أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

كانوا لا يتحركون خوفاً من الكسر.. عن “وهم الزجاج” الذي أصاب الملوك والنبلاء

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - تخيل لو أن أعضاءك الداخلية والخارجية مصنوعة من الزجاج الهش، ماذا كنت ستفعل؟ أدري أنه تخيل مجنون لكن في حال أصابتك حالة مشابهة، لا بد أنك كنت ستخشى الحركات العنيفة أو ربما تتجنب الحركة تماماً كما فعل الملك الفرنسي تشارلز السادس.

في الواقع تشارلز -وغيره كثير من الملوك والنبلاء – كان مصاباً باضطراب نفسي يطلق عليه اسم "وهم الزجاج"، يتخيل المصاب به أنه مصنوع من زجاج ويتصرف على هذا الأساس… تعالوا نتعرف أكثر على هذا الاضطراب الغريب:
وهم الزجاج.. اضطراب الملوك والنبلاء
"وهم الزجاج" هو اضطراب نفسي غير عادي يعتقد المصابون به أنه مصنوعون من الزجاج وأنهم بالتالي عرضة للكسر.
ظهر هذا الاضطراب في العصور الوسطى وانتشر بشكل خاص في أوساط الملوك والنبلاء، وانتشر في سائر أنحاء أوروبا.
ووفقاً للخبراء، فإن هذا الوهم أقصى حد من حدود القلق الاجتماعي، فالخوف من التعثر والانكسار في الحقيقة خوف مبالغ فيه من الإذلال الاجتماعي، وبالتالي فإن وهم الزجاج هو طريقة المرضى الوقائية في التعامل مع المجتمع الذي يعتبرون أنه يشكل تهديداً لهم بطريقة أو بأخرى.
وقد شخّص العلماء فيما مضى، هذا الاضطراب على أنه نوع من "الاكتئاب النبيل" الذي غالباً ما ارتبط بالطبقة الأرستقراطية، فكان اعتقاد النبلاء أنهم مصنوعون بالكامل من الزجاج وسيلة للتعبير عن مدى ضعفهم وهشاشتهم وانكشافهم في مناصبهم العامة. كذلك فقد كان وسيلتهم للتعبير عن الحزن وعن الرغبة في أن يتركهم الآخرون وشأنهم.
ومن المثير للاهتمام أن هذا الاضطراب أصبح نادراً للغاية في الوقت الحالي، فقد اختفت الحالات تقريباً من السجلات في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، ويرجع العلماء ذلك إلى التطورات الثقافية والاجتماعية التي تنعكس حتى على الاضطرابات النفسية، وفقاً لما ورد في BBC. فقد ظهرت في العصر الحديث أوهام من نوع مختلف مثل "وهم الإسمنت" الذي يعتقد فيه المريض أنه مصنوع من الإسمنت. كما يعتقد بعض المضطربين نفسياً أن وكالات المخابرات المركزية تستطيع قراءة أفكار الناس من خلال أجهزة متطورة صغيرة الحجم.
بعيداً عن هذه "الأوهام" الحديثة المتماشية مع روح عصرنا، دعونا نأخذ جولة في أعماق أولئك الذين أصيبوا بـ"وهم الزجاج" عبر التاريخ.
تشارلز السادس.. الملك الزجاجي
يعتبر الملك تشارلز السادس، الذي تولى عرش فرنسا عام 1380، واحداً من أشهر ضحايا "وهم الزجاج" في التاريخ.
يحكى أن الملك الفرنسي الذي تسلم السلطة وهو لا يزال في الحادية عشرة من عمره، كان جذاباً ووسيماً وحاول أن يقود جهوداً إصلاحية في البلاد والتخلص من الفاسدين في دولته، وأحاط نفسه بالمستشارين الحكماء لذلك أطلق عليه لقب "تشارلز الحبيب".
لكن مع حلول عام 1392 حاز الملك المحبوب لقباً آخر، بسبب اضطراب نفسي عانى منه بشكل فجائي، فبات يعرف باسم "تشارلز المجنون".
عانى الملك من نوبات عنف غير مبررة في بعض الأحيان، فيما كان يبدو مرتبكاً وقليل الحيلة في أحيان أخرى.
وكان الملك الفرنسي يعتقد أن جسده مصنوع بالكامل من الزجاج، ولكي يحمي نفسه من الانهيار والكسر كان يبقى ساكناً بلا حراك لساعات طويلة، ويلف نفسه ببطانيات سميكة؛ للحماية من الكسر.
وعندما يضطر للحركة كان لا يتحرك إلا مرتدياً درعاً خاصة تتضمن أضلاعاً من الحديد؛ لحماية أعضائه الزجاجية.
تشارلز السادس
تشارلز السادس
"لست مزهرية لكنني أكثر الرجال بؤساً"
على مدى القرون القليلة التالية، انتشر الوهم في بلاط الملوك والأديرة والجامعات في أوروبا، وفقاً لما ورد في موقع History.
وقد روى ألفونسو بونس دي سانتا كروز، الطبيب الذي عاش في القرن السادس عشر وكان طبيباً لملك إسبانيا، قصة أحد النبلاء الذي كان يعتقد أنه مزهرية زجاجية.
قضى الرجل النبيل معظم وقته مستلقياً على سرير من القش؛ لحماية نفسه من الكسر، وكان بالكاد يتحرك؛ لأنه ببساطة يعتقد أنه مزهرية.
لجأ الطبيب هنا إلى حيلة فأضرم النار بسرير القش وأغلق الباب على الرجل النبيل، الذي ما كان منه إلا أن قفز من سريره وضرب الباب بأقصى ما أوتي من قوة متوسلاً النجدة.
وفتح الطبيب الباب له في نهاية الأمر بعد نجاح الحيلة، وسأله: كيف لم تنكسر بعد أن ضربت الباب بهذه القوة؟
فأجاب النبيل: "لا أعتقد أنني مزهرية زجاجية لكنني فقط أكثر الرجال بؤساً".
قلوب وأضلاع من الزجاج
إحدى حالات "وهم الزجاج" الشهيرة عاشت في أربعينيات القرن التاسع عشر، وكانت هذه المرة أميرة تبلغ من العمر 23 عاماً، وتدعى ألكسندرا أميلي وهي ابنة الملك البافاري لودفيج الأول.
كانت تلك الشابة لا ترتدي إلا اللون الأبيض وتتصرف بغرابة شديدة، إذ كانت تعتقد أنها مصنوعة من الزجاج.
وكانت ألكسندرا تتجول في قصرها سيراً على أطراف الأصابع ولا تسمح لأحد بلمس جسدها؛ خوفاً من أن تنكسر.
ومن المثير للاهتمام أن ألكسندرا ابتدعت قصة حول كيفية تحول جسدها إلى زجاج، إذ تعتقد أنها ابتلعت بيانو زجاجياً كبير الحجم مصنوعاً بالكامل من الزجاج، ولذلك فهي تتجنب أي حركة مفاجئة؛ منعاً لكسر البيانو.
ويعج التاريخ بأمثلة أخرى عن نبلاء وملوك اعتقدوا أنهم يمتلكون قلوباً أو أرجلاً أو رؤوساً زجاجية، وكان من الشائع اعتقاد البعض أن لديهم أردافاً من الزجاج فلا يجلسون إلا مع وسادة مربوطة على أردافهم!
مدار الساعة ـ