هذا كان متوقعا، ولم يكن غريبا، ابدا، فالتفريط الذي اعترض عليه الناس، بدأنا بدفع ثمنه وكلفته، ولو كانت هناك محاكمات، لحوكمت كثرة على سوء الادارة، والتفريط بشؤون البلاد.
آلاف السياح ألغوا زياراتهم إلى الأردن، ومئات الرحلات التي كانت مقررة الغيت، وأكثر من 70 بالمائة من الحجوزات الفندقية الغيت أيضا، وهذا يعني أن قطاع النقل الجوي، والسياحة، تعرضا إلى ضربة كبرى، في الأردن، بسبب تغيير التصنيف الوبائي للأردن، والتحذيرات من السفر إلى هنا.
حذرت وغيري، مرارا من إعادة اسم الأردن إلى القوائم الحمراء في دول كثيرة، باعتبار أن الأردن يعاني من تفشي الوباء، وذلك بعد ارتفاع نسبة الإصابات بطريقة مذهلة، ودخول متحور أوميكرون أيضا إلى الأردن، لكن لا أحد يسمع، بل ان خفة العقل ظهرت بالسماح بكل هذه الحفلات الغنائية، وتجميع عشرات الآلاف في موقع واحد، منذ مهرجان جرش، وما تلاه من حفلات، وما سنراه أيضا من حفلات، حيث انفجرت الحالة الوبائية منذ ذلك الحين وبشكل متدرج، وبقيت الجرأة فقط على المساجد، والجامعات، وغير ذلك، اما تجمع عشرات الآلاف في حفلات موسيقية فلا يجلب الوباء، بذريعة منع دخول غير المطعمين إلى مواقع هذه الحفلات.
هذا المنهج، يتجاهل عن عمد، ان الإنسان الذي تلقى اللقاح، قد يصاب أيضا، وقد ينقل العدوى، وهكذا فإن اشتراط الحصول على اللقاح، ليس كافيا لمنع انتشار العدوى من جديد في المملكة.
هذا الذي حصل، ووصلنا إلى أطراف نسبة العشرة بالمائة، من المصابين مقارنة بالمفحوصين، والعالم يتابع ما يحدث في الأردن، ولا أحد يجرؤ على خفض النسبة، زورا وبهتانا، لان هناك مسؤولية دولية، ولا يمكن التلاعب بالأرقام، لان التلاعب سيؤدي إلى نتائج كارثية وخطيرة.
دول عديدة صنفت الأردن مجددا في القوائم الحمراء، ودول ثانية حذرت من السفر إلى الأردن، والذي كان يريد تحريك السياحة بالحفلات الفنية، دفع الفاتورة لاحقا، بالغاء مئات الوفود السياحية والحجوزات الفندقية، والغاء حجوزات الطيران، بعد الانفلات الحالي، والذي قبضته السياحة باليد اليمنى، عادت ودفعته مع فوائده باليد اليسرى، هذه الأيام، وفي عز موسم مهم.
القصة تنطبق على الناس، فأغلبنا لا يلتزم بالإجراءات الاحترازية، وهو أمر غريب، فحتى لو لم تكن هناك غرامات مالية، من الحكومة العتيدة، فإن الالتزام يجب ان يكون قرارا شخصيا وعائليا، حتى لا يمرض أحد، ولا يموت أحد من أفراد العائلة، والإنسان ليس بحاجة إلى سيف يهدده كل صباح ومساء، حتى يحمي نفسه وعائلته، لان حماية النفس غريزة طبيعية على ما هو مفترض.
الكلفة المعيشية والاقتصادية لانفجار الحالة الوبائية كبيرة وخطيرة، ولا يحتملها الناس، خصوصا، ان كل التقييمات الدولية تتحدث عن عامين في الحد الأدنى، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، والاستشارات الطبية تقول أننا أمام جرعة ثالثة ورابعة، وقد تصير سنوية، والكل يعرف اننا في مراحل التجريب، فقد يأتي توقيت ويقال ان المطاعيم تسببت بأضرار جانبية، وان هناك مطاعيم جديدة مطورة، وهكذا يعيش الإنسان بين المخاطر، خطر الوباء، خطر المطعوم واضراره الجانبية، وخطر أي دواء مستحدث، ما دمنا تحت التجريب، ويضاف إلى كل ماسبق، التأثيرات الاقتصادية من إغلاقات، ومشاكل الشحن والنقل والبطالة، وارتفاع كلف كل سلعة مستوردة.
هذا وضع مرهق، وإذا كنا دوما نتبادل الاتهامات، المواطن يتهم الحكومة، والحكومة تتهم المواطن، فمن الأجدى التنبه اليوم، إلى أننا كلنا ندفع الثمن بسبب سوء الإدارة الحكومية، وسوء إدارتنا لشؤوننا والتهاون أمام الوباء، ودون أن تتغير هذه الطريقة، سنذهب إلى موجات جديدة، خلال الفترة المقبلة، خصوصا، مع انتشار المتحور الجديد أوميكرون في أكثر من 89 دولة في العالم، مما اضطر عدة دول أوروبية إلى الإعلان عن الإغلاقات مجددا، بما يجعل حالنا، مثل حال غيرنا، أمام هذه العاصفة التي لا تريد أن ترحل عنا، منذ أكثر من عامين، دخولا إلى العام الثالث عما قريب.
مصيبتنا في الإدارة القائمة على ” الفهلوة” ومشتقاتها.. أليس كذلك؟.
الغد