طبول الحرب بسبب كورونا، يتم قرعها فوق رؤوسنا، ليل نهار، وسواء كان ذلك بسبب شراسة الوباء، او سوء الادارة، او الفوضى من جانب الناس، الا ان النتيجة واحدة، اي تمدد الوباء.
يخرج مستشار رئاسة الوزراء لشؤون الصحة ومسؤول ملف كورونا الدكتور عادل البلبيسي ويقول إن هناك مؤشرات على دخول الأردن للموجة الرابعة من فيروس كورونا، وأن 33 % من عينات فحوص كورونا نتائجها مصابة بالمتحور أوميكرون، فيما يقول الوزير الاسبق الدكتور وليد المعاني إننا ذاهبون إلى الموجة الرابعة لا محالة، وأن نسب الاصابة بمتحور أوميكرون من الإصابات ترتفع، وبعد وقت سيكون معظم الحالات هي الأوميكرون، وهو معد جدا، وبينهما تحذر كل الاراء مما هو مقبل وآت، على الصعيد الصحي في الاردن، وارتداد ذلك على كل القطاعات من السياحة الى السفر، مرورا بالتعليم، والتجارة، والصناعة، والنقل، وغير ذلك.
نحن نمر بفترة صعبة جدا، وهذا حال دول كثيرة في العالم، وهي دول تغرق اليوم بسبب المتحورات الجديدة، وبعضها عاد الى الاجراءات المتشددة، وبعضها الاخر اغلق حدوده مؤقتا، وهناك دول فرضت الجرعة الثالثة المعززة، ضمن معايير وعقوبات في حال عدم الالتزام، بل اننا وصلنا الى حد الكلام عن جرعة رابعة معززة، لكن المشترك بين كل هذه المؤشرات، ان الوضع العام ليس سهلا، وان الازمة ما تزال قائمة في اغلب دول العالم، والاردن من بينها بشكل واضح.
هناك حالة ارهاق عصبي في الاردن، فالغالبية تشعر بضيق من هذا الوضع، سواء الاجراءات اليومية، او التفتيش، او كثرة التحديثات التي ترفع المعنويات احيانا، وتهبط بها في احيان ثانية، وسط الاشاعات عن احتمالات تطبيق الحظر الجزئي، او الكلي مجددا، وهو ما تنفيه الجهات الرسمية، وهو نفي لن يصمد مطولا، اذا انفجرت الحالات وزاد عددها الى درجة عجز الجهاز الصحي عن التعامل مع هذا الوضع، دون ان ننكر هنا ان الجهات الرسمية لا تتمنى الحظر، بأي شكل، كونه سيعبر عن سوء ادارتها للازمة، وكونه سيترك ضررا مباشرا على تحصيلات الخزينة المالية، من النشاطات الاقتصادية التي يتم فرض الضرائب المختلفة عليها بشكل دائم ومعروف.
هناك انقسام في الحالة الشعبية ازاء الوباء، وبرغم انك ترى كثرة هرعت لتلقي الجرعة الثالثة المعززة، الا انك ترى بالمقابل من يرفض تلقي اي جرعة، او من تلقى الجرعة الاولى وتهرب من الثانية، وحين تسأل الناس عن سبب هذه السلبية يقال لك، ان اللقاحات لم تؤد الى وقف الوباء، وان من يتلقون اللقاح يصابون ايضا، فيما الرأي الطبي وهو الاصوب، يقول ان تلقي اللقاح لا يمنع العدوى، لكنه يخفف كثيرا من المخاطر، ويجعل العدوى بسيطة، ومحتملة.
اغلب الاماكن التي تذهب اليها، ترى فيها قلة الالتزام، وقد زرت مثلا احدى الجامعات قبل ايام، وكنت مذهولا لأنه لا اعضاء الهيئة التدريسية، ولا الطلبة يلتزمون بالكمامات، مثلا، واذا كان موقع مثل الجامعة، يشهد مثل هذه الظاهرة، فلماذا نلوم من نراهم لا يلتزمون في مواقع ثانية؟
في كل الاحوال فإننا نعبر سنة ثالثة من وباء كورونا، بما يعنيه ذلك صحيا، واقتصاديا، وهذا الوباء اصعب من الحروب، لان الحروب اذا قامت لديك حلول للتعامل معها، اقلها تغيير موقع حياتك طلبا للنجاة، فيما هذا الوباء، يتمدد في الهواء وينتقل عبر وسائل كثيرة، ولا يمكنك معه النجاة الا بإجراءات صعبة تحد من الحرية الشخصية، وحركة الانسان المستجدة، مقارنة بحركته الطبيعية التي اعتاد اليها، في ظل تشويش عالمي في الاراء الطبية، وتناقضها، كل يومين، بما يجعل اسوأ كلف هذا الوباء، تلك الكلفة المتعلقة بصناعة الخوف والذعر، واعادة انتاج الشخصية الانسانية، لتصبح قلقة، من اقرب الناس إليها، وحذرة بلا حد او حدود.
الغد