فلنواجه الحقيقة المُرّة، ولنتوقف عن العويل على أطلال خولة والأندلس، فقد انهارت منظومة الصراع العربي- الإسرائيلي، باستقالة الدول الخليجية والمغاربية منها، ليصبح "الصراع العربي- الإسرائيلي" مصطلحا منقرضا، كمسمّى الإتحاد السوفياتي، من مخلفات النكوص والتنصل والانكفاءات العميقة، التي ضربت "الأمة العربية".
نحن ندخل حقبة جديدة، هي حقبة "الصراع الشامي- الإسرائيلي"، فلم تعد في حالة اشتباك مع العدو الإسرائيلي، إلا الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين.
لقد وقع الحَمْلُ السِّفاح، الذي نعاني من ارتداداته اليوم، منذ قمة الرباط- 1974، و"الانفصال" المُسمّى "القرار الفلسطيني المستقل"، وما بتره "فك الإرتباط"، والحرب العراقية الإيرانية، حيث ناصرت سوريا وليبيا "القوميتان"، نظامَ الملالي التوسعي، ضد الشقيق العراقي، وحروب بعثيي العراق وسوريا العبثية، وغزو الكويت، وضرب العراق ثم احتلاله، بتواطؤ نظام الملالي، وليس انتهاء بحرب اليمن، إلى فقاعة مسارات التطبيع الإبراهيمي.
ولو طبقنا تقنية VAR على العلاقات العربية، لعرفنا لماذا يجري الذي يجري.
تصدّع مجلسُ التعاون الخليجي، بفعل حرب اليمن المأساوية، وحصار قطر، والتمايز العُماني، خاصة الموقف من إيران. يضاف الى مآسينا، الصراعُ الجزائري- المغربي على الصحراء، التي تفضي إلى المحيط الأطلسي.
لقد اجهض غزو الكويت، وغزوة حفر الباطن، ميثاقَ الجامعة العربية و"معاهدةَ الدفاع العربي المشترك"، وباتت أقصى أمانينا، توقيع معاهدة عدم اعتداء أو اتفاقية حسن جوار، بين الدول العربية.
لقد أطاحت المطامع الإمبراطورية التركية والفارسية، والصراعات العبثية، التي شرّخت العالمَ الإسلامي، "منظمة التعاون الإسلامي"، فأصبحت عصفا مأكولا.
في هذه "الميمعة" والميوعة القومية والإسلامية، يصبح الالتفات إلى الداخل، ودفع استحقاقاته الضرورية، واجبا محتما.
والاستحقاقات بيّنة معروفة، وأبرزها الخروج من ترتيب ناقص 10، على مقياس الحريات العامة الكوني، الذي لا يليق بشعبنا.
لقد مارس السستم "الهندسةَ" أطول مما يجب، فتعالوا نمارس الحسابات الوطنية، وحساب العدالة الإجتماعية وحسابات التكاليف السياسية والاجتماعية والأمنية، بعيدا عن نهج العين الحمرا، والتحليق بلا أجنحة.
يقول الشاعر بشر بن عوانة:
تَبَهنَسَ إِذ تقاعسَ عنه مُهري،
مُحاذَرَةً فقلتُ عُقِرتَ مُهرا.
أَنِلْ قَدَميَّ ظهرَ الأَرض إِنِّي،
وجدتُ الأَرضَ أَثبَتَ منكَ ظَهرا.