداف إعلانات فيسبوك للحوامل، إن الشركة "تعمّدت الغموض" فيما يتعلق بالكشف عن طرق تحديد النساء الحبلى.
4- نمط نومك
يعرف فيسبوك ما إذا كنت نائماً أو مستيقظاً. وبإمكان أي شخص -يعرف القليل عن البرمجة بما يؤهّله لاستخلاص تلك المعلومات من تطبيق المراسلة على فيسبوك- أن يعرف نمط نومك.
يشمل فيسبوك خصائص تحدد المواقيت التي تستخدم فيها التطبيق على أي من أجهزتك. وبكودٍ منوط به يستطيع معرفة حالة جميع من هم ضمن قائمة أصدقائك، يمكن للمرء معرفة ما إذا كان أصدقاؤه متصلين بالإنترنت، أو غير متصلين، أو متصلين دون تفاعل. ويمكن استخدام تلك المعلومات لاحقاً لتحديد المواقيت التي تنام فيها وتستيقظ.
3- الانفصال عن علاقاتك العاطفية
فلنعد إلى مسألة العلاقات العاطفية. يمكن لفيسبوك التنبؤ بما إذا كنت أنت وشريكك/شريكتك على وشك الانفصال، حتّى قبل أن يدرك أحدكم ذلك. لذا فاعلم أن الانفصال آتٍ قريب حينما تبدأ في رؤية إعلانات مواقع المواعدة على صفحتك.
ولا يتنبأ فيسبوك بالانفصال بناء على الصور التي تلتقطها بصحبة حبيبك/حبيبتك أو وتيرة التواصل بينكما. بل يحدد الأمر بناءً على أصدقائكما المشاركين وعلاقتك بأصدقاء شريكك/شريكتك المقربين. ويعتبر فيسبوك أن علاقتكما صحّية وسليمة إذا كان لديك أنت وشريكك العديد من الأصدقاء المشتركين، وإذا كنت مقرباً من المقربين لشريكك.
مع ذلك، إذا لم يكن لديكما أصدقاء مشتركون كُثر، وشريكك/شريكتك في منأى عن أصدقائك المقربين، تزداد احتمالية انتهاء تلك العلاقة. ويعرف فيسبوك أن هذا النوع من العلاقات بالكاد يستمر نحو شهرين قبل أن تتبدد.
2- مؤشَّر الفأرة بحاسوبك
إذا كنت تستخدم فيسبوك عبر حاسوبك الشخصي، فها نحن نحيطك علماً أن فيسبوك يتتبع حركة الفأرة على شاشتك. فخلال تحقيقات الكونغرس الأمريكي بشأن فضيحة بيانات فيسبوك-كامبريدج أناليتيكا في عام 2018، كشف فيسبوك عن تتبّعه لحركة مؤشّر الفأرة ليحدد ما إذا كان المستخدم بشرياً أم روبوتاً.
وكان ذلك سيعد عذراً جيداً للغاية، إلا أن فيسبوك قد كشف الحقيقة قبل سنوات قليلة من تلك الواقعة، حينما قال إنه يتتبّع حركة الفأرة لمعرفة الإعلانات التي يضغط عليها المستخدمون أو يتوقّفون عندها بالمؤشّر. وفي أحد التصريحات، أشار فيسبوك إلى أنه يتتبّع حركة مؤشّر الشاشة ليعرف الإعلانات التي تستهوي المستخدمين.
1- أقرباؤك الراحلون والمنسيون
في عام 2017، عثر الكاتب بموقع Gizmodo، كشمير هيل، على قريبته حينما اقترح فيسبوك عليه إضافتها كصديقة. لم يكن لدى الاثنين أي أصدقاء مشتركين، ولهما أسماء عائلة مختلفة، ولم يلتقيا منذ 35 عاماً، ومع ذلك، علم فيسبوك أنهما من عائلة واحدة.
بالفعل سبق أن شرحنا كيف تعمل خاصية "أشخاص قد تعرفهم" على فيسبوك أعلاه. ومع ذلك، يبدو أن الأمر أكثر تعقيداً مما نعتقد.
إن موقع فيسبوك لا يعتمد فحسب على جهات الاتصال المتاحة على هاتفك والحسابات الظلّية لاقتراح إضافة "أشخاص قد تعرفهم"، بل يستخدم أيضاً مكانك، وتقنيات التعرف على الوجوه، حتّى إنه يشتري البيانات من تطبيقات أخرى. حتى إن إحدى الطبيبات النفسيات قد علمت أن مرضاها يُرشّحون لبعضهم البعض عبر الموقع.
ومع ذلك، في واقعة لا يناسبها وصف أقل من المفارقة، كان الكاتب كشمير هيل يتقصَّى السبل التي يقترح بها فيسبوك الأصدقاء، حينما اقترح عليه إضافة ريبيكا بورتر كصديقة.
كانت ربيكا قد تزوّجت من شقيق جدّه بعد عام واحد من مولده، وكانت هذه هي المرّة الوحيدة التي التقى الاثنان خلالها. ولم يكن لديهما أصدقاء مشتركون وكانا يسكنان بعيداً عن بعضهما البعض، إذ كانت تعيش ربيكا في أوهايو بينما يسكن هيل في فلوريدا.
وقد تخلّى جد هيل البيولوجي -ويدعى بورتر- هن هيل في مهده، وتبناه لاحقاً شخصٌ يدعى هيل. ومن هنا اكتسب لقبه. وبعد 35 عاماً من تلك الواقعة، توسّط فيسبوك في جمع هيل بعمّته الجدّة.