أنهت اللجنة القانونية لمجلس النواب مناقشاتها لمشروع تعديل الدستور لعام 2021 وأصدرت توصياتها النهائية في هذا الخصوص.
ومن خلال استعراض ما خلُصت إليه اللجنة القانونية، نجد أنها قد أقرت الأغلبية العظمى من المقترحات التي قدمتها لجنة التعديلات الدستورية المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وأنها قامت بإجراء تعديلات بسيطة وليست بالجوهرية عليها.
فمن المقترحات التي أوصت بها اللجنة الملكية والتي كان للجنة القانونية رأي مغاير حولها، دور مجلس النواب في ملاحقة الوزراء السابقين عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء توليهم الوظيفة العامة والتي تتعلق بعملهم الوزاري. فالمادة (56) من الدستور تعطي الحق لمجلس النواب في إحالة الوزراء إلى النيابة العامة لملاحقتهم، وأن هذا النص قد جرى التوسع في تفسيره ليشمل الوزير العامل وغير العامل.
وقد أوصت اللجنة الملكية بأن يعاد النظر في هذا الحكم الدستوري لصالح قصر سلطة مجلس النواب في محاكمة الوزراء على الوزراء العاملين فقط دون السابقين منهم، حيث بررت لجنة التعديلات الدستورية موقفها في أن الادعاء العام هو صاحب الولاية العامة في إقامة دعوى الحق العام، وأن تعليق محاكمة الوزراء على صدور قرار إحالة من مجلس النواب هو استثناء على الأصل العام، الذي يجب عدم التوسع في تفسيره أو تطبيقه.
بدورها رفضت اللجنة القانونية هذه الأسباب وأصرت على إبقاء التوسع في «حصانة» الوزراء ضد الملاحقة الجزائية لتشمل الوزراء العاملين والسابقين، ذلك على الرغم من أن المادة (57) من الدستور تنص على أن يوقف عن العمل الوزير الذي تتهمه النيابة العامة إثر صدور قرار الإحالة عن مجلس النواب، وﻻ تمنع اسـتقالته من إقامة الدعوى عليه أو اﻻستمرار في محاكمته. فهذا الحكم الدستوري المباشر يعطي إشارات واضحة بأن قرار مجلس النواب فيما يخص الإحالة يقتصر نطاقه على الوزير العامل فقط دون الوزير غير العامل.
أما المقترح الثاني الذي اختلفت فيه اللجنة القانونية مع لجنة التعديلات الدستورية، فيتعلق بحق مجلسي الأعيان والنواب في الطلب من المحكمة الدستورية تفسير أي نص في الدستور، حيث اقترحت اللجنة الملكية تخفيض الأكثرية المطلوبة لصدور هذا القرار عن مجلسي الأعيان والنواب من أغلبية الأعضاء فيهما، لتصبح ما نسبته (25%) من عدد أعضاء مجلسي الأعيان أو النواب.
وقد هدفت اللجنة الملكية من هذا المقترح ضمان الحق للأقلية الحزبية في مجلس النواب بأن تتجاوز أغلبية أعضاء الحزب الحاكم، وأن تستصدر قرارا يطلب من المحكمة الدستورية تفسير نص دستوري معين. إلا أن اللجنة القانونية لم تقتنع بهذه الأسباب، فأبقت النص الدستوري الحالي كما هو، والذي يشترط لصدور القرار بطلب التفسير موافقة أغلبية الأعضاء في مجلسي الأعيان أو النواب.
في المقابل، فقد أقرت اللجنة القانونية المقترح المتعلق بتخفيض الأغلبية المطلوبة للطعن المباشر بعدم دستورية أي قانون أو نظام إلى المحكمة الدستورية، حيث أوصت اللجنة الملكية تخفيض هذه الأغلبية لتصبح موافقة (25%) من أغلبية أعضاء مجلسي الأعيان أو النواب. أما تبعات قرار اللجنة القانونية فيما يخص آليتي اتصال مجلسي الأعيان والنواب بالمحكمة الدستورية، فستتمثل في أنه ستكون هناك أغلبيتان مختلفتان لصدور القرارات البرلمانية ذات الصلة؛ أغلبية الأعضاء فيما يخص طلب تفسير نص دستوري، وأغلبية (25%) فيما يتعلق بالطعن المباشر ب?دم الدستورية.
إن مخرجات اللجنة القانونية التي توافقت بشكل كبير جدا مع توصيات اللجنة الملكية سيكون لمجلس النواب كلمة الحسم فيها، حيث سيفاضل أعضاء المجلس بين ما اقترحته لجنة التعديلات الدستورية وما أوصت به اللجنة القانونية بخصوصها.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
الرأي