لا يمكن أن ترى مشاريعنا الوطنية والاستراتيجية النور ونحن بأمس الحاجة إليها اليوم، دونما أن تكون الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص فاعلة وحقيقية، تترجم على أرض الواقع وبشكل ملموس من الجميع، بعيداً عن الشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
تأكيد جلالة الملك خلال خطاب العرش أمس، على ضرورة تفعيل الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ المشاريع القادرة على جذب الاستثمارات، وتشغيل الأيدي العاملة وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، التي يلمسها الأردنيون من مختلف الشرائح وفي كل مكان ومنطقة ومحافظة على امتداد الوطن، والقادرة على جعل الأردنيين يشعرون بالفرق الإيجابي، جاء لإيمان جلالته وقناعته الراسخة بقدرتنا على تحقيق الأفضل بفعل هذه الشراكة إن فعِلت بالطريقة المثلى والمميزة، والقناعة المطلقة بأن تجاوز التحديات أين كانت لايمكن أن يكون إلا بشراكة الجميع.
مشاريع كثيرة ومهمة وضعتها الحكومة ضمن خطتها للتعافي الاقتصادي من جائحة كورونا، وتنتظر التنفيذ والخروج من غياهب الأدراج ورفوف التخطيط، والتي دائماً ما تصدم وتخذل بسبب غياب التمويل لتنفيذها، لأسباب كثيرة أبرزها حجم تلك المشروعات وغياب الشراكة ما بين القطاعين والتعاون فيما بينها للإستثمار في تلك المشاريع، وهذا ما تسعى إلى تنفيذه الحكومة الحالية من خلال أولويات عملها من خلال طرح كافة مشاريعها على القطاع الخاص والمستثمرين المحليين والأجانب.
اليوم ليس كما الأيام والسنوات الماضية، فتنفيذ تلك المشاريع لم يعد يحتمل رفاهية الوقت لتأخيرها أو تأجيلها، وخاصة أن كافة المؤشرات تؤكد على ضرورة الإسراع في بدء تنفيذها وخاصة المشاريع الكبرى المتعلقة بالمياه سواء مشروع ناقل البحرين، أو الناقل الوطني، لما لهذين المشروعين من دور مهم في الحفاظ على الأمن المائي، والذي بدأنا نشهد آثاراً سلبية وغير مبشرة بسبب تراجع قدرتنا على تلبية الحاجة المحلية منها وخاصة أن الأردن واحد من أكبر خمس دول تعاني من الإجهاد المائي في العالم، لأسباب زيادة النمو السكاني، والانخفاض التدريجي في هطول الأمطار، واستنزاف موارد المياه الجوفية وزيادة الطلب على المياه في مناطق الشمال نتيجة التدفق الكبير للاجئين السوريين.
مشاريع كثيرة اليوم على طاولة الحكومة وفي ملعب الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، أبرزها الحكومة كمشروع سكة الحديد الوطني، واستكمال مشاريع الربط الكهربائي الاقليمي (مصر، فلسطين، العراق)، وتطوير الإنتاج في حقل حمزة النفطي، وتطوير الإنتاج في حقل الريشة، وتنفيذ البريط نظام النقل الذكي لتحسين نوعية خدمات النقل وغيرها وغيرها من المشاريع التي لو نفذت ستساهم في توفير فرص العمل في ضوء ارتفاع أعداد البطالة لدينا.
في النهاية لا نستطيع العبور في مشاريعنا وطموحتنا وآفاقنا إلى بر الأمان، دون شراكة حقيقية ما بين الجميع مواطنين وحكومة وبرلمان وقطاع خاص، غير أننا نعول كثيرا على أن نبني شراكة دائمة ما بين القطاعين تترجم بتنفيذ مشاريع تخدم كل من هو في هذا الوطن الذي يعبر مئوية ثانية بثبات وطموح لا يتوقف.
الرأي