مدار الساعة - تابعت جمعية الشفافية الاردنية باهتمام بالغ سلسلة التطورات التي شهدتها البلاد خلال الفترة القليلة الماضية وعلى أكثر من مسار سياسي واقتصادي والتي تخللها حوارات وسجالات واحيانا تعليقات نخبوية حادة أثارت جدلاً واسعاً شاركت فيه كافة المؤسسات في الوطن خصوصاً بعد الإعلان عن تعديلات دستورية ترى الجمعية أن الجهات التي دفعت باتجاه هذا الحجم من التعديلات تغذي الاستخفاف بالقانون الأسمى في البلاد ألا وهو الدستور، وتذكر الجمعية بأن عدد التعديلات الدستورية منذ سنة 1952 الى 2010 لم يتجاوز (29) تعديلاً في حين أن التعديلات التي يزمع اجراؤها في هذه السنة يبلغ (30) تعديلاً وهو سلوك يؤشر على أن تلك الجهات تتعامل مع الدستور باعتباره مجرد اسم.
وانطلاقاً من الواجب الوطني، تدارس مجلس إدارة الجمعية بصفتها احدى مؤسسات المجتمع المدني برئاسة الدكتور ممدوح العبادي باجتماع خاص تلك التطورات بهدف الاسهام في تقديم الأفكار والمقترحات حول التعديلات الدستورية المزمع مناقشتها من قبل مجلس النواب والمتعلقة بقانوني الأحزاب والانتخاب والتنسيب الذي أرسل من قبل الحكومة من خارج توصيات لجنة تحديث المنظومة السياسية والمتمثل باستحداث مجلس الأمن القومي.
نظرا للأهمية الملحة للإبقاء على الولاية العامة للحكومة بصفتها السلطة التي تتولى إدارة الشؤون الداخلية والخارجية للبلاد، ترى أن استحداث جسم جديد مواز للحكومة يسحب منها صلاحيات هي ضمن اختصاصاتها كصاحبة ولاية عامة يضعف ويربك الأداء السياسي والسيادي للدولة، لذلك تقترح الجمعية في حالك الاصرار على تشكيل هذا المجلس ضرورة ان يكون خاضعا كما الحكومة لمساءلة مجلس النواب كما ورد في المادة 51 من الدستور ايماناً منا بأن لا سلطة دون مساءلة، أو أن يكون أقرب للصيغة الاستشارية وهي
صورة منصوص عليها في دساتير مماثلة وفي عدة تجارب في دول أخرى شقيقة وصديقة.
ان التوجه بتعيين مجموعة جديدة من المناصب بدون تنسيب رئيس الوزراء وتوقيعه هو والوزير المختص ما هو الا اضعاف للدستور ولهيبته كما حصل عام 2016 وبما يتناقض مع تعريف الإرادة الملكية كما هو منصوص عليه دستورياً.
كما أن تعديل المادة ٨٤ بإضافة فقرة تنص على أغلبية الثلثين من الأعضاء في مجلس النواب عند التصويت على تعديل قوانين الأحزاب والانتخابات والقضاء والهيئة المستقلة والنزاهة تقع في باب لزوم ما لا يلزم لأن تلك القوانين عادية كما ورد في المادة 124 من الدستور حيث أنه (أي الدستور) هو الذي يحتاج حصرا الى أغلبية الثلثين، وهو أمر ينطوي على مفارقة غريبة لأننا لا نرى أن تلك القوانين أهم من قوانين التربية والتعليم والصحة العامة، لذلك فإننا نؤكد مرة أخرى على ضرورة الاستغناء عن هذا التعديل.
ولاحظنا بأن بعض التعديلات الدستورية كانت شكلية ولم تغير شيئاً في المحتوى الدستوري حتى لموضوعي الانتخاب والأحزاب، مع ان جزءاً من هذه التعديلات والتي ورد في المواد 53، 54، 56، 59، 75 فقرة 3 يمكن اعتبارها خطوة للأمام.
ونضع هذه القراءة كاجتهاد منا بين يدي السادة النواب المحترمين اسهاماً باثراء النقاش حول قضية وطنية هامة لها ما بعدها