انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة أحزاب وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

مترجم: كيف أشعل فوز لينكولن في انتخابات 1860 شرارة الحرب الأهلية الأمريكية؟

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - تداعيات فوز أبراهام لينكولن في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 1860، بعد أن تمكَّن من هزيمة منافسيه هزيمةً ساحقةً في هذه الانتخابات التي كانت منها الحرب الأهلية الأمريكية

أجرت مجلة «هيستوري إكسترا»، التابعة «لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» حوارًا مع ريتشارد كارواردين، مؤرخ ويلزي وأكاديمي متخصص في السياسة الأمريكية والدين إبان الحرب الأهلية الأمريكية، أوضح فيه تداعيات فوز أبراهام لينكولن في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 1860، بعد أن تمكَّن من هزيمة منافسيه هزيمةً ساحقةً في هذه الانتخابات، وكيف وضع هذا الفوز الولايات المتحدة على طريق الحرب الأهلية.
أُجريت تلك الانتخابات يوم الثلاثاء 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 1860، وفاز فيها الحزب الجمهوري بقيادة أبراهام لينكولن ونائبه هانيبال هاملين. وأدَّى انتخاب لينكون إلى انفصال سبع ولايات جنوبية على الفور، وتشكلت الكونفدرالية في فبراير (شباط) 1861، قبل تولي لينكولن منصبه.
ثم تسبَّبت قرارات أخرى اتَّخذها لينكولن في انفصال أربع ولايات جنوبية أخرى وانضمامها إلى الكونفدرالية التي اتَّخذت من مدينة مونتغومري بولاية ألاباما عاصمة جديدة لها. وبدأت المناورات العسكرية بين الكونفدرالية الجديدة والولايات المتحدة، والنزاعات حول الحصون الأمريكية في الأراضي الكونفدرالية، وأدَّى ذلك إلى الهجوم على فورت سمتر، الذي مثَّل شرارة البداية للحرب الأهلية التي استمرت حتى عام 1865.
الأجواء السياسية التي مهَّدت الطريق لانتخابات 1860
في بداية الحوار، أوضح المؤرخ أنه منذ صياغة الدستور الفيدرالي الأمريكي لعام 1787، كانت قضية العبودية سببًا في نزاع سياسي. وتبنَّى عديدٌ من الولايات الشمالية قوانين تحرير العبيد، بينما كانت الولايات الجنوبية في حاجة شديدة إلى عمَّال من العبيد، لتلبية احتياجات التكنولوجيا الجديدة من الأيدي العاملة وزيادة الطلب الدولي على القطن آنذاك.
وانتشرت الزراعة المتخصصة الموجَّهة للتصدير (نوع من الزراعة التجارية يزرع فيها محصول واحد طوال العام، وتتطلب أعدادًا كبيرة من العمالة ورأس المال) من الولايات الأطلسية إلى منطقة الخليج. ونتيجةً لذلك، زادَ عدد العبيد إلى 4 ملايين بحلول عام 1860.
وفي عام 1820 ومرةً ​​أخرى في عام 1850، أدَّت تهديدات الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب إلى التوصُّل إلى حل وسط، لكن التعنت المتزايد، وإحساس كل فصيل بتفوقه الأخلاقي والاجتماعي، جعل التسوية السياسية أمرًا بعيدَ المنال.
أهمية الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 1860
يوضح المؤرخ أن فوز أبراهام لينكولن في هذه الانتخابات أدَّى إلى تغيير العلاقة إلى الأبد بين الحكومة الأمريكية ومؤسسة العبودية. ولم يكن لينكولن أول مرشح رئاسي يتبنَّى برنامجًا انتخابيًّا مناهضًا للعبودية، إذ شعرت أحزاب الأقليات بالقلق من تزايد ترسيخ العبودية في المزارع، ولذلك دعَمَت أنصار تحرير العبيد في كل انتخابات رئاسية منذ عام 1840. لكن نقطة التحول الحقيقية جاءت عندما انتصر مرشح مناهض للعبودية لأول مرة في تاريخ الجمهورية الأمريكية.
وأدَّى فوز لينكولن بالانتخابات إلى انسحاب ولاية ساوث كارولينا من الاتحاد. وفي غضون شهرين انضمَّت إليها سِتْ ولايات جنوبية أخرى لتشكيل كونفدرالية مستقلة. وكان ذلك قبل تنصيب لينكولن بصفته الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية في 4 مارس (آذار) 1861.
