الذي نعيشه ويعيشه العالم من حولنا هو جزء لا يتجزأ من الفساد المستشري في الوطن والعباد.
أن تقتل نفسا بغير حق؛ كمن هو سارق لمقدرات الوطن وممتلكاته دون وجه حق أو مخافة الله.
في تلك البقاع التي عمرها الله بأيدي البشر على وجه الأرض هناك من سفك الدماء واستباح الأرض والعرض؛ لا يختلف الحال كثيرا عن تلك البقعة الصغيرة التي نعيش فيها في هذا العالم الكبير الذي تضاربت فيه المصالح واستقوى فيه القوي على الضعيف واختلطت المفاهيم واختلفت المسميات فأصبحنا في عصر العولمة رغم أننا في تلك البقعة الصغيرة إلا أننا نجوب العالم عبر شاشات التلفزة والتكنولوجيا المرئية وغير المرئية.
هل هي العولمة السبب الرئيس في الحال المبكي الذي وصلنا إليه أم أنها تلك النفس البشرية الأمارة بالسوء كما ذكر في الكتب السماوية وفي القرآن الكريم .
في بلدي الصغير الغني بالثروات والمقدرات والذي أصبح كبيرا بسكانه ضاعت تلك المقدرات وحولت إلى مفردات بين خصخصة بالية وسرقة عاتية أكلت الأخضر واليابس.
في وطني استشرى الفساد والاستبداد والظلم؛ تفوقت المحسوبية على العدالة والمساواة ؛ وانتصرت الواسطة على الكفاءة والمؤهلات؛ وتفوقت الرذيلة على الأخلاق؛ فضاعت القيم والمبادئ وشوهت صورتها فأصبح الفاسد يتغنى بها وصاحبها الحقيقي بات منبوذا في مجتمع لا فرق فيه بين الحلال والحرام .
مؤسسات الدولة بحاجة إلى ترميم حقيقي من الداخل قبل الخارج فقد أصبح الداخل مكتظا ببطالة مقنعة ينفق عليها من خزينة الدولة وهي لا تكتفي بذلك بل أصبحت الرشوة والسرقة وتسيير المعاملات بطرق غير شرعية هي الصفة الغالبة على موظفي بعض تلك المؤسسات؛ كيف لا والموظف الصغير يرى مسؤوله المباشر يمد يده للحرام وهو أعلى منه منصبا وراتبا إلا إنه استلذ بطعم الحرام فباع الوطن والمواطن من أجل حفنة دولارات فأمسى قدوة سيئة لمن هو دونه مباشرة فشيدت القلاع والقصور ولم يسأل سائل من أين لك هذا ؟.
الكل ينهش بهذا الوطن كل بطريقته الخاصة وعند سؤال الأغلبية العظمى ترى الجميع يتململ.
أضاعوا وطني بالشللية والنفاق السياسي والاجتماعي؛ فأصبح نجل المسؤول مشروع شهيد في وطن غفل فيه المسؤول عن الشهيد الحقيقي في تلك الدراما التي نعيشها وهو المواطن العفيف الذي ما لبث يجمع قوت يومه ولباسه من حاويات القمامة ليطعم ويلبس عائلته بشرف وعزة نفس وكرامة.
نهبوا وطني وتقاسموه في ما بينهم كل له حصته من هذا الوطن إلا المواطن نفسه. لا تحدثوني عن الإرهاب الذي لا دين له بل حدثوني عن الفساد في وطني الذي رفع الدين العام للدولة وجعل اقتصادها هشا يلفظ أنفاسه في غرفة الإنعاش فهو عاجز عن النهوض من يحتاج أعواما وأعواماً حتى ينمو بخطى متباطئة ضعيفة من جديد بل ما أحوجه إلى معجزة ربانية تقل له كن فيكون .
لا تحدثوني من جديد عن الإرهاب؛ والجريمة قد فتكت بمجتمعنا؛ والبطالة قد خلقت ذلك الفراغ عند النشء الجديد بل والأقدم منه فجعلته ألعوبة بيد المخدرات وقادته إلى التطرف والإجرام والإرهاب بل حتى أوصلته إلى مرحلة الكفر بوجود عدالة وقد فقد كل شيء. بسبب عدم استثمار شبابنا وقدراتهم ومؤهلاتهم بل قذفهم في غياهب الضياع فضاع معهم الوطن.
حدثوني عن الفساد أحدثكم وقتها عن الإرهاب .