منذ نهاية العقد الثامن من القرن الماضي كان التخوف مما اصطلح عليه بحرب المياه، ليس في صحراء العرب فحسب، بل فيما يتعلق بنهر النيل ودجلة والفرات والسيطرة على منابعه في أفريقيا أو من تركيا، وكان الأردن هو الحلقة الأضعف مائياً، حتى بعد اتفاقيات وادي عربة وحقوق الحصص المائية من بحيرة طبريا، ولكن الله لا ينسى الركع والرتع من خلقه، فخلال يومين مضيا دخلت سدودنا كميات مياه عادلت 4 ملايين م. م.3..
اليوم بات الحديث عن «سلام كهرومائي» حيث وقعت الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة المياه اتفاقية إعلان نوايا تستهدف إقامة مشروع مشترك لتحلية المياه بواقع 300 مليون متر مكعب مع الجانب الإسرائيلي، مقابل إنشاء مزرعة للألواح الشمسية على الجانب الاردني، بشراكة إماراتية وكفالة أميركية، وحسب الوزارة فإن وثيقة الاتفاق هي» إعلان نوايا» لا يترتب عليها أو يؤثر بها أي التزامات أو حقوق قانونية على الأطراف الموقعة بموجب القانون الدولي، لذا سنخرج من هذه القصة المستقبلية ونقرأ عن واقع الحال للمياه في الأردن وكيف سنتدبر أمرنا مع انحباس رحمة الله بالمطر بعيدا عن الفرّ والكرّ..
حسب معلومات وزارة المياة والري فإن مشروع الناقل الوطني يعد من أهم مشاريع السيادة الأردنية، واستجراره من خليج العقبة الى العمق الأردني سيكون مشروعا استراتيجيا حقيقيا للدولة، وسيشكل إنقاذا للتهديد المائي إذا صار تنفيذه، وحسب التوقعات الحسابية للعام القادم 2022 سيكون العجز المائي المتعلق بمياه الشرب قد يصل الى 45 مليون متر مكعب، لهذا وضعته الحكومة كأولوية أولى للأمن المائي الأردني بعدما تأخرنا كثيرا وسط جدال لا مطر فيه.
تقدر المعلومات التكلفة المتوقعة للمشروع بمليارين ونصف المليار دولار، تتضمن 450 مليون دولار التزمت بها الولايات المتحدة كمنح ودعم حكومي، و250 مليون دولار كقروض ميسرة يتم التفاوض عليها، وقد تأهل خمسة ائتلافات سيتم تسليم وثائق العطاء للائتلاف الفائز قبل نهاية العام ومنحه مهلة ستة أشهر لتقديم العروض المالية والفنية، ليصار الى توقيع الاتفاق قبل نهاية العام القادم 2022، وإذا تحقق ذلك سيوفر المشروع ما كميته 300 مليون م.م3 سنويا من مياه الشرب حتى العام 2040، وبالتزامن مع مشروع الناقل الوطني سيكون هناك مشاريع لمعالجة الفاقد المائي والتقليل منها ضمن مشروع مواز بتكلفة 400 مليون دولار أميركي.
إذا ما هو حجم الاستهلاك للمياه سنويا ويوميا وما هي مصادرها، والإجابة هي عند ذات المصدر، فإن استهلاك المملكة الكلي للمياه يبلغ ملياراً ومئة وعشرة ملايين متر مكعب، إذ أن حصة مياه الشرب تبلغ 510 ملايين متر باستهلاك يومي يعادل 3 ملايين متر مكعب، فيما حصة المياه للاستخدامات العامة تبلغ 600 مليون متر مكعب، وتأتي هذه المياه من مصادرها المخزونية التالية، عدا حوض الديسي والشراء من الآبار الارتوازية الخاصة كما يلي: سد الموجب بطاقة استيعابية تبلغ 30 مليون م.م.، ولكن العام الماضي2020 لم يبلغ أكثر من 10 ملايين م.م، مقارنة مع 25 مليون متر للعام 2019، فيما سد الواله بلغت كمية المياه فيه 4 ملايين متر رغم سعته البالغة 9 ملايين متر، أما السدود الشمالية فإن سد التنور لم تتجاوز الكميات مليوناً ونصف المليون متر فيما سعته الكاملة تبلغ 14 مليون متر مكعب، أما سد الوحدة فلم يبلغ أكثر من 6 ملايين ونصف المليون من طاقته البالغة 47 مليون متر مكعب، هذا فضلا عن المياه المستجرة من روافد اليرموك وآبار المخيبة وطبريا بواقع كميات بلغت 140 مليون م. م3، شاملة حصة الأردن من اتفاقية المياه مع سلطة الاحتلال البالغة 45 م.م3. فلننتظر.
Royal43@hotmail.com
الرأي