مَنْ هم الجمهوريون في ذلك الوقت؟
يجيب المؤرخ على هذا السؤال قائلًا: على غرار جميع الأحزاب السياسية، تشكَّل التنظيم الجمهوري الجديد من ائتلافات. وظهرت العناصر المكوِّنة لهذا التنظيم من أحزاب مزَّقتها سياسات منتصف خمسينات القرن التاسع عشر؛ إذ خلَّفت هذه السياسيات فراغًا سياسيًّا بعد تدمير حزب اليمين (Whig Party) وإضعاف الحزب المنافس له: (الديمقراطيين).
واقترح السيناتور الأمريكي ستيفن أ دوجلاس، وهو ديمقراطي من ولاية إلينوي، قانون كانساس – نبراسكا لعام 1854، الذي فتح أمام المستوطنين الجدد لإقليم كانساس الذين كانوا يريدون الاحتفاظ بالعبيد (على أساس أن لكل مستوطن الحق في إحضار ممتلكاته إلى الإقليم، بما في ذلك العبيد) منطقة شاسعة عبر نهر المسيسبي كانت تُعد في السابق مقتصرًا على العمالة الحرة.
وانفجر الغضب في الشمال على وجه السرعة، وأدَّى إلى تحالفات «مناهضة لنبراسكا» على مستوى الولاية من الديمقراطيين الساخطين وأعضاء حزب اليمين المناهضين للعبودية وأعضاء «حزب الأرض الحرة» المستقلين ودعاة الإلغاء الكامل للعبودية. وفي الوقت نفسه، أدَّى تدفق المهاجرين إلى إقليم كانساس، وكثير منهم من الكاثوليك، إلى رد فعل عنيف من السكان الأصليين للإقليم؛ مما أدَّى إلى زيادة التوترات السياسية.
ومعارضة الحزب الجمهوري الناشئ آنذاك لتمديد العبودية كانت بمثابة الآصرة السياسية التي جمعت بين جميع عناصره. وبحلول عام 1860 تبنَّى الحزب الجمهوري صاحب أيديولوجية «الأرض الحرة، والعمالة الحرة، والرجال الأحرار» الملكية العائلية للمستوطنين الغربيين وتعريفات حمائية وشق خط سكة حديد وسط المحيط الهادي.
وقالت صحيفة «ذا ريببلكان (The Republican)» التي تتخذ من مدينة سبرينجفيلد بولاية ماساتشوستس مقرًا لها إن قوة الجمهوريين آنذاك كانت تكمن في «طبقة المصالح المتوسطة الكبرى»، وهي طبقة تتكون من رجال «يعملون بأيديهم، ويعيشون ويعملون باستقلالية، ويضعون الأسس والأركان التي يقوم عليها المنزل والعائلة، والمزرعة والمصنع، والتعليم والحرية».
لقد لعب الجمهوريون دور حزب الضمير، وعلى هذا النحو نجحوا في جذب فئات كثيرة والحصول على دعم المجتمعات المؤثرة من المهاجرين البروتستانت والراديكاليين، وبخاصة الألمان.
لماذا رشَّح الحزب الجمهوري لينكولن في تلك الانتخابات؟
أفاد المؤرخ بأن القادة الجمهوريين اجتمعوا في شيكاغو في مايو (آيار) 1860 لاختيار مرشح رئاسي. وكان الاهتمام منصبًا على السيناتور ويليام إتش سيوارد، الحاكم السابق لنيويورك. لكنه كان معروفًا عنه التطرف في السياسة، واتضح ذلك في خطاب له صوَّر فيه الصراع بين العبيد والمجتمعات الحرة على أنه «صراع لا يمكن كبح جماحه»؛ مما أثار حوله الشكوك في أذهان كبار الجمهوريين.
لكن أنصار سيوارد تنفسوا الصعداء بسبب المعوقات التي تقف في طريق معظم منافسيه. إذ كان إدوارد بيتس من ولاية ميسوري محافظًا للغاية، وكان سايمون كاميرون من ولاية بنسلفانيا فاسدًا للغاية، وكان قاضي المحكمة العليا جون ماكلين طاعنًا في السن، وكان سلمون بي تشيس من ولاية أوهايو راديكاليًّا للغاية. لكن سيوارد لم يضع في الحسبان الحصان الأسود؛ أبراهام لينكولن.
كانت نقاشات لينكولن مع ستيفن دوغلاس التي جرت سبع مراتٍ أمام الجمهور في مدن وبلدات مختلفة في إلينوي في عام 1858 (كان موضوع المناظرات الرئيس قضية العبودية)، سببًا في الاهتمام الوطني به، وأكسبه ذلك احترام الناخبين المناهضين للعبودية. وصرح أحد الصحافيين قائلًا: «إنه أعظم رجل منذ القديس بولس. ولم يحدث من قبل أن ترك شخص مثل هذا الانطباع في جمهور نيويورك من أول وهلة مثلما فعل هو».
سبب انقسام الحزب الديمقراطي
يلفت المؤرخ إلى السبب قائلًا: كان الديمقراطيون متحمسين للتوسع، وكان يجب عليهم – باعتبارهم حزبًا وطنيًّا – أن يضعوا سياسة للأراضي الغربية من شأنها أن توفِّق بين الطموحات المتضاربة لحزب الأرض الحرة والمستوطنين الداعمين للعبودية.
وكانت الصيغة التي تبناها ستيفن دوغلاس بشأن «السيادة الشعبية»، والتي تسمح للمستوطنين بالتصويت المحلي على مشروعية العبودية في أراضيهم، سببًا في سعادة الديموقراطيين في الشمال والجنوب لبعض الوقت. لكن هذه الصيغة كانت غامضة، إذ لم تستطع إنقاذ البلاد والعباد من الحرب الأهلية بين المستوطنين المؤيدين للعبودية والمستوطنين ذوي الأراضي الحرة في كنساس «النازفة» أو رضوخ الرئيس جيمس بيوكانان لمؤيدي دستور مؤيد للعبودية هناك.
وتخلى الجنوبيون ذوو النفوذ عن السيادة الشعبية، وشجعهم على ذلك القرار التاريخي للمحكمة العليا في قضية العبد الأسود دريد سكوت (أعلنت المحكمة أن حقوق ملكية العبيد حقوق مقدسة)، وبدأت الدعوة إلى الحماية القانونية الفيدرالية للعبودية في الأقاليم. وشهدت المؤتمرات الوطنية المشحونة بالحزب انقسامًا حول قضية قانون العبيد الفيدرالي.
لينكولن والجنوب
أشار المؤرخ إلى اندلاع حالة من التوتر في الجنوب بسبب صعود حزب مناهض للعبودية في خريف عام 1859 بعد محاولة غير مشروعة من جانب جون براون، المناصر لإلغاء الرق، لتحريض العبيد على الثورة من خلال الاستيلاء على مستودع الأسلحة الفيدرالي في بلدة هاربرز فيري بوية فيرجينيا.
وندَّد زعماء الجنوب المذعورون بـ«الجمهوريين السود» واصفين إياهم بأنهم محرضون على ثورة عنصرية. لكن الجمهوريين قدَّموا أنفسهم على أنهم حزب وطني حقيقي مخلص لنوايا مؤسسي الأمة ولمصالح البيض غير العبيد في الجنوب.
وقدَّم حزب لينكولن مرشحين في بعض أقاليم العبيد الحدودية، وحصل لينكولن نفسه على عدة آلاف من الأصوات في ولايات العبيد الحدودية مثل ولايتي ميزوري وديلاوير، لكنه لم يخاطر بالترشح في ولايات الجنوب السفلي، ولم يترشح أي جمهوريين فيها.
هل أهدى انقسام الديمقراطيين الانتخابات للجمهوريين على طبقة من فضة؟
نوَّه المؤرخ إلى أن لينكولن فاز بالرئاسة بنسبة 40 في المئة فقط من الأصوات الشعبية، أي بنسبة أقل من 7٪ من مجموع أصوات منافسيه الديمقراطيين. لكن انقسام الديمقراطيين في حد ذاته لم يؤدِ إلى انتصار الجمهوريين؛ إذ حصل لينكولن على أغلبية واضحة في جميع الولايات الحرة تقريبًا.
كما سيطر لينكولن بسهولة على المجمع الانتخابي، حيث حصل على 180 صوتًا مقابل 72 لبريكينريدج و12 لدوجلاس، و39 لجون بيل. والعامل الأكثر أهمية من انقسام الديمقراطيين في تمهيد الطريق لانتصار لينكولن كان نجاح الجمهوريين في الضغط على حزب الاتحاد الدستوري الذي كان يتزعمه جون بيل في الشمال السفلي.
هل سوَّغ انتخاب لينكولن انفصال الولايات الجنوبية؟
أوضح المؤرخ أن آكلي النار (مجموعة من الديمقراطيين المؤيدين للعبودية) من القوميين الجنوبيين تحركوا بسرعة لحشد الدعم بهدف الانفصال عن الاتحاد الذي انتخب «جمهوريًّا أسودًا» في تصويت طائفي بحت. واعتقد الجنوبيون البيض أن أحد دعاة تحرير العبيد بعد أن وصل إلى البيت الأبيض فإنه سيستخدم صلاحيات الحكم لإحداث الثورة التي استعصت على جون براون.
ومن جانبهم حذَّر المحافظون الجنوبيون من اتخاذ إجراءات متسرعة تنبعث من الذعر والغطرسة. وبعدما حملت ساوث كارولينا لواء الانفصال، قال جيمس بيتيغرو إن هذه الولاية صغيرة جدًّا لكي تكون جمهورية، لكنها كبيرة جدًّا لكي تكون مستشفى أمراض نفسية.
وأشار مالكو العبيد الحكماء إلى أن الجمهوريين لم يشكِّلوا خطرًا مباشرًا على الجنوب: فالحزب لم يسيطر على الكونجرس ولا المحكمة العليا، ولم يكن لينكولن على أي حال من دعاة تحرير العبيد المتشددين. لقد كانوا محقين في الحكم على الانفصال الفوري بأنه مسار أكثر خطورة بكثير من انتظار عمل عدواني صريح من الإدارة الجديدة في واشنطن.
غير أن الراديكاليين الجنوبيين استغلوا الظروف واستمروا في ذلك، وضربوا على وتر المخاوف من أن يضع الرئيس الجديد أصحاب المناصب الفيدرالية في ولايات العبيد، وذلك بهدف إحداث ثورة سياسية وعنصرية في جميع أنحاء المنطقة.
ما الدور الذي لعبته نتيجة الانتخابات في اندلاع الحرب الأهلية؟
ألمح المؤرخ إلى أن انفصال الجنوب وقع لأن لينكولن، بدعم من غالبية الشماليين، رفض الاعتراف بالحق الدستوري لأي مواطن في الانسحاب من الاتحاد. وكشفت انتخابات عام 1860 عن مدى الانقسام الهائل بين الشمال والجنوب.
وقد زادت هذه الهوة عمقًا منذ أن أدى ضم تكساس (أصبحت ولاية أمريكية عام 1845) والتنازل المكسيكي (نتيجة للحرب المكسيكية الأمريكية التي استمرت من 1846 حتى 1848) إلى إثارة تساؤلات أساسية حول وضْع العبودية في عمليات الاستحواذ الجديدة. وبلغ الخلاف السياسي ذروته في انتخاب عام 1860.
ومهما كانت الادِّعاءات التي قدمتها الكونفدراليات، لم تكن أزمة الاتحاد 1861-1865 تتعلق بـ«حقوق الولايات»، ولكن بالتهديد الواضح لسلطة ولايات العبيد، كما يقول المؤرخ.
اختتم المؤرخ حواره مشددًا على أن الإجابة على هذا السؤال لم يشرحها أحد أفضل من لينكولن نفسه، إذ قبل شهر من اغتياله قال: إن العبيد «يشكلون مصالح خاصة وقوية. وكان الجميع يعلم أن هذه المصالح كانت – بطريقة أو بأخرى – سببًا في الحرب. وكانت تقوية هذه المصالح وإدامتها وتوسيعها الهدف الذي سعى من أجله المتمردون إلى تمزيق الاتحاد؛ حتى وإن وصلت الأمور إلى اندلاع الحرب. بينما لم يكن أمام الحكومة سوى تقييد التوسع الإقليمي لهذه المصالح». وكانت انتخابات عام 1860 محور هذه القصة.
ساس بوست
مدار الساعة ـ