اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

البحث الجنائي..

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/15 الساعة 01:29
مدار الساعة,مقالات,ثقافة,الأردن,عمان,

كشف البحث الجنائي عن هوية مرتكب عملية سطو على بنك، مر عليها أكثر من عامين, حسناً هذا أمر في غاية الأهمية... ماذا يعني؟

الباشا قام بتكريم الفريق الذي كشف العملية, وربما قدم له مكافأة مالية.. وربما بعض الحوافز, وفي النهاية سيكمل هذا الفريق عمله, في فك لغز جريمة أخرى.. والسؤال الذي أود طرحه في هذا السياق، من هو الذي يعمل بجد في هذا الوطن.. الذي يجلس خلف طاولة، وينتج ثرثرات هنا وهناك.. ويشارك في مؤتمرات خارجية, مدعومة بالمياومات.. ويطل علينا بمقالات أشبه (بالسم الهاري) أم ضباط البحث الجنائي, الذين لا نعرف من وجوههم شيئاً, ولا نعرف رتبهم ولا الليالي التي سهروها في تتبع مكالمة، ولا عمليات الرصد التي أتقنوها... ولا عمليات التحقيق?التي أجروها مع المجرم وانتزعوا اعترافاته؟

من هم الذي يطبقون مبدأ الانتماء للوطن والولاء للعرش حرفيا وعلى أرض الواقع.. الذين يخرجون في الليل, بواقيات رصاص على الصدر.. وبمسدسات على الخاصرة, وحين يعودون يسلمون للخازن عهدتهم من السلاح, ويحاكمون إن كان لديهم نقص في طلقة واحدة.. أم الذين يتجولون في سيارات المرسيدس, بين الأندية وورشات العمل.. ويطلقون الآراء المرتبطة بالإصلاح, وبتطوير الذهنية وبضرورة دفن ثقافة العيب؟

السطو على البنك، كان جريمة هزت أركان المجتمع الأردني.. وتغير مدير بحث جنائي وجاء آخر وانتقل بعض الضباط، وأتوا بآخرين.. كان الممكن أن يدرجوها في رفوف المكاتب وتنتهي القصة, ولكن ما حدث يدل على أن فريقاً أمضى أكثر من عامين وهو يعمل بها.. ولو لم يفك لغزها, لوضعنا ألف علامة استفهام على إدارة البحث الجنائي, وفي النهاية.. حين يعود من فك أسرار هذه الجريمة إلى وحدته التي يخدم بها, سيحاكم إن أخل بواجب عسكري... ولا يحق له أن يتفاخر بما أنجز بل يسمح لقائده أن يحاسبه أو أن يقوم بنقله, إن تجاوز أمراً عسكرياً صغيراً..

هذه المؤسسات تنجز، لأن من يعملون فيها هم التعبير الحقيقي عن الدولة وعن القانون وعن الالتزام، ومن يعملون فيها سيتعرضون لمحاكمة عسكرية وتأخر في الترفيع.. إن فقد أحدهم طلقة واحدة أثناء مداهمة, ومع ذلك صبرهم على الحياة أكبر من صبر الجرح على النزف, وصبرهم على الأيام أكبر من صبر الأرض إن شح المطر.. وهم جاءوا إلى هذه المؤسسات ليخدموا بها، متسلحين بما زرعت بهم عشائرهم وقراهم من قيم وأخلاق.. أسقطوها على عملهم, لهذا نجحوا.. وأبدعوا وسلموا لنا البلد..

في بلادنا ألف قضية تطوى مع النسيان, وألف معاملة تمضي وتمر.. وألف حق ربما يهضم, ولكن لدى هؤلاء الفتية.. هذه الأمور مرفوضة, فالعسكرية تستلزم منهم أن يسهروا ولو ألف ليلة كي يفكوا طلاسم الجريمة..

هؤلاء هم كبار البلد, هم الذين يسهرون الليالي بمسدسات على الخاصرة.. هم الذين يخرجون بمداهمات ويعرفون أن الوضع خطر جدا.. وقد تباغتهم طلقة غادرة في الخاصرة ويكتبون في سجل الشهداء، هؤلاء لا تهمهم ثرثرات المؤتمرات.. ولا مايكروفونات التنظير, لا تهمهم الليبرالية المتوحشة.. ولا تهمهم المدنية الزائفة.. ولا يرتدون ربطات (الفانجلز) الفاخرة, ولا قمصان الحرير التي تنعكس ببياضها على الوجه, وهؤلاء لا يشاركون في ورشات عمل مع (الأن جي أوز) حول التمكين، وحول الجندر.. وهؤلاء لا يسهرون في فنادق عمان الفاخرة ولا يمشون على الرخام الغالي الثمن.. لا يملكون شركات، ولا يملكون عضويات في مجالس الإدارة...

هؤلاء هم الدولة, وهم التعبير الحقيقي عنا.. وعن الوطن, هم تعريف الانتماء الصادق.. وهم الذين ما زالوا يحفظون للأردن هيبته وحضوره..

حماهم الله..

Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2021/12/15 الساعة 01:29