يعتبر حق الانتخاب من أهم الحقوق السياسية التي تثبت لأفراد الشعب السياسي الذين يحملون جنسية الدولة وتظهر أسماؤهم في جداول الناخبين.
وتبرز أهمية الحق في الانتخاب في الأردن من أن نظام الحكم كما حددته المادة الأولى من الدستور نيابي ملكي وراثي، وأن الديمقراطية النيابية قائمة على أساس أن يختار الناخبون ممثلين عنهم في البرلمان يمارسون السلطة باسمهم ونيابة عنهم.
وعلى الرغم من أهمية الحق في الانتخاب في النظام الدستوري الأردني، إلا أن المتابع للقوانين السياسية ذات الصلة بالتمثيل في المجالس المنتخبة - كمجلس النواب ومجالس المحافظات والبلديات ومجلس أمانة عمان - يجد بأنها تتضمن اختلافات جوهرية ليس لها ما يبررها. وقد زادت هذه التباينات في ظل قوانين المجالس المحلية الجديدة ممثلة بقانون الإدارة المحلية وقانون أمانة عمان.
ففيما يخص سن الانتخاب والمشاركة في العملية الانتخابية اقتراعا، نجد بأن هناك اختلافا لا يمكن تبريره بين الحق في الانتخاب لمجلس النواب وباقي المجالس المحلية. فالمادة (3/أ) من قانون الانتخاب رقم (6) لسنة 2019 تنص على أن يثبت حق الانتخاب لكل أردني بلغ ثماني عشرة سنة شمسية من عمره قبل تسعين يوما من التاريخ المحدد لإجراء الاقتراع. وقد صدر قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين رقم (6) لسنة 2016 الذي اعتبر فيه أن الناخب الذي أكمل السابعة عشرة من عمره وبدأ في سن الثامنة عشرة من عمره قبل تسعين يوماً من التاريخ المحدد لإجراء الاقتراع يحق له انتخاب أعضاء مجلس النواب.
أما قانون الإدارة المحلية، فقد نصت المادة (38/أ) منه على أنه يثبت الحق في انتخاب مجالس المحافظات والمجالس البلدية لكل أردني أتم ثماني عشرة سنة من عمره في التاريخ الذي يحدده مجلس المفوضين. وهو الحكم ذاته الذي قررته المادة (5/أ) من قانون أمانة عمان التي أعطت الحق لكل أردني مقيم ضمن حدود مناطق الأمانة وأكمل ثماني عشرة سنة من عمره في التاريخ الذي يحدده مجلس مفوضي الهيئة الحق في انتخاب أعضاء مجلس الأمانة.
وتستمر الاختلافات في الشروط المقررة لمن يثبت له الحق في الانتخاب، حيث تنص المادة (3/ج) من قانون الانتخاب على أن يُحرم من ممارسة حق الانتخاب المحكوم عليه بالإفلاس ولم يستعد اعتباره قانونيا، والمجنون أو المعتوه أو المحجور عليه، في حين أضافت المادة (38/ب) من قانون الإدارة المحلية لمن يُحرم من ممارسة حق الانتخاب لمجلس المحافظة والمجلس البلدي كل من كان محكوما عليه بالإعسار بالإضافة إلى الإفلاس والمجنون أو المعتوه أو المحجور عليه. أما المادة (5/ب) من قانون أمانة عمان، فلم تحرم المفلس أو المعسر من الانتخاب، وإنما قصرت الحرمان على المجنون والمعتوه، ومن كان محجورا عليه لأي سبب ولم يرفع الحجر عنه.
ويبقى الاختلاف الأكبر فيما يخص مشاركة العسكريين في الانتخابات، حيث توقف المادة (3/ب) من قانون الانتخاب استعمال هذا الحق لمنتسبي القوات المسلحة/ الجيش العربي والمخابرات العامة والأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني في أثناء وجودهم في الخدمة الفعلية، في حين لم يرد نصا قانونيا مشابها له في قانوني الإدارة المحلية وأمانة عمان.
إن هذه التمايزات غير المبررة فيمن يثبت له الحق في الانتخاب سيزيد من صعوبة قيام الهيئة المستقلة للانتخاب بإجراء الانتخابات النيابية والمحلية، كما سيؤثر على قدرتها على إجراء كافة أشكال الانتخابات المحلية. لذا، لا بد من العمل على توحيد القواعد القانونية الناظمة لممارسة الحق في الانتخاب، وهو الأمر الذي تفتقر إليه القوانين الأردنية ذات الطبيعة السياسية.
الرأي