مدار الساعة - أُخمد الجزء الأكبر من الحرائق التي أتت بـ"غمضة عين" على أحياء كاملة في ولاية كولورادو الأمريكية ليل الجمعة السبت، 1 يناير/كانون الثاني 2022، إثر تساقط ثلوج كثيفة أخمدت لهيب النار.
كان 500 منزل على الأقل قد دُمر في الحرائق، واضطر عشرات آلاف الأشخاص للفرار، لكن لم تُسجَّل للساعة أيّ وفاة، وقال حاكم الولاية، جاريد بوليس، إن الأمر أشبه بـ"المعجزة"، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
غير أن الأضرار جسيمة، فقد أظهرت لقطات جوّية شوارع كاملة استحالت لأكوام من الرماد الملتهب، وقد طال الحريق الضواحي ولم يقتصر على المناطق الريفية كما كان الحال سابقاً.
كذلك لم يتسنّ لبعض العائلات "سوى بضع دقائق لتجهيز ما أمكن تجهيزه، ونقل الأطفال والحيوانات إلى السيارات والمغادرة"، بحسب ما صرّح بوليس، أمس الجمعة، وحدث الأمر "في غمضة عين"، على حدّ قول الحاكم.
الولاية كانت قد شهدت تصاعد ألسنة نيران هائلة أجّجتها رياح عاتية بلغت سرعتها 160 كيلومتراً في الساعة يوم الخميس الفائت، ويعزى الحريق إلى انهيار خطوط كهرباء على أرض قاحلة.
لم يُعرف بعدُ العدد المحدد للمنازل التي أتت عليها النيران، وتوقّع مسؤول الشرطة في منطقة بولدر، جو بيليه، أن يكون يفوق الـ500، قائلاً إنه لن يتفاجأ "إذا ما تخطّى الألف".
تحوّلت ألسنة النيران إلى ما يشبه "الفسيفساء"، موفّرة من لهيبها بعض الأحياء لتضرب منازل مجاورة، وقال بيليه "نظراً لحجم الدمار فوجئنا بعدم إحصاء مئة قتيل، ونكاد لا نصدّق الأمر، لكنه لم يحصل".
وسط انتشار الحرائق جاءت الثلوج الجمعة، 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، وغطّت الرماد الذي خلّفه الحريق، في مشهد مختلف تماماً عما كان عليه الحال في اليوم السابق.
هيئة الأرصاد الجوية الأمريكية (إن دبليو إس) وضعت جزءاً من هذه الولاية الجبلية في الغرب الأمريكي في حالة إنذار، تأهبّا لعاصفة شتوية، متوقّعة أمطاراً غزيرة في الأيام المقبلة.
قال جو بيليه، من شأن هذه الثلوج أن "تساعدنا بالفعل"، مستبعداً أيّ انتشار مقبل للحريق، ورفعت السلطات المحلية جزءاً من أوامر الإخلاء ليلاً.
غير أنه ما زال يُمنع الدخول لبعض المناطق، مثل سوبيريور، التي تسكنها 13 ألف نسمة.
كان باتريك كيلبريد (72 عاماً)، الذي يعيش في المدينة في عمله عندما تلقّى أمر الإخلاء، ولم يكن بوسعه إنقاذ سوى سيارته وملابسه. ولم يبقَ "سوى رماد" من المنزل الذي سكنه لثلاثين سنة، بحسب ما قال في تصريحات لصحيفة "دنفر بوست".
تعاني كولورادو مثل غالبية مناطق الغرب الأمريكي جفافاً مستمراً منذ سنوات، جعل مناطقها عرضة لحرائق الغابات، وكتبت دائرة الأرصاد الجوية في بولدر في تغريدة "أحد العوامل العديدة التي أدت إلى حرائق الغابات المدمرة حالياً هو الجفاف القياسي الأخير".
من المرجح أيضاً مع الاحترار المناخي أن تزداد موجات الجفاف والحرّ شدّة وتواتراً، ما يوفر ظروفاً مواتية لحرائق الغابات أو الأدغال، وشهد الغرب الأمريكي في السنوات الأخيرة حرائق غير مسبوقة، لا سيما في ولايتي كاليفورنيا وأوريغن.
في هذا السياق، كتب دانيال سواين، عالم الأرصاد الجوية في جامعة كاليفورنيا، في لوس أنجلوس، في تغريدة، إن حدوث هذه الحرائق في ديسمبر/كانون الأول "أمر يصعب تصديقه".
أضاف سواين "لكن مع خريف حارٍ وجافٍّ بشكل قياسي، ومعدل ثلوج هذا الموسم يبلغ حتى الآن سنتيمترين فقط، إلى جانب عاصفة تحمل هبات رياح قوية (…) فإن النتيجة حرائق سريعة وخطرة جداً".