مدار الساعة - في كل موسم من قطاف الزيتون، ينتظر المزارعون تساقط الأمطار بفارغ الصبر ، لاعتقادهم أن “أول شتوة” تحسّن من جودة وطعم الزيت.
ومن المتعارف عليه فيما بين المزارعين وخاصةً القدامى منهم، أن هطول الأمطار لأول مرة على شجر الزيتون يعطي الزيت بعد عصره طعمةً أقلُّ مَرارة، بالإضافة إلى اختلاف لونه وكمية الزيت المحصورة داخل الثمرة.
تناقل العديد من المزارعين هذه الفكرة وتوارثوها فيما بينهم، لتصبح نظرية مؤكدةً بأن “أول شتوة” تؤثر على جودة وطعم زيت الزيتون.
كان المزارع “أبو طلب” أحد المؤكدين على أثر أول شتوة على الزيتون، وقال إنه “عند هطول الأمطار لأول مرة على ثمار الزيتون، تعمل على زيادة نسبة الزيت في الحبة، وعند القِطاف قبل ذلك فإن كمية الزيت تكون أقل ولكن ليس بشكل كبيرة”.
وأضاف لـ”الغد” أن شجر الزيتون يختلف زيته عندما لا تمطر عليه، مؤكدا أن مرارة زيت الزيتون تكون مختلفة نوعا ما، مع الأخذ بعين الاعتبار أن اللون يختلف أيضا.
كثيرون من المزارعين، ينفون ما يتم تداوله حول هذه القاعدة التي يؤكدها ويصدقها آخرون، الأمر الذي أدى إلى تأخير بعض المزارعين قطف الثمار إلى حين أول شتوة.
ونفى المزارع عبد الرزاق، في تصريح لـ”الغد”، أن تؤثر الأمطار فعلياً على جودة ونسبة زيت الزيتون، إلا أنه ومن خلال بعض تجاربه لاحظ أن يمكن للمطر أن يغير بطعم زيت الزيتون فقط، لاسيما أن عند أول شتوة يكون موسم قطاف الزيتون قد مر عليه فترة زمنية جيدة، الأمر الذي أدى إلى نضوج الحبة أكثر وبالتالي زيادة نسبة الزيت بداخلها.
وبين مؤيد ومعارض، تخضع هذه الفكرة إلى التشكيك حول مصداقيتها ومدى صحتها من قبل الكثيرين، حيث خرج رئيس قسم بحوث الزيتون في المركز الوطني للبحوث الزراعية المهندس ابراهيم العمد لينفي ما يتم “تداوله” حول مدى تأثير هطول الأمطار لأول مرة على شجر الزيتون بجودته ونوعيته وطعمه.
وقال العمد في حديثه لـ”الغد” إن هطول الأمطار لا يؤثر على الزيتون بشكل إيجابي، بل إن الهطول يصعّب على آليات عصر الزيتون باستخراجه من الثمرة.
وأضاف أنه “حالياً هنالك تأخر بسقوط الأمطار في الأردن بسبب ظروف التغير المناخي، حيث تصل ثمار الزيتون لمرحلة النضج الكامل (اللون الاسود) قبل سقوط الأمطار”.
ونصح العمد المزارعين من أجل الحصول على زيت بجودة أفضل، إجراء القطاف عند تلون ٦٠-٧٠% من الثمار باللون البنفسجي.
وأكد أنه في حال سقوط كميات من الأمطار قبل فترة الجني بأكثر من اسبوع، فإنها تعمل على زيادة كمية الماء داخل الثمرة ولا تعمل على زيادة كمية الزيت فيها، وبالتالي تؤدي إلى صعوبة استخلاص الزيت من عجينة الثمار داخل المعصرة بسبب تكوين ما يسمى بـ”المحلول الغروي” .
كما أن سقوط الأمطار بنسبة تصل إلى أكثر من (20 ملم )، وقبل أسبوع على الأقل من قطف الثمار، يعمل على تقليل بعض الصفات الحسية المميزة لزيت الزيتون كـ”الشعطة” والمرارة الناتجة عن وجود مضادات الأكسدة أو ما يعرف بمركبات “البوليفنول” داخل الثمرة، حيث أن سقوط الأمطار يعمل على تخفيف تركيزها داخل أنسجة الثمرة كونها من المواد التي تذوب في الماء.
ونوه العمد إلى أنه في حال أراد المزارع زيادة كمية الزيت داخل ثمار الزيتون ننصح بإجراء الري التكميلي للزراعات البعلية خلال أشهر الصيف.
ويمكن إجرائها باستخدام تقنية الري التكميلي بإستخدام البراميل البلاستيكية والتي يعمل المركز الوطني على نشر هذه التقنية من خلال مشروع المدارس الحقلية الممول من المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية “جيدكو”، وفق ما ذكره العمد.
ولفت إلى أن بعض المزارعين يفضل قطاف الزيتون بعد أول شتوة لتقليل نسبة الغبار من على الثمار والأشجار، نظرا لوجود بعض الأشخاص يعانون من مرض “الربو” أو حساسية الجهاز التنفسي.