تشتد الحاجة إلى الخروج من منصة «حادت عن راسي بسيطة»، و من حالة التفرج على «مذبحة» وسائل التواصل الاجتماعي، التي يمكِّنها الصمتُ عليها، إلى المزيد من الهدم والحفر والكراهية والتحريض، المرتبط طرديا، مع تراجع وصمت وإغضاء الطليعة والنخبة عن قول كلمة الحق والحقيقة.
فما هو واجب الطليعة والنخبة، إن لم يكن دعم الحريات العامة وتعـزيز قيم التسامح ونشر وإشاعة الثقافة الديمقراطية والتربية المدنية والإعلامية والأمن والاستقرار .
إن من صميم واجبات الطليعة، مواجهة خطاب الكراهية والعنف والتحريض والتعصب، وإدارة حوار وطني ينبذ التشدد، ويؤكد على المواطنة.
ومن صميم واجبها، توفير جسر آمن لعبور أجيالنا الشابة، بعيدا عن الانغلاق والغلو والعنف، من خلال تعزيز قيم العدل والعدالة الاجتماعية والقانون والحداثة والتقدم.
وتبني قيم التسامح بين أبناء الوطن والإنسانية جمعاء، مستندين إلى خطاب الملك عبدالله الثاني في الأمم المتحدة الذي جاء فيه: «علينا أن نعظم صوت الاعتدال، فمن أعظم المفارقات العجيبة في زماننا هذا، أن تستغل الأصواتُ المتطرفةُ، وسائلَ الإعلام الحديثة لنشر الجهل ! علينا أن لا نسمح بأن تُحتكر شاشاتنا وموجات الأثير وشبكات الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من قِبل من يشكلون الخطر الأكبر على عالمنا. و علينا أيضا أن نزرع في وسائل إعلامنا، والأهم من ذلك، في عقول شبابنا، الاعتدالَ ونقاءه».
وواجب الطليعة، الحيلولة دون الخوض في أية إدراجات ذات طابع متعصب واهمالها كليا، وعدم الخوض في النقاشات المتسمة بالتشدد الديني والتكفير، ومواجهة كتابات وتسجيلات وبيانات وشعارات وهتافات، الشطط والمغالاة والتعدي على الذوق العام والوحدة الوطنية.
وإن ابسط واجبات النخبة، هو المساهمة في خلق بيئة وطنية صحية، مبنية على الثوابت الوطنية الدستورية. والمساهمة في تحصين شباب الوطن من الانجراف نحو التطرف والإرهاب. والمساهمة في التوعية بأهمية التدقيق قبل تناقل المعلومات ونشرها، تطبيقا لقوله تعالى «فتبينوا ...». وعدم تداول واعادة ارسال الشائعات والأخبار الملفقة، والالتزام بـ»ميثاق شرف» يدعو إلى استخدام أمثل لوسائل التواصل الاجتماعي، يتوازى مع الدعوة إلى التحديث والتجديد والإصلاح والتطوير.
الدستور