مدار الساعة - بينما كشف العلماء أن المتحور الذي اكتشف فرنسا يحمل أكبر قدر من التغييرات مقارنة بالسلالة الأصلية من فيروس كورونا مقارنة بكل المتغيرات، فإنهم لا يعلمون بعد مدى خطورة وسرعة انتشار المتغير الفرنسي الجديد.
إذ لا يزال العلماء يدرسون المتحور الذي، اُكتشف لأول مرة في فرنسا العام الماضي، لتحديد إن كان هذا المتحور الفرنسي سيصبح "مصدر قلق" مثل المتحورين الآخرين دلتا وأوميكرون.
والمتحور الفرنسي من فيروس كورونا أصاب حتى الآن 12 شخصاً يعيشون في جنوب شرق فرنسا، وتم اكتشاف المتغير الجديد قبل اكتشاف Omicron ولم ينتشر على نطاق واسع، مما دفع الخبراء إلى القول إنه لم يعد مصدر قلق كبير بعد، حسبما ورد في تقرير لموقع healthline.
ومتحور كوفيد الجديد B.1.640.2، يحمل اسم IHU، كاسم غير رسمي أُطلق عليه في إشارة إلى مجموعة الباحثين الذين يدرسونه في معهد IHU Mediterranee Infection في مرسيليا بجنوب فرنسا.
من أين أتى متحور IHU؟
قالت مجموعة العلماء في ورقة بحثية عن النتائج التي توصلوا إليها، نُشرت على موقع العلوم الصحية medRxiv، إن الحالة الأولى لمتحور IHU كانت لشخص سافر مؤخراً إلى الكاميرون بغرب إفريقيا، في رحلة مدتها ثلاثة أيام.
وبخلاف الإصابات الـ12، لا توجد حالياً حالات أخرى معروفة مصابة بمتحور IHU، الذي سُجل لأول مرة على قاعدة بيانات تتُّبع المتحورات GISAID في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، في المنطقة التي اُكتشف فيها، أو في فرنسا أو في أي بلد آخر.
ووصف معدو الدراسة المتحور الجديد في تحليلهم بأنه "متحور جديد يُحتمل أنه نشأ في الكاميرون"، وإن كان لا يُعرف يقيناً بعد أين نشأ IHU فعلياً، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Independent البريطانية.
كيف يختلف هذا المتحور عن المتغيرات السابقة؟
رغم ظهور متحورات جديدة من كوفيد-19 طوال الوقت، قال الخبراء إن هذا المتحور بالتحديد يثير الدهشة لأنه يحوي 46 طفرة، وهذا يجعله أكثر مقاومة للقاحات المتوفرة حالياً.
وأضاف الباحثون في تحليلهم أن هذه الطفرات لم تُرصد في بلدان أخرى وأن أول شخص رُصدت إصابته بمتحور IHU كان قد تلقى جرعات اللقاح كاملة.
وكشفت الدراسة، التي لم تخضع لمراجعة النظراء بعد، أيضاً أن البروتين الشوكي في المتحور الجديد يحمل 14 بديلاً للأحماض الأمينية، منها N501Y و E484K، وتسع طفرات حذف.
كون المتغير الفرنسي يحمل طفرة N501Y، يجعل الخبراء يعتقدون أنه قد يكون أكثر قابلية للانتقال.
المتغير الفرنسي الجديد
وتأتي أهمية مسألة عدد الطفرات من أنها كشف عن مدى اختلاف المتغير عن الإصدار الأصلي للفيروس، حسبما قال روبرت مدير معهد المناعة الذاتية وأمراض الروماتيزم في سانت جوزيف هيلث الأمريكية، ومؤلف كتاب "مناعة قوية".
هذا مهم لأنه يغير الكيمياء الفراغية (بنية) بروتين سبايك، وتعتمد فعالية جهاز المناعة على التعرف على بنية الفيروس من أجل خلق استجابة مناعية.
وجد الباحثون أنه يحمل أيضاً طفرة E484K ، مما قد يعني أن المتغير سيكون أكثر مقاومة للقاحات.
وقال العلماء الذين يدرسون المتحور الجديد: "هذه البيانات مثال آخر على تقلب متحورات كوفيد الجديدة والعجز عن التنبؤ بها".
وأضافوا أن "الاكتشاف اللاحق لثلاث طفرات في الجين الشوكي.. لم يكن متوافقاً مع نمط متحور دلتا الحاضر في جميع إصابات فيروس سارس-كوف-2 تقريباً في ذلك الوقت".
وقالوا إن هذا يؤكد أهمية "المراقبة الجينية" في حربنا مع كوفيد.
هل يجب علينا أن نقلق من المتغير الفرنسي الجديد؟
رغم أن الخبراء لا يزالون يعملون جاهدين لمعرفة إن كان متحور IHU "مصدر قلق"، قال أحد علماء الأوبئة إن اكتشافه وحده لا يعني أنه سيكون خطيراً مثل المتحورات الأخرى.
وكتب إريك فيجل دينغ، الباحث في اتحاد العلماء الأمريكيين، في مجموعة من التغريدات على تويتر الأسبوع الماضي: "ما يجعل المتحور معروفاً وخطيراً هو قدرته على التكاثر بسبب عدد الطفرات المرتبطة بالفيروس الأصلي التي يحويها".
وأضاف: "علينا أن ننتظر لنرى إلى أي فئة سينضم هذا المتحور الجديد".
وقالت ماريا فان كيركوف، خبيرة الأمراض المعدية في منظمة الصحة العالمية (WHO)، في تغريدة عن هذا المتحور يوم الإثنين 10 يناير/كانون الثاني إن منظمة الصحة العالمية صنفته بأنه "متحور تحت المراقبة".
وهذا التصنيف يعني أنه متحور يحمل "تغيرات جينية يُشتبه في تأثيرها على خصائص الفيروس وبعض الدلائل على أنه قد يشكل خطراً في المستقبل، ولكن الأدلة على التأثير الظاهري أو الوبائي غير واضحة حالياً".
وبصفة عامة تميل تحليلات الخبراء حتى الآن إلى أنه لا يستدعي قلقاً مفرطاً في الوقت الحالي، حسب تقرير The Independent.
وقال دكتور لاهيتا إن المتغيرات التي تم تحديدها حديثاً لا ينبغي أن تسبب الذعر، ومن المهم انتظار المزيد من المعلومات.
وأضاف: "من المهم الانتظار ورؤية النتائج السريرية". "هل سيكون المتغير الفرنسي شديداً على المرضى مثل متغير (دلتا)، أم سيكون أكثر اعتدالًا مثل (أوميكرون)؟ هل ينتشر بسرعة أم ببطء أم لا على الإطلاق؟ ما مدى فاعلية الفيروس على من يتم تطعيمهم، وهل غير محصنين؟".
وأوضح أنه فقط بعد حصولنا على هذه المعلومات، سنتمكن من تحديد ما إذا كان المتغير الفرنسي الجديد "مدعاة للقلق".
وفي الأثناء، قال عالم الفيروسات توم بيكوك من قسم الأمراض المعدية في جامعة إمبريال كوليدج لندن، إن هذا المتحور لديه "فرصة معتبرة لإثارة المتاعب لكنها لم تتحقق أبداً في الواقع".