وسط اهتمام عالمي متزايد بتطورات وباء كورونا، وما يتم تصنيفه على اعتبار أنه موجة رابعة، يتوقف المتابعون عند محاولات المسؤولين بوزارة صحتنا للتخفيف من حدة المشكلة، والاستمرار في طمأنة الشارع على الأوضاع الوبائية.
فأكثر ما قيل في هذا الصدد، وصف الأوضاع بأنها «مطمئنة»، مع إضافة مصطلح «تدعو إلى القلق» إلى آخر الوصف. حيث يرى المسؤولون أن نسبة إشغال الأسرة المخصصة لمرضى الكورونا في المستشفيات تدعو إلى الاطمئنان، وأن الارتفاع المتصاعد في عدد حالات الإصابة يدعو إلى القلق.
وهي بذلك تحاول أن تتجاهل بعض الحقائق، ومنها التصاعد اللافت في أعداد الإصابات، وبلوغها مستوى كانت تصنفه في مراحل سابقة بـ"الخطير». إضافة إلى أعداد الوفيات التي تزيد عن عشرة في أغلب الأيام، والذي يشكل نسبة لا يستهان بها قياسا بعدد الإصابات اليومي.
لا أحد ينكر على المسؤولين حقهم في توصيف الحالة بالشكل الذي يريدون، شريطة أن تكون اقوالهم متناسقة، ومنسجمة مع بعضها البعض. ومن ذلك التناقض بين تصريحات سابقة تصنف تخطي نسبة الإصابات الإيجابية حاجز الخمسة بالمائة بأنه اقتراب من الخط الأحمر، وبين وصف حاجز الستة بالمائة ـ حاليا ـ بأنه عادي، ومطمئن.
فالأصل أن يتم التعامل مع الوباء على اعتبار أنه عالمي، وأن هناك إجراءات عالمية يجب أن تحتذى، وفي مقدمتها الإجراءات الأوروبية التي تتعامل مع ما يجري على أساس دخول الموجة الرابعة، وأن ما نسبته 75 بالمائة من الإصابات التي تكتشف ـ حاليا ـ هي من نوع «متحور دلتا»، سريع الانتشار وعالي الخطورة. ما دفع بعض الدول الأوروبية إلى اتخاذ قرار بالعودة إلى إلزامية استخدام الكمامة.
عندنا، ما زال استخدام الكمامة إلزاميا من الناحية النظرية فقط، وما زالت الإجراءات الوقائية محصورة بالتصريحات الرسمية. وما زالت نسب التطعيم متدنية. ويبدو أن القرار الوحيد المتخذ في هذا الصدد هو اختصار الفصل الدراسي الأول في المدارس لتصبح العطلة الشتوية أربعين يوما، وتبكير موعد الامتحانات.
وهو الإجراء الذي يعني تأجيل أزمة، وليس حلها، حيث سيعود الطلبة بعد أربعين يوما إلى مدارسهم وسيتعرضون لنفس الظروف التي دفعت الوزارة إلى اتخاذ القرار.
في مجال التطعيم، ما تزال وزارة الصحة ومن معها من مؤسسات عاجزة عن تحقيق اختراق يذكر في صفوف الممتنعين عن التطعيم، سواء أكانوا من كبار السن، أو من فئة الشباب الذين أضيفوا إلى قوائم المطلوب تطعيمهم، تعزيزا للحماية العامة من الوباء.
حجتها في ذلك أنه لا يجوز أن تفرض عملية التطعيم على أحد. لكنها تغفل ـ كما يبدو ـ حق الآخرين في الحماية، والوقاية من العدوى التي سيتسبب بها الممتنعون عن التطعيم.
وبالنظر إلى طلبة الجامعات، والمدارس، فما الذي يمنع الحكومة من وضع شرط التطعيم لمن يسجل مواده الدراسية في الجامعة؟. وما الذي يمنعها من إطلاق حملة توعوية لطلبة المدارس وأولياء أمورهم لتشجيع الحصول على المطعوم؟
Ahmad.h.alhusban@gmail.com
الرأي