مدار الساعة - كتب: الاعلامي أسعد العزوني (مقال كتبه الاستاذ أسعد في رحلة الوداع الميدانية الأخيرة قبل وفاته "رحمه الله")
حضارة وادي سمر العريقة مهددة بالزوال بسبب الإهمال
وادي سمر يمتد 22 كم من أرض المشرع جنوبا إلى
ارض حمريت شمالا
تنوع حيوي فريد: 5 أشجار نخيل وتين ورمان وبلوط وزيتون تجتمع في مساحة مربعة صغيرة
الوادي جنة الله على أرضه ويعج بالعيون والينابيع
الطبيعة في وادي سمر يعبق بالجماليات النباتية والأثرية
أشجار تزيّن المكان وتشهد على تطور الزمان
طواحين الملاعبة الثلاثة تدل على ذكاء جد البروفيسور أحمد ملاعبة
نفق اليرموك /ديكابولس يتعرض لإعتداءات الباحثين عن الدفائن.
ملاعبة: الأردن سابقا واحة ماء والشمال تنوع بيئي ونباتي لا مثيل له
قصّ الشارع في وادي عين قويلبة من أكبر الأخطاء الإنشائية لتدميره بوابات المقابر والفستقيات الرومانية
ظهور زنبوط الراعي (الغوصلان) "الوحواح "دليل على غزارة الشتاء القادم "ملاعبة"
مدرج بيت راس يعد من أضخم المدرجات الرومانية ويشكو من الإهمال
نفق بيت راس الذي إكتشفه ودرسه ملاعبة جزء من نفق اليرموك- ديكابولس
بمعية "قيصر الصحراء" البروفيسور أحمد ملاعبة ورفقة طالبة الماجتسيرعلوم الجيولوجيا التطبيقية في الجامعة الهاشمية الآنسة مروة الشبلي العتوم، قضينا يوم السبت الماضي في الشمال الأشم جنة الله في أرضه، وتحديدا في وادي سمر، وكان يوما علميا جيولوجيا وبيئا وآثاريا بإمتياز، إذ كانت الطالبة العتوم تجمع عينات من مياه الينابيع، ضمن متطلبات رسالة الماجستير التي يشرف عليها البروفيسور ملاعبة.
بدأنا الجولة من عين التراب التي تغذي النفق الواصل لأم قيس بين كفر سوم وسمر، وإستمتعنا بالطبيعة الخلابة، وبكروم الرمان وشاهدنا قدور دبس الرمان التي توقد بالفحم وقطع الأشجار لضمان جودتها
البروفيسور ملاعبة تحدث أن منطقة وادي سمر تمتد لنحو 22 كم من أرض المشرع "المشروع" إلى أرض حمريت" الأرض الحمراء"، وتعج بالأشجار المعمرة المثمرة وغير المثمرة، إلى درجة أننا شاهدنا خمسة أشجار نخيل ورمان وتين وزيتون وبلوط عز نظيرها تجتمع معا في مربع صغير، دلالة على الخصب والتنوع البيئي، وشاهدنا بقايا معبدا إغريقيا لكنه مخفي بسبب الإهمال، ولا نبالغ إن قلنا إن كل موطيء قدم في هذه المنطقة يشكو من الإهمال، مع إن الوادي يعد جنة الله على أرضه.
يحتضن الوادي نفق اليرموك-ديكابولس، وتعج الطبيعة فيه بالجماليات النباتية والأثرية والتشكيلات الحجرية، ومعابد الإغريق والرومان ومساكنهم وكهوفهم، إضافة إلى الينابيع التي رفضت الإختفاء رغم إنخفاض منسوب المياه، فتفجرت في قعر الوادي، وتزين أشجار كثيرة متنوعة المكان وتشهد على تطور الزمان، وكذلك أشجار السوّيد التي تتصف بصلابة أخشابها.
مررنا بعين الهيدبان التي أصبحت شلالا يصب في البرك التي حفرها المزارعون الجدد، وغيروا في الطبيعة ومكنوناتها، وما تزال طواحين الملاعبة الثلاثه التي تؤكد على ذكاء الشيخ المرحوم أحمد ملاعبة (كبير تجار الأردن وفلسطين في زمانه) وهو جد البروفيسور أحمد ملاعبة، شاهدا على حضارة الوادي رغم إعتداءات المواطنين عليها وسرقة محتوياتها التي كانت موجودة لسنوات خلت، وتدل أشجار الدفلى (عاشقة الماء) في الوادي على غزارة المياه فيه، وما تزال العديد من العيون والينابع تعلن عن نفسها، ولا ننسى ظهور مداخل نفق اليرموك- ديكابولس يمنة ويسرة، بجزئيه العلوي والسفلي المهمل بطبيعة الحال، وقال البروفيسور ملاعبة في معرض تعليقه على التنوع النباتي في وادي سمر ان ظهور زنبوط الراعي"الغوصلان او الوحواح"،المنتشر في المنطقة دليل على شتاء غزير قادم، في حين ان ظهوره في الصحراء دليل على شتاء ثلجي مستذكرا المثل الشعبي "إن طلع الوحواح إزرع يا فلاح".
وصلنا منطقة إبدر /عين أم الحراثين، ودخلنا نفق إبدر لعدة أمتار وكانت جهود ابو ماهر الدقامسة واضحة للعيان من خلال تنظيف النفق من الداخل، ما سهل توغلنا فيه.
إنتقلنا بعدها إلى عين أم حراق ،وكانت الطالبة العتوم تعمل بيديها وتأخذ عينات المياه من الينابيع رغم صعوبة الأمر، وفي إحدى المرات إضطر البروفيسور ملاعبة إلى النزول في العين لأخذ عينات من المياه رغم خطورة الأمر، وقال أن الأردن سابقا كان واحة مائية غناء.
بعد ذلك إنتقلنا إلى عين قويلبة الغزيرة بالقرب من بلدة حرتا وشاهدنا عددا كبيرا من التناكر بإنتظار دورها لتعبئة المياه من العين، وكانت المنطقة تعج بكروم الرمان والنعنع البري ذي الرائحة النفاذة.
إن أكثر ما شدني هو طريقة تعامل البروفيسور ملاعبه مع طلاب الدراسات العليا الذين يشرف عليهم، بحيث كان يدقق في كل تفاصيل العمل الميداني للرسالة، إضافة لما يبذله من مجهود وصرف على الرحلات العلمية .
مررنا في المنطقة ما بين بلدة اليرموك والقويلبة، وشاهدنا بوابات المقابر الرومانية وفستقياتها ،لكن قصّ الشارع في المنطقة، كان من أكبر الأخطار الإنشائية في الأردن كما أكد البروفيسور ملاعبة، لأنه دمر القبور وبواباتها البازلتية الرائعة، وكذلك قبور الفريسكو الملونة رغم المحافظة على بعضها، ولا يغيبن عن البال قيام البعض بتجريف الأرض بحجة البحث عن مكنونات الأرض.
مررنا بقرية خرجا حيث الطبيعة الخلابة وكروم الزيتون المزدانه بالثمار المتلونة، وبحسب البروفيسور ملاعبة فإن "مملكة "خرجا مقامة فوق العديد من الحضارات التي سادت ثم بادت، ومررنا بمغارة أم الطواقي وهي من أكبر المغارات من نوعها في العالم، وجمعت الطالبة العتوم عينة ماء من عين عبدة، وكانت التناكر أيضا تعبيء المياه منها،
غادرنا عين عبدة الواقعة بين بلدات أبو اللوقس وخرجا إلى حريما ثم إلى بيت راس، وكانت المفاجأة المذهلة المتمثلة بمدرج بيت راس الذي يعد من أضخم المدرجات الرومانية، لكنه يشكو من الإهمال، وشاهدنا الكثير من حجارته وتيجانه ملقاة على الأرض خارج السور، ويذكر أن نفق بيت راس الذي إكتشفه ويدرسه منذ ٢٥ عاما البروفيسور ملاعبة يفضي إلى سلسلة أنفاق اليرموك- ديكابولس المتجهة الى أم قيس.