أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ما الذي يريده الملك؟

مدار الساعة,مقالات مختارة,الملك عبدالله الثاني,مجلس النواب
مدار الساعة ـ
حجم الخط

في جردة حساب لجهود مثقلة بالتحديات خلال عام مضى سريعاً، يظهر جلالة الملك عبدالله الثاني كجراح، حيث يتفحص بدقة مكامن الأوجاع ونزلات البرد السياسية الداخلية ويحلل في مختبره السياسي الكثير من أسباب انتشار الفيروسات المعطّلة ضمن الإقليم العربي، ويراجع تاريخ النكسات المتتالية للحكومات الصفرية، ويقارن الحالة المرضّية المستعصية في الشرق الأوسط، ويقرأ في التقرير الأمني والاقتصادي ما يبعد النوم عن عينيه، وهذا ليس رأيي بل ما قاله الملك، ويستجمع فرضيات التحول المجتمعي خلال الأعوام الماضية بغية الوصول الى حلول لاضطراب?ت الوضع السياسي والاقتصادي الأردني، وهو يسمع ويرى النظريات المتضادة تتطاير من كل مكان، ولكنه في النهاية يعطي الوصفات للجميع كل على حدة.

اليوم يعيش المجتمع الأردني داخل حلقة لولبية، فما إن يخرج من قضية أو أزمة ما حتى يدخل في أخرى جرّاء فقدان الثقة ببعض المسؤولين، والهم الأكبر اليوم هو تعافي الاقتصاد والاستقرار السياسي والوصول الى سياسة عامة تضرب أطنابها عبر خيمة كبيرة لا تتغير بتغير الحكومات أو التوجيهات، ولكن لا أحد مطلقا ينظر الى خارج إطار الصورة لخريطة الأردن، فلعنة الجغرافيا التي تحدثنا عنها قديما ما زالت واحدة من التحديات التي تثير الأعصاب، ولعل أهمها القضية الفلسطينية وهي الأساس والعلاقة مع تل أبيب بعد الإطاحة بمعسكر نتنياهو، والثانية?مع الجار السوري الذي لم يتعافَ للوصول الى عودة طبيعية مع محيطه العربي، والثالثة مع بقية البلدان العربية التي انكفأت على داخلها.
من هناك وبعد اتفاقيات إبراهام زمن الرئيس ترمب، وللعلم فمن أطلق عليها تلك التسمية هو الجنرال «ميغيل كوريا» مسؤول حقيبة الخليج في مجلس الأمن القومي الأميركي وعرضها على كوشنر، بعد الاتفاق بات الحديث عن احتكار العلاقات الباردة أسوأ من الحرب الباردة بين أوروبا وأميركا مع الاتحاد السوفييتي سابقا، فكل النظريات تتساقط خلال أيام، ثم سقط جدار الممانعة العربية بمعاول التغيير الحديث.
الملك عبدالله وبعد سقوط مشروع ترمب–نتنياهو، استغل التغييرات في المجتمع السياسي الإسرائيلي سريعا، فالقدس ما زالت على بعد قُبلة من عمان، ولم يعد أحد من العرب يريد الحديث عنها، وعادت الحاجة الملّحة لعمان ضرورة لبداية جديدة من الرعاية الهاشمية، ومن هناك جاءت التحركات الملكية في العديد من الاتجاهات الاقليمية والدولية، وخلال تلك الفترة القياسية استطاع الملك التأثير على إعادة تسييل كميات المياه المطلوبة من الجانب الإسرائيلي، ومن هناك بدأ التفكير بتغيير منهجية الخضوع للمعايير الخارجية لتأمين حصة الأردن من المياه.
الملك الذي أظهر صرامة شديدة خلال رئاسة ترمب ونتنياهو فيما يخص ملف القدس، عانى من الآثار الجانبية المؤثرة من قبل جهات عدة كانت واشنطن حينها تدفعهم للابتعاد عن عمان، ولكن العواصم المهمة كانت مفتوحة للملك، فقد استقبل زعيم الكتلة العربية في الكنيست الدكتور منصور عباس، وهو من الشخصيات المؤثرة وحوله أعضاء من الكتلة العربية، ما يجعل الموقف الأردني قوياً بوجه المخططات اليهودية، ويدفع الضرر عن الشعب الفلسطيني.
في الداخل تجاوز الملك أزمة كادت تعصف بالهدوء التاريخي من خلال إجراءات جراحية أزاحت الهواجس المزعجة، ما جعله متفرغا لبحث المستقبل السياسي الداخلي عبر تعديلات دستورية أخذت شوطا من التشخيص والتحليل والتصويت البرلماني حتى إقرارها أخيرا من الغرفة الثانية للبرلمان، فيما لا يزال الملك داعما للحكومة العراقية المستقبلية ومتحالفا مع مصر التي تقود ثورة إنجازات على كافة الصعد، ويدعم الاستقرار في سوريا ولبنان، وقد بات واضحا عودة التأثير للأردن كلاعب رئيس في المنطقة.
من هنا تظهر الحاجة التي يريدها الملك وهي وجود مطبخ قرار يديره رجال على كفاءة واقتدار لحمل المسؤولية واستشراف المستقبل واجتراح الحلول لما يعيق تقدمنا في شتى المجالات، وحكومات لا تختبئ خلف عباءة الملك، حتى مجلس النواب وجدنا البعض من أعضائه يختبئون خلف صورة الملك، وعلى المسؤولين أن يتحملوا تبعات سياساتهم وإخضاعها للقياس وليس الاعتقاد بأن كل شيء بات قدرا محتوما، فهذا يثقل كاهل الملك، ولتكن الإدارة الحكومية هي الجرّاح الذي يعالج ما نحن فيه، لا أن يبقى الملك معالجا لمشاكل الجميع، فيما الجميع يشيرون بأصابعهم للأع?ى.
Royal430@hotmail.com
الرأي
مدار الساعة ـ