قال ابن قدامة: صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة ثابتة بسنة رسول الله، وخلفائه والناس أجمعين من بعده وقال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أنها سُنّة مؤكده سنَّها رسولُ الله ﷺ وصلاَّها والخلفاء من بعده وصلاَّها المسلمون من بعدهم طلبًا لنزول الغيث (الماء من السماء) ليقطع الجفاف أو لقضاء حاجة أخرى في نية المصلي، وهي ركعتان تصلَّيان جماعةً بإمام.
وكما هو ملاحظ من سنوات مضت وهذا العام أن نزول الغيث من السماء يتأخر على المسلمين والناس أجمعين وتزداد حاجة الناس للمياه، وكما نعلم أن الماء هو عنصر الحياة لكل مخلوق من مخلوقات الله دون إستثناء حيث قال الله تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (الأنبياء: 30)).
ومن أسباب إنحباس الماء من السماء هو الامتناع عن دفع الزكاة واداء الصدقات، والاستغراق في البخل والالتصاق بالشح، وعدم الانفاق في سبيل الله، وعدم وجود الرحمة بين الناس وإستغلال التجار للناس برفع الأسعار وإحتكار بعض المواد الغذائية والتعامل بالربا (يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (البقرة: 276-279)).. إلخ وقد ورد عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قوله: وما منع قوم زكاة اموالهم إلا منعوا القطر من السماء. لقد كتبنا سابقاً وأوضحنا بشكل جلي، أنه لا يحق لأي مواطن أن يحلل ما حرَّمَه الله كأن يقول أن الحكومة تفرض علينا ضرائب جديدة وترفع علينا ضرائب مفروضه وترفع أسعار المحروقات كما تشاء... إلخ ويحلل لنفسه سرقة كهرباء أو مياه أو غيره.
فنقول لكل مواطن أن الله قال في كتابه العزيز (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ(فاطر: 18)). فعلينا نحن كمواطنين أن نرحم بعضنا البعض فإذا لم نرحم بعضنا البعض فكيف نريد من الحكومة أن ترحمنا. وحقيقة في كثير من الحالات، نجد أن الحكومة أرحم بالمواطنين من بعضهم البعض. فهناك شروط لإستجابة الدعاء سواء أكان للإستسقاء أو لقضاء أي حاجة وقد أوضحها الله في كتابه العزيز (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة: 186)). وحتى يستجيب الله دعاء عباده فعلى عباده أن يسألوا أنفسهم فيما إذا هم مستجيبون لأوامر الله ونواهيه؟!، وهل هم يؤمنون بالله حق الإيمان أم يتخذون من دونه أولياء كما قال (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت: 41)). فإذا إستجاب عباد الله لأوامر الله ونواهيه وآمنوا به حق الإيمان يصبحون من الراشدين فعندها إذا دعوا الله إستجاب لهم وإلا فلا يتوقعون من الله أي إستجابة لأدعيتهم لو دعوه ليلآً ونهاراً أربع وعشرون ساعة.
ورغم كل ما تقدم فنقول لكل أفراد الشعب الأردني عليكم بالإستغفار لله بإستمرار لعل الله يغفر لنا ذنوبنا وينزل علينا القطر من السماء ونغاث نحن والدواب والنبات والجماد وكل مخلوقاته لأنه أرحم الراحمين ولقوله تعالى (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارً، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا، مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (نوح: 10-13)